بالأسماء، الحركة القضائية داخل المحكمة الاقتصادية وموعد تنفيذها    بدء التقديم لدورة تدريب رواد الأعمال تمهيدًا للانطلاق في 20 أكتوبر بدمياط    "هواوى" توقع شراكة مع «طلعت مصطفى» لتقديم خدمات التكنولوجيا السحابية للمدن الذكية    «مياه سوهاج»: إطلاق إشارة تشغيل مركز اختبار الطلبمات بمحطة غرب    نتنياهو: "كما تقول التوراة سألاحق أعدائي وأقضي عليهم"    وزير الخارجية يلتقى مع أعضاء بعثة مصر لدى الأمم المتحدة والقنصلية بنيويورك    روسيا تعلن صد محاولات أوكرانية لاختراق الحدود على محور "كورسك"    أتلتيكو مدريد يهاجم الريال ب«جريزمان وألفاريز وسورلوث»    حريق محدود بمحطة وقود بالشرقية    ضبط 29 مخالفة خلال حملة تموينية في الإسماعيلية (صور)    مصرع طفل إثر سقوطه من الطابق السابع ب الغربية (تفاصيل)    أنغام تواصل سيطرتها في الخليج وتستعد لحفل عالمي بالمتحف الكبير    جمهور طنطا يلتف حول زينة أثناء تصوير فيلم «بنات الباشا» وزينة تشكرهم على استضافتهم    وزير الثقافة: جزء من وجداني منحوت بكلمات الشاعر جمال بخيت    مستشار البنك الدولي السابق: الدعم العيني هو الأفضل لمصر بشرط    صحفيو إيطاليا يكشفون عن مرشحيهم لحصد الكرة الذهبية (خاص)    وصول طائرة مساعدات أردنية إلى لبنان    مستشفى لا ملهى !    100 ألف.. فيلم "عنب" يتراجع في تحقيق الإيرادات    هل يجوز السفر لتشجيع فريق رياضى بغياب من العمل؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    1640 شهيدا و8408 مصابين جراء عدوان إسرائيل على لبنان منذ أكتوبر الماضي    أجواء معتدلة على مطروح والساحل الشمالي والحرارة 30° والرطوبة 50٪.. فيديو    السيطرة على حريق محدود فى محطة وقود بالشرقية    "تنشيط السياحة" بالإسكندرية تنظم احتفالية اليوم العالمى للسياحة    رشوان: الرئيس يجدد مطالبته للحوار الوطني بإيلاء الأولوية لقضايا الأمن القومي    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    رمضان عبد المعز: الله سبحانه وتعالى يكره هذه التصرفات من عباده    نائب محافظ قنا يشهد فعاليات "بداية" للكشف المبكر عن سوء التغذية بالمدارس    وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية    مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    طبيب قلب: تجنب التدخين والوزن المناسب والرياضة حلول تمنع تصلب الشرايين    حملة مكبرة لإزالة أماكن النباشين بمدينة الإسماعيلية    ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب الشباب.. ويتفق مع اتحاد الكرة على تفاصيل المرحلة المقبلة    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    بنتايك: حصد السوبر الإفريقي شعور لا يوصف.. والقادم أفضل    وزير الطاقة الإسرائيلي: نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز مع لبنان    لمسات فنية.. معرض تشكيلي في ختام النشاط الصيفي بالإسماعيلية    بينها رفعت عيني للسما.. 