لا أعتقد أن إطلاق فيلم «كيرة والجن» للعرض الجماهيرى فى 30 يونيو جاء من قبيل المصادفة، بل هواختيار تم بوعى ويقظة، ليربط الماضى بالحاضر، ويؤكد أن مصر ظلت مستهدفة على مدى التاريخ، من احتلال إلى عدوان ثم إخوان، وأنها ببسالة أولادها نجحت فى التصدى لكل هذه الجحافل التى مرت عليها، وانتصرت فى معاركها لتحقق استقلالها وتدافع عن هويتها، فاذا كانت ثورة 30 يونية قد أعادت لمصر روحها ووحدت المصريين على هدف واحد لإسقاط حكم الإخوان، فان فيلم «كيرة والجن» قد أعادنا لمشاهد البطولة والمقاومة التى حدثت قبل أكثر من قرن من الزمان، لنستعيد تاريخا من النضال فى مواجهة المحتل البريطاني، لأبطال حقيقيين ربما لم يسمع الكثيرون عنهم، ولايعرف أحد بقدر التضحيات التى قدموا فيها أرواحهم وسمعتهم أيضا ، والدماء التى سالت حتى تحقق النصر وغادر المحتل أرض بلادنا بعد أن بقى فيها منذ عام 1882 وحتى غادر آخر جندى بريطانى عن مصر عام 1956، ليتلامس الفيلم بشكل كبير مع معركة المصريين فى 30 يونية ما يجعلنا نقول، ما أشبه اليوم بالبارحة. يبدأ الفيلم الملحمى من حادث «دنشواى» «وقع أيضا فى يونية - من عام 1906الذى فجر غضب المصريين بكل طوائفهم ، ليشكل سبعة منهم جبهة للمقاومة يتقدمهم احمد عبد الحى كيرة «كريم عبد العزيز» الذى شهد إعدام والده فى دنشواي، وينجح فى ايهام الجميع بأنه يعمل مع الإنجليز مما يعرض طفله لسخرية أقرانه ، بينما يأتى مشهد النهاية وقد صار الطفل شابا «- يؤدى شخصيته كريم محمود عبد العزيز»- بينما الرئيس جمال عبد الناصر يعلن بفخر وسط فرحة المصريين فى 18 يونية 1956بمغادرة آخر جندى بريطانى أرض مصر لتطوى صفحة الاحتلال الأكبر فى تاريخها، بينما البطل عبد القادر الجن «أحمد عز» يحتضن إبن صديقه فى زهو. مابين مشهد البداية والنهاية مايحتاج إلى صفحات، عن التميز الكبيرالذى قدم به الفيلم وشهد تفوقا لكل عناصره ، والأداء الذى بدا فيه جميع الممثلين دون استثناء فى أفضل حالاتهم، ثم هذا التنفيذ شديد الجمال والإتقان، بقيادة الموهوب حقا مروان حامد ورفاقه الذين عزفوا تنويعات بديعة على لحن واحد. وللحديث بقية.