حين تراقب ما تفعله شابة مؤمنة بالحياة ومفعمة بالأمل من أجل نشر الثقافة والفنون فى قريتها ندرك أن الإيمان بالقيمة يمكنه صنع المستحيل، وهذا ما فعلته آيات عبد الدايم التى حاورتها الأخبار قبل عام، وهى فى خطواتها الأولى لتأسيس مركز «جروان» للثقافة والفنون. كانت «آيات» قد انتهت من دراسة «دبلومة» التنمية الثقافية، وتتطلع إلى تقديم خدمة ثقافية لقريتها فى محافظة المنوفية، والقرى المجاورة، خاصة للأطفال المحرومين من مثل تلك الخدمات الأساسية، والمشاركة فى تنمية شاملة فى منطقتها بما فيها من قرى ومراكز. وقد روت لنا ابنة مركز «جروان» عن طفولتها فى القرية، والتى عاشت فيها حرمانا من كل الخدمات الثقافية، فأرادت أن تحقق لأطفال قريتها ما حرمت منه، وتابعنا أحلام «آيات» خطوة بخطوة وهى تكبر، منذ حولت مقر التنمية المحلية فى قريتها إلى مكتبة بالمشاركة مع المركز القومى لثقافة الطفل، وعدد حاشد من الجهات والأشخاص الذين تبرعوا بالكتب إلى المكتبة، حتى دعتنا إلى الاحتفال الذى أقيم الأسبوع الماضى بمناسبة مرور عام على بدء أنشطة المركز الثقافى، فى يوليو 2022، شارك أهل «جروان» وبعض القرى المحيطة فى الاحتفال بمرور عام على التأسيس بحضور تجاوز ألف زائر فى ساحة كبيرة أمام المركز، لتنتشر الفرحة قبل العيد فى القرية، وقد تضمن الاحتفال عروض حكى وأراجوز وعرض مهرج، وورشاً طباعة على القماش، وتشكيلات ورقية، ومعارض للأشغال اليدوية و«الإكسسوارات» التى صنعها الأطفال، وجرى تكريم المتطوعين بشهادات تقدير مقدمة من المركز القومى لثقافة الطفل.. وقد شهد المركز زيارات خلال العام تتخطى 600 زائر واستعارات لكتب الأطفال تتخطى 6300 استعارة للأطفال، و530 للكبار، وكذلك شهد المركز أنشطة متعددة منها ما هو متعلق بالتوعية الصحية والتوعية ضد التحرش، وما هو متعلق بالنشاط الثقافى المباشر مثل إقامة 44 جلسة حكى للأطفال، ومحاضرات تبسيط للتاريخ، ورحلة إلى أهرامات الجيزة ممولة بالتبرعات، وزيارة بعربة كتب إلى عزبة مجاورة، وإنتاج مسرحية بعنوان «ملكة جمال الخضروات» وإنتاج عرض «نص العمى»، وإقامة دورة لتعليم الرسم، ودورة لتعليم الخط العربي. حلم يتحول إلى حقيقة بجهد فردى قائم على التطوع ينافس عمل مؤسسات كبرى تملك الإمكانيات ولا تفعل شيئا يذكر، وكان تكليل هذا الجهد والإصرار هو فوز المركز بجائزة الأفكار المقدمة من جمعية نهضة المحروسة، وكذلك فازت فكرة مشروع التمكين الاقتصادى لسيدات القرية، التى ذكرت آيات فى حوارنا السابق معها بأنها حلم كبير بالنسبة لها، بالمركز السابع فى جوائز مسابقة مصنع الأفكار المقدمة من مؤسسة الوليد الإنسانية ومنظمة أشوكا الوطن العربي، ومدرسة ابتكار خانة. خطوة أولى للمركز تحمل نجاحا كبيرا لمشروع شابة قروية خرجت للعاصمة، وتعلمت وسعت لتطوير إمكانياتها من أجل تطوير محيطها، فعادت لتقدم مشروعها الثقافى وتواجه الصعوبات والتحديات وكذلك المساهمات من جهات عديدة حكومية وخاصة مثل: المركز القومى للترجمة والهيئة العامة للكتاب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، المجلس الأعلى للثقافة، بيت الحكمة ودار مرح، دار حياة ومكتبة الكتبجية، كما أن وزارة الثقافة تبنت مبادرة تتخذ من مركز جروان نموذجا لتعميمه على قرى مصر من خلال جمعيات العمل الأهلي، وما زال المشروع فى طور الإعداد. سمر نور