أسرار تفكيك عصابة الهجرة غير الشرعية بعد ترحيلهم من ميلانو

منى ‬ربيع
مازال بعض النصابين والمجرمين يداعبون عقول الشباب ومن لديهم أحلام السفر والهجرة للخارج للفوز بالمال، أو تحقيق حلم الثراء السريع، وعلى الرغم من سقوط الكثير من تجار البشر والهجرة غير الشرعية، إلا أنه مازال حلم السفر والهجرة يراود الكثيرون، لذلك يقعون ضحية لهؤلاء من معدومى الضمير وتجار الأحلام.
وعلى الناحية الأخرى، مازال رجال الامن من مكافحة جرائم الإتجار بالبشر يحاربون تلك الجماعات المنظمة، والعمل على القبض عليهم وتقديمهم للعدالة ومحاكمتهم امام دوائر الإتجار بالبشر؛ لينالوا جزاءهم العادل، وهذا ماحدث مع عصابة الهجرة غير الشرعية، والتى استولت على مئات الآلاف من مجموعة من الشباب بمحافظة الشرقية لتسفيرهم إلى ايطاليا عبر ليبيا، إلا أن كل مخططاتهم فشلت ليتم القبض عليهم، وتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية لينالوا جزاءهم.
تعود وقائع القضية إلى نهاية شهر أكتوبر من عام 2022،عندما قرر محامى من محافظة القاهرة وستة اشخاص آخرين تكوين تشكيل إجرامى هدفه تهريب المهاجرين مقابل مبالغ مالية، حيث هرب المتهمون السبعة المهاجرين بطريقة غير مشروعة وبغرض الحصول على كسب مادى مبالغ من المهاجرين والذين بلغ عددهم 9 أشخاص؛ حيث دبر المتهمون انتقالهم من جمهورية مصر العربية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وقد كانت تلك الجريمة ذات طابع عبر وطنى على النحو المبين بالتحقيقات.
قاموا بتأسيس وتنظيم وإدارة جماعة إجرامية منظمة الغرض منها تهريب المهاجرين من جمهورية مصر العربية إلى دولة ايطاليا من أجل الحصول على مكاسب مادية، مما ترتب عليه أن المتهمين قد ارتكبوا الجناية المنصوص عليها بالمواد 1 / 1، 3،4، 8، 10 ، 2 ، 4، 5، 6 / 2 بند 2 ،3 ، 5 ، 7 / 1، 5 ، 9 من القانون رقم 82 لسنة 2016 المعدل بالقانون رقم 22 لسنة 2022 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين.
هوية العصابة
وقد جاء في أوراق التحقيقات اتهام النيابة العامة لكن من عاطف .ط عامل، و حسين .ك عامل، و رضا .ا بدون عمل، وعلى .ر طالب، وحسين . ص محامى، ومحمد .ج بدون عمل، واسلام . ج بدون عمل، بإدارتهم للجماعة المنظمة وذلك في القضية رقم 16459 لسنة 2022 جنايات النزهة والمقيدة برقم 5130 لسنة 2022 كلى شرق القاهرة.
أدلة الثبوت وأقوال الشهود في تلك القضية حملت الكثير من التفاصيل الهامة والتى اوقعت بالمتهمين في ايدى العدالة؛ حيث أكد السيد .ع يبلغ من العمر 42 سنه وهو مالك مخبز سياحى بالشرقية، انه منذ فترة كان يسعى للهجرة لايطاليا حتى تعرف على المتهم الاول عاطف والذى أقنعه بأنه يستطيع مساعدته في الهجرة وتدبير كافة الإجراءات للهجرة إلى ايطاليا بطريقة غير شرعية مقابل مبلغ مالى مائة وعشرون ألف جنيه.
وأضاف السيد، وهو الشاهد الاول في القضية انه باع المخبز الذى يملكه حتى يوفر المبلغ المطلوب منه ليعطيه للمتهم الاول وكانت البداية أنه التقى مع بعض الاشخاص في القاهرة، ومنها سافروا إلى السلوم حيث التقى بمجموعة آخرين، ومنذ البدء في تجميعهم اخذوا منه هاتفه المحمول وكافة الأوراق، ومن السلوم مكنوه من دخول دولة ليبيا عبر الدروب الصحراوية ومنها حاولوا تسهيل هجرته إلى ايطاليا بحرًا، وذلك عن طريق مركب صيد غير معدة لذلك، لكن السلطات الإيطالية ألقت القبض عليه وترحيله إلى مصر.
