أين كنا وكيف أصبحنا، وكيف تمكنت مصر من بث روح الأمل والتفاؤل، بعد أن كانت مرشحة للانهيار، وقدر أعداؤها أنها لن تقف على قدميها إلا بعد 30 عاماً؟ 30 عاماً هى زمن الحروب الدينية فى أوروبا، التى أنهكت قوى كل الدول، وقضت على الرجال والشباب، ودفعت الدول إلى قبول صيغ الصلح، حتى لو كانت تنتهك سيادتها. يطلقون على ذلك «صلح المهزومين»، فلا يجدون أمامهم سبيلاً إلا الجلوس في غرف التفاوض، لا منتصر والكل مهزوم. سلسلة صراعات دينية فرقت أوروبا، بدأت بألمانيا ثم توالى اشتراك الدول فيها، كانت صراعاً دينياً بين الكاثوليك والبروتستانت ثم انقلبت إلى صراع سياسى، وخرجت ألمانيا فى حالة يرثى لها، وخلفت وراءها خراباً شاملاً. وجاء «الربيع العربى» حاملاً ملامح وأوصاف حرب الثلاثين عاماً، بدأ بإحياء الجماعات الدينية، ودخولها فى حروب دموية ضد دولها وشعوبها، ثم انقلبت إلى مطامح سياسية للاستيلاء على الدول المستهدفة. واستطاعت مصر بفضل شعبها وجيشها ورئيسها والمولى عز وجل قبل كل شيء.. أن تفلت من المصيدة الجهنمية التي أرادت بها شراً. مصر الآن قوية وفتية ومتعافية، تنفض عن جبينها بقايا الإرهاق والتعب، واستردت مكانتها بين الأمم، ويستعيد شعبها مجده وكبرياءه، بعد أن تطاول عليه الصغار، شامتين من فقره ساخرين من مشاكله، متصورين أن إضعاف مصر قوة لهم، دون أن يفهموا أن هذا الشعب يموت جوعاً ولا يفرط فى كرامته، وأن الأدوار لا تباع ولا تشترى، وإنما بالمخزون الحضارى الهائل لهذه الأمة. مصر تسابق الزمن لحياة كريمة لشعبها، هى أيضاً الرابضة فى ميادين الوعى والتنوير، تحميها قوتها الناعمة من غلواء التطرف والانغلاق، فحاولوا ضرب تميزها الثقافى والفنى، والتفوا خلف طوابير، لكنها الآن تبحث عن ذاتها وتسترد أمجادها. أين كنا وكيف أصبحنا؟ وكيف استطاع الرئيس أن يبعث فى بلده ومواطنيه روح التحدى والإصرار والعزيمة؟ كلمة السر كانت «مصر» بتاريخها وحضارتها وثقافتها، وكل معانى العزة والكرامة والكبرياء، ومن يطرق هذا الباب السرى لا يخطئ أبداً الطريق، وعمودها الفقرى هو الإنسان صانع الحضارات والمعجزات. ثمانى سنوات لم تضع فيها دقيقة واحدة إلا فى العمل الشاق ليل نهار، مدن ومزارع ومصانع وطرق وكبارى وأنفاق، واستجاب الله لدعاء المصريين، الذين التفوا حول الرئيس وتحملوا معه الصعب، لأنهم يشاهدون بأعينهم أن مصر تتغير إلى الأحسن، وتنهض وتقف على قدميها، وتبنى قوتها الذاتية، ولا تمد يدها لأحد، وتفعل ذلك بكرامة وكبرياء.