12 فيلما تشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة السابعة لمهرجان الجونة    رئيس حزب الاتحاد: الشرق الأوسط ينزلق إلى حرب شاملة    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    حسين لبيب عن تجديد عقد زيزو: سيبونا نشتغل.. ولا داعي للقلق    ضبط مواد غذائية مجهولة المصدر بحملة تموينية فى العاشر من رمضان    وزير المالية يفتتح مؤتمر «بورتفوليو إيجيبت» بحضور كبار الاقتصاديين غدا    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    ماء الليمون الأبرز.. 6 مشروبات صباحية لتقليل الإمساك وتحسين الهضم    سيارات تويوتا وجيب وبيجو للبيع في مزاد علني.. الشراء بالرقم القومي    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية اليونان    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    لتهالكها.. رفع 49 سيارة ودراجة نارية من الشوارع خلال 24 ساعة    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    رئيس أكاديمية الشرطة: الرئيس السيسي يقود مسيرة البلاد نحو التنمية والتقدم    توزيع 1000 شنطة سلع غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفر الشيخ    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    أول تعليق من هانز فليك بعد رباعية اوساسونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية الريف.. حكايات معجونة ب«العرق»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 09 - 2021


حسن ‬حافظ
يشكل ‬الفلاح ‬جوهر ‬الحياة ‬فى ‬مصر، ‬ففى ‬الريف ‬وحتى ‬سنوات ‬قليلة ‬كانت ‬تتركز ‬القيم ‬المصرية، ‬وتفاصيل ‬الحياة ‬المنحوتة ‬منذ ‬آلاف ‬السنين، ‬والتقاليد ‬المتوارثة ‬عبر ‬أجيال ‬وأجيال، ‬والعادات ‬التى ‬لا ‬تتغير ‬رغم ‬توالى ‬الأيام، ‬كان ‬الريف ‬فى ‬مواجهة ‬المدينة ‬التى ‬استقبلت ‬المحتلين ‬وتغيرت ‬طباعها ‬مع ‬مجيء ‬الهجرات ‬من ‬الخارج، ‬لذا ‬ظل ‬الريف ‬هو ‬منبع ‬الحكايات ‬والمخزن ‬الذى ‬تخرج ‬منه ‬أكثر ‬القصص ‬عذوبة ‬وإنسانية.. ‬شكلت ‬عوالم ‬الريف ‬المصرى ‬حالة ‬شخصية ‬وخاصة ‬جداً، ‬تكاد ‬تكون ‬كالبصمة ‬التى ‬ميزت ‬أعمال ‬الكثير ‬من ‬المبدعين ‬المصريين، ‬وأعطتهم ‬الفرصة ‬للتعبير ‬عن ‬تفاصيل ‬دقيقة ‬فى ‬المجتمع ‬تعكس ‬الكثير ‬من ‬التطورات ‬الاجتماعية ‬والاقتصادية ‬والسياسية، ‬وانعكاسها ‬على ‬الريف ‬الذى ‬تحول ‬فى ‬العديد ‬من ‬الروايات ‬لرمز ‬يعبر ‬عن ‬مصر ‬وكل ‬ما ‬واجهته ‬من ‬أزمات ‬ومواجهة ‬للاحتلال ‬ومتاعب ‬بناء ‬الدولة ‬بعد ‬الاستقلال.‬
بدأت ‬الرواية ‬فى ‬الاهتمام ‬بالريف ‬منذ ‬بدايتها، ‬فرواية "‬زينب" (‬1914)‬، ‬لمحمد ‬حسين ‬هيكل، ‬ظهرت ‬بعنوان ‬فرعى ‬هو "‬مناظر ‬وأخلاق ‬ريفية"‬، ‬ووقعها ‬هيكل ‬باسم "‬فلاح ‬مصرى"‬، ‬وتدور ‬فى ‬إطار ‬رومانسى، ‬كما ‬ظهر ‬الريف ‬فيها ‬من ‬خلال ‬منظور ‬ابن ‬المدينة ‬الذى ‬رأى ‬فى ‬الريف ‬فقط ‬المناظر ‬الطبيعية ‬والخضرة ‬الجذابة ‬على ‬حساب ‬تناول ‬قضايا ‬الريف.‬