ثمن الرحلة
فيما اكد شريف .اعامل بأحد المصانع أن لديه اسرة وطفلين وكان يريد السفر بأي وسيلة، وتقابل مع المتهم الثانى والذى اخبره بأنه يمر بضائقة مالية ويريد السفر للعمل في الخارج واخذ يقنعه بأنه يستطيع أن يوفر له فرصة سفر إلى ايطاليا، واخذ يقنعه بالهجرة غير الشرعية، وان هناك كثيرًا من الشباب تم تسفيرهم بتلك الطريقة ونجحت، لدرجة أنه جعله يتحدث مع اشخاص في ايطاليا تم تهريبهم بطرق غير مشروعة، واتفق معه على أن يعطيه مبلغ 150 ألف جنيه مقابل انهاء الإجراءات، وباع شريف نصيبه في قطعة ارض يمتلكها وذهب اليه ليعطيه المبلغ المالى في القاهرة، وهناك تقابل مع محامى واخذوا يتفقون على كافة الإجراءات حيث سكنوا في احدى الشقق في منطقة النزهة، ومنها سافروا إلى السلوم وعبر الدروب الصحراوية تم تسفيرهم إلى ليبيا، وهناك مكثوا في احدى الغرف وبعدها استقلوا مراكب صيد إلى ايطاليا إلا أن السلطات الايطالية ألقت القبض عليهم ورحلتهم إلى مصر.
الشهود السبعة الآخرون لم تختلف حكايتهم أو دوافعهم عن الاول والثاني فجميعهم باعوا كل مايملكون مقابل تحقيق حلم زائف وهو الهجرة إلى أوروبا وتحديدًا ايطاليا، لكنهم اصطدموا بواقع مرير وهو الاهانة والحبس في اماكن غير آدمية وكذلك الترحيل قبل الوصول وما شعروا به من خوف ورعب وقلق من المجهول.
تحريات الشرطة
انتهت شهادة الشهود حول الواقعة، وجاءت تحريات رجال الامن حيث اكد ح.ع مفتش بإدارة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ان تحرياته توصلت إلى ضلوع المتهمين وآخرين في تكوين جماعة إجرامية منظمة تخصصت في استقطاب ونقل وتهريب راغبي الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية عن طريق تهريبهم عبر الدروب الصحراوية إلى الاراضي الليبية انطلاقًا من مدينة السلوم، وكذا عبر المنافذ الشرعية للبلاد ميناء برج العرب الجوى ومنفذ السلوم البرى وربطهم بأحد المهربين الليبيين لتجميعهم بدولة ليبيا وإعداد مراكب صيد غير آمنة أو مؤهلة لنقل الاشخاص عبر البحر المتوسط إلى الدول الأوروبية مقابل مبالغ مالية تتراوح مابين 100 و150 الف جنيه مصري عن كل مهاجر مستغلين حاجتهم للحصول على فرصة عمل بالدول الأوروبية معرضين حياتهم للخطر.
وقد ثبت للنيابة العامة أنه بعرض مستخرج الاحوال المدنية المثبت به صور المتهمين على الشهود تعرفوا عليهم جميعًا لتقرر النيابة العامة إحالة المتهمين لمحكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد الجندى وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد احمد صبري يوسف والتى أصدرت حكمها أنه بعد الاطلاع على المواد 304 و313 و384 من قانون الإجراءات الجنائية، اصدرت المحكمة حكمها بمعاقبة المتهم الاول والثانى والثالث والرابع والخامس والسادس بالسجن لمدة 10 سنوات وتغريمهم مليون جنيه، كما اصدرت حكمها على المتهم ا، ج المتهم السابع بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه مليون جنيه وألزمته بالمصاريف الجنائية، كما ألزمت المحكمة المتهمين جميعًا بنفقات إعادة ترحيل جميع المجنى عليهم من دولة ايطاليا إلى مصر.
اقرأ أيضا : ضبط صياد وزوجته بتهمة غسيل أموال الهجرة غير الشرعية