يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة 11 مارس، جلسة طارئة بطلب من روسيا للبحث في اتهامات أطلقتها موسكو بإنتاج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا بدعم من الولايات المتّحدة. ويأتي اجتماع المجلس الذي يبدا عند الساعة 16,00 بتوقيت جرينتش، بينما تتّهم روسيا حكومة كييف بأنّها تدير بالتعاون مع واشنطن مختبرات في أوكرانيا بهدف إنتاج أسلحة بيولوجية، وهو ما نفته العاصمتان. وكانت روسيا اتّهمت في 2018 الولاياتالمتحدة بأنّها أجرت سرّاً تجارب بيولوجية في مختبر في جورجيا، وهي على غرار أوكرانيا جمهورية سوفياتية سابقة تسعى للانضمام إلى كلّ من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. اقرأ أيضًا: أوكرانيا: الجيش الروسي قصف مدينتي دنيبرو ولوتسك صباح اليوم وخلال الاجتماع الشهري لمجلس الأمن الدولي حول ملف استخدام أسلحة كيميائية خلال الحرب في سوريا - وهو ملف ما زال مفتوحا بسبب نقص في المعلومات من دمشق تدينه الأممالمتحدة - أثارت واشنطن ولندن قضية أوكرانيا. ومنذ الأربعاء تحذّر الولاياتالمتحدة وبريطانيا من أنّ روسيا قد تلجأ لاستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا. وقال مساعد السفيرة الأمريكية في مجلس الأمن ريتشارد ميلز إنّ "روسيا نشرت تكراراً معلومات مضلّلة بشأن استخدام سوريا المتكرّر لأسلحة كيميائية". وأضاف أنّ "سيل الأكاذيب التي ضخّتها روسيا أخيراً في محاولة لتبرير الحرب المتعمّدة وغير المبرّرة ضدّ أوكرانيا يجب أن يوضح، بصورة نهائية، أنّه لا يمكن أيضاً الوثوق بروسيا عندما تتحدّث عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا". من جهته، قال نظيره البريطاني جيمس كاريوكي إنّه منذ عشرة أيام، "تواصل روسيا حربها العدوانية على أوكرانيا وتحاصر المدن وتقتل مدنيين بشكل عشوائي، وتجبر ملايين الأشخاص على الفرار بحثاً عن الأمان". وأضاف أنّ "أوجه التشابه مع سلوك روسيا في سوريا واضحة" و"المقارنة تمتدّ أيضاً إلى الأسلحة الكيميائية، إذ نرى شبح التضليل الروسي المألوف يلوح في الأفق في أوكرانيا" حول هذا الموضوع. وردا على سؤال، قال المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك الخميس "ليس لدينا أي معلومات عن استخدامها المقبل" في أوكرانيا. وأضاف أن "استخدامها سيكون غير قانوني وسيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي". ولم تأت فرنسا على ذكر أوكرانيا في خطابها. لكن السفير الألباني فريد خوجا الذي يشغل بلده مقعدا غير دائم في مجلس الأمن حرص على تقديم عرض طويل عن القصف الروسي لمستشفى التوليد الأوكراني. وقال "إنها جريمة يجب ألا تفلت من العقاب". ورفض نائب السفير الروسي دميتري بوليانسكي، اتهامه. وكرر ما ذكرته موسكو من أن هذا المكان يحتله "مقاتلون" و"لم يستقبل منذ فترة طويلة نساء على وشك الوضع". وأضاف أن الصور التي تظهر امرأة حامل أمام هذا المستشفى المدمر مركبة. وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم السادس عشر على التوالي، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم. واكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين. وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين. وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق". ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة". وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه. وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة. ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا". إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض. وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة". وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو". وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف. وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت. وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية. وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير ل"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي. إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت". لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقيةوأوكرانيا أيضًا. ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.