وقدم ‬طه ‬حسين ‬مجموعة ‬من ‬الأعمال ‬التى ‬كشفت ‬أوضاع ‬الريف ‬ومشكلاته ‬فى ‬النصف ‬الأول ‬من ‬القرن ‬العشرين، ‬بداية ‬من ‬نصه ‬عن ‬سيرته ‬الذاتية "‬الأيام" (‬1927)‬، ‬الذى ‬تحدث ‬فى ‬الكثير ‬من ‬تفاصيله ‬عن ‬طبيعة ‬العادات ‬والتقاليد ‬فى ‬الريف ‬المصرى، ‬وكانت ‬مصر ‬وقتذاك ‬تحت ‬الاحتلال ‬البريطانى ‬المتحالف ‬مع ‬الإقطاع ‬المصرى ‬على ‬قمع ‬الفلاح ‬صاحب ‬البلد ‬الحقيقى ‬والوحيد.‬
ثم ‬عاد ‬فى ‬رواية "‬دعاء ‬الكروان" (‬1934)‬، ‬وقدَّم ‬بعض ‬الآراء ‬والأفكار ‬حول ‬تقاليد ‬الريف ‬وعاداته، ‬وينتقد ‬نظرة ‬المجتمع ‬التحقيرية ‬للمرأة ‬الذى ‬يرى ‬فيها ‬عورة ‬تستحق ‬الوأد، ‬ثم ‬عاد ‬وقدَّم ‬مجموعته ‬القصصية "‬المعذبون ‬فى ‬الأرض" (‬1949)‬، ‬بعض ‬النماذج ‬عن ‬واقع ‬الريف ‬الذى ‬يعيش ‬فى ‬ظل ‬فقر ‬مدقع، ‬وكانت ‬هذه ‬المجموعة ‬فى ‬رصدها ‬لأزمة ‬المجتمع ‬تحت ‬الاحتلال ‬البريطانى ‬مؤشراً ‬واضحاً ‬على ‬قُرب ‬انفجار ‬المجتمع ‬فى ‬وجه ‬الاحتلال ‬والنظام ‬الملكى ‬كله، ‬وهو ‬ما ‬حدث ‬بعد ‬نشر ‬المجموعة ‬القصصية ‬بثلاث ‬سنوات ‬فقط ‬فى ‬شكل ‬ثورة ‬يوليو ‬1952.‬
وارتقى ‬الحديث ‬عن ‬الفلاح ‬والريف ‬درجة ‬مع ‬صدور ‬رواية "‬عودة ‬الروح" (‬1933)‬، ‬لتوفيق ‬الحكيم، ‬ثم ‬إصداره ‬رواية "‬يوميات ‬نائب ‬فى ‬الأرياف" (‬1937)‬، ‬إذ ‬يقدِّم ‬فيهما ‬عرضاً ‬وافياً ‬لواقع ‬الريف ‬وحياة ‬الفلاحين ‬فى ‬مصر ‬خلال ‬النصف ‬الأول ‬من ‬القرن ‬العشرين، ‬وهو ‬لا ‬يجمِّل ‬الحقيقة، ‬بل ‬يكشف ‬إهمال ‬السلطة ‬الملكية ‬المدعومة ‬من ‬قبل ‬الاحتلال ‬البريطانى ‬للريف، ‬لذا ‬دعا ‬الحكيم ‬فى "‬عودة ‬الروح" ‬للثورة ‬لإعادة ‬الروح ‬للفلاح ‬الذى ‬تحوَّل ‬إلى ‬رمز ‬لوطن ‬تحت ‬الاحتلال، ‬بينما ‬يشن ‬نقداً ‬قاسياً ‬فى ‬قالب ‬من ‬الكوميديا ‬السوداء ‬لفساد ‬المنظومة ‬الإدارية ‬والقانونية ‬من ‬خلال ‬عمله ‬الفذ "‬يوميات ‬نائب ‬فى ‬الأرياف".‬
كانت ‬ثورة ‬يوليو ‬1952 ‬منعطفاً ‬مهماً ‬فى ‬مسيرة ‬رواية ‬الفلاح، ‬فقد ‬أصبح ‬النظام ‬السياسى ‬مصرياً ‬للمرة ‬الأولى ‬بعد ‬التخلص ‬من ‬النظام ‬الملكى ‬والاحتلال ‬البريطانى ‬معاً، ‬وبدأت ‬الروح ‬الجديدة ‬تعمل ‬عملها ‬فى ‬مخيلة ‬أجيال ‬جديدة ‬من ‬الأدباء ‬الشباب ‬الذين ‬بدأوا ‬ينظرون ‬لمشكلات ‬الريف ‬بشكل ‬أعمق، ‬وبقدرة ‬أعلى ‬على ‬الغوص ‬فى ‬تفاصيل ‬الحياة ‬اليومية ‬للفلاحين، ‬والتعبير ‬عنها ‬بكل ‬دقة، ‬فكانت ‬البداية ‬مع ‬رائعة "‬الأرض" (‬1954)‬، ‬لعبدالرحمن ‬الشرقاوى، ‬إذ ‬تعد ‬واحدة ‬من ‬أهم ‬الروايات ‬المصرية، ‬فضلاً ‬عن ‬أنها ‬واحدة ‬من ‬أهم ‬وأعمق ‬الأعمال ‬الروائية ‬فى ‬عكس ‬واقع ‬الريف ‬المصرى، ‬فيما ‬قبل ‬ثورة ‬يوليو، ‬فقد ‬قدم ‬القرية ‬على ‬واقعها ‬وحالها ‬بعيداً ‬عن ‬أى ‬تصورات ‬رومانