ارتفاع طفيف للدولار أمام الجنيه المصري في مستهل تعاملات الأسبوع    مجموعة البنك الدولي: مصر قطعت خطوات جيدة في تطبيق الحياد التنافسي    انخفاض جماعي لمؤشرات البورصة.. خبراء: أزمة الغاز وراء تراجع أداء سوق المال والهبوط مستمر    شولتس يحذر من إغلاق الأسواق الأوروبية أمام المنافسة القادمة من الخارج    الحوثي تعلن استهداف مدمرة بريطانية في البحر الأحمر بصواريخ باليستية    هنية: مجزرة النصيرات تؤكد ضرورة أن يشمل أي اتفاق وقفا دائما للعدوان وانسحابا كاملا من غزة    قصف أمريكي بريطاني يستهدف منطقة الجبانة في الحديدة غرب اليمن    الدنمارك تسعى لاستعادة ذكريات 1992 و2021 في اليورو    منتخب مصر يواجه غينيا بيساو بالأبيض في تصفيات كأس العالم    تحرير أكثر من 500 محضر لمخالفات بالمخابز والأسواق وأنشطة تجارية ببني سويف    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    غدًا افتتاح الدورة 44 للمعرض العام بمشاركة أكثر من 300 فنان تشكيلي    وزيرة الثقافة: كثير من المبدعين والمصممين يشتكون تعرض إبداعاتهم للسطو    وزير العدل يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه بحقوق القاهرة.. تفاصيل    ألف طالب يؤدون امتحانات نهاية العام بالجامعة الأهلية للتعلم الإلكتروني بسوهاج    استقالة الحكومة لن تلغى المشروع الجديد خطة تصحيح مسار الثانوية العامة    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    الكويت تدين الهجوم الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    شكري يتوجه إلى روسيا للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية تجمع بريكس    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جامعتي المنصورة والأنبار (صور )    مايا مرسي: إنشاء متحف المرأة المصرية داخل متحف الحضارة    تصفيات كأس العالم.. منتخب مصر يواجه غينيا بيساو بالزي البديل    "مكاسبه خارج الملعب أكثر".. ماذا نعرف عن أرباح شركة محمد صلاح؟    "الهاتف يرن باستمرار".. وكيل "هدف الأهلي" يتحدث عن: موعد دراسة العروض.. والدوريات التي يرفضها    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    بروتوكول بين «التأمين الاجتماعي» وبنك مصر لتفعيل آليات التحصيل الإلكتروني    وزيرة البيئة تناقش خطة إطلاق مركز التميز الإفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    «التنمية المحلية» تتابع مواجهة الزيادة السكانية في 3 محافظات    زيادة نسبة المحلي.. تفاصيل لقاء مدبولي مع مسئولي مجموعة "العربي"    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    «صورة أرشيفية».. متحف كفر الشيخ يعلن عن قطعة شهر يونيو المميزة    منورة يا حكومة    رمضان عبد الرازق يوضح فضل العشر الأوائل من ذي الحجة    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    الأزهر للفتوى يوضح كيف كان طواف النبي بالبيت الحرام حين القدوم    طريشة تلدغ مسنا بواحة الفرافرة في الوادي الجديد    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    سر تصدر شيرين رضا للتريند.. تفاصيل    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 14 تقريرا إلى الحكومة    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا .. ليست بالصورة التى روجتها طيلة عقود
حديث الأسبوع
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 29 - 10 - 2022

ينبه تقرير حديث لصندوق النقد الدولى صدر قبل أيام قليلة من اليوم، إلى خطورة (تباطؤ النمو الذى سيكون عاما فى القارة الأوروبية هذه السنة) ويتوقع بأن يعرف نصف عدد الدول الأوروبية ما سماه ب (الركود التقني)، هذا يعنى أن وتيرة النمو الاقتصادى ستتراجع -حسب نفس التقرير- إلى نسبة لن تتجاوز 0٫5 بالمائة كمعدل عام، فى حين ستنزل النسبة فى بعض الدول الأوروبية إلى أقل من الصفر، بما ستكون له تداعيات على الناتج الإجمالى الخام فى دول القارة العجوز، الذى سيتهاوى إلى الأسفل وسيطلق العنان لارتفاع العديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية السلبية، كالبطالة وضعف قيمة الاستثمارات العمومية والخاصة وانتشار الهشاشة الاجتماعية، وغيرها كثير .
تقرير صندوق النقد الدولى ليس وحيدا فيما ذهب إليه فيما يخص رصد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى دول القارة الأوروبية، بل تواترت معطيات ومستجدات كثيرة تؤشر على أن الدول الأوروبية تعيش مرحلة من أسوأ مراحل عمرها، فى ضوء التطورات الكبيرة والكثيرة فى العالم، حيث أبدت هذه الدول منسوبا عاليا من العجز فى التعاطى معها، وإيجاد الحلول المناسبة لها، بما يحفظ لها هيبتها وقوتها على التأثير فى مسار الأحداث فى نظام عالمى بالغ التعقيد.
بل إن خبراء اقتصاديين آخرين أكدوا أن الصدمة الاقتصادية الجديدة التى تعرضت لها دول القارة الأوروبية ستكون لها تكلفة غالية جدا، والتى قد تتجاوز حجم الناتج الإجمالى فى دول الاتحاد الأوروبى فى عام 2022 والذى تقدر قيمته المالية ب 175 مليار أورو. ويسجل هؤلاء الخبراء قصور المعالجة الفعلية لهذا التدهور، ويستدلون على ذلك بعجز البنك المركزى الأوروبى على التوفيق بين مكافحة التضخم ودعم النشاط الاقتصادى .
من حيث التفاصيل التى تؤكد حالة اللايقين الاقتصادى والسياسى السائدة راهنًا فى دول القارة الأوروبية، تتجلى العديد من الحقائق الصادمة، التى تكشف عن خواء العديد من القناعات وفراغها من أى محتوى .
الاتحاد الأوروبى الذى كان يقدم نفسه كتكتل اقتصادى جهوى وقارى قوي، ويوحى بالقوة والقدرة على مواجهة التحديات والتصدى للإكراهات، يتضح حاليا أنه ليس بتلك الصورة التى كان يقدم بها نفسه إلى العالم، خصوصا للدول النامية التى كانت تراهن على التعاون الاقتصادى معه، وأنه على غرار كثير من التجمعات الاقتصادية الجهوية فى العالم يعانى من اختلالات بنيوية عميقة جدا تجعله عاجزًا، ليس فقط، على أن يكون فاعلا فى العلاقات الدولية السائدة، بل أساسا على أن يكون مؤهلا للتصدى للتداعيات السياسية والاقتصادية المترتبة عن التطورات المستجدة فى العالم .
لسنا فى حاجة إلى القول بأن معاناة كثير من الدول الأوروبية كبيرة لا تختلف عما تعانيه دول متخلفة كثيرة، فهى عاجزة فى ضوء ما يجرى من أحداث خطيرة على ضمان أمنها الطاقى والغذائى فى بعض الحالات، وأنها لم تسلم من الارتفاعات المهولة فى أسعار العديد من المواد الاستهلاكية، بعدما اتضح أنها دول عاجزة حتى عن إنتاج ما تحتاجه فى الاستهلاك الداخلي. وهى عاجزة أيضا عن التصدى بفعالية إلى ارتفاع معدلات التضخم، ولم تجد من علاج لهذا الداء غير الكي، المتمثل فى رفع سعر الفائدة مما ستكون له تداعيات قوية على الاستثمار وعلى القروض وعلى السيولة المالية بصفة عامة .
سياسيا بدا الاتحاد الأوروبى فى وضعية ملحق للإدارة الأمريكية، حيث تنتظر حكومات دوله اتخاذ القرار فى البيت الأبيض لتسارع إلى تنفيذه بالصيغة المطلوبة، المقصود هنا الحرب التى تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية معززة بالموالاة الأوروبية ضد روسيا فوق التراب الأوكرانى .
واضح أن إدارة البيت الأبيض الأمريكى تصر على قيادة هذه الحرب، لأن الظروف والتطورات سمحت لها بوقف نهائى للتقارب الروسى الأوروبي، الذى تسارعت وتيرته خلال السنوات الأخيرة، كما أنها تعى وتدرك جيدا أن الإبقاء على هيمنتها وتفردها بقيادة النظام العالمى السائد يتوقف على إضعاف روسيا والصين، كقوتين سياسيتين واقتصاديتين تترصدان الفرصة لهدم البنية التقليدية للنظام العالمى السائد، ويستوجب من جهة أخرى لجم دول القارة الأوروبية والإبقاء على الاتحاد الأوروبى كقوة اقتصادية إقليمية محدودة التأثير فى صناعة القرار الدولي، وفى المتغيرات والتحولات الجيواستراتيجية العالمية .
هذا ما تكشف عنه المعطيات الراهنة، فدور دول الاتحاد الأوروبي، خصوصا دول منطقة عملة الأورو يقتصر على تقديم الدعم المالى والعسكرى حينما يطلب منها ذلك، وهى تدفع بسخاء غير مسبوق فى نفس الوقت الذى تواجه فيه صعوبات كبيرة فى ضمان توفير التمويل المالى اللازم، لكن قرار الدفع عند الطلب يتخذ خارج عواصم هذه الدول .
ما حدث فى دولتى السويد وإيطاليا يجب قراءته فى سياقه الحقيقي، فالصعود اللافت لقوى اليمين المتطرف، وفوزها بثقة الناخبين فى الانتخابات التشريعية، يؤشر على إرادة الشعوب الأوروبية فى تجريب قوى سياسية محافظة فى مواجهة التغول الأمريكي، واستعادة التحكم فى القرار السيادى الوطني، الذى انفلت من الداخل الأوروبي. إنها قد تكون حالة تمرد على السياسات الأوروبية فى العديد من المجالات خصوصا فيما يتعلق بالمصالح الأوروبية فى الخارج .
يبقى التساؤل فى الأخير عما إذا كانت دول القارة الأوروبية ستستفيد من دروس الحرب على أوكرانيا، وهى كثيرة ومتعددة، بأن تتحول إلى فاعل جيواستراتيجى حقيقى يتمتع بقوة التأثير والردع حينما يتطلب الأمر ذلك، أم أنها ستستمر بالقبول بدور الموالى والتابع لقوة عالمية مهيمنة؟ وهل ستبحث عما يضمن لها أمنها الطاقى والغذائي، أم أنها ستستمر فى التعويل على دول أخرى كثير منها بعيد ومرشح فى أية لحظة للصدام مع الغرب، فى تلبية حاجياتها الاستهلاكية الأساسية؟
إنها محطة مكاشفة حقيقية لدول ظلت تدفع بما لا تملكه من قوة، ولحظة امتحان عسير حقيقى سيكون لها ما بعدها .
نقيب الصحفيين المغاربة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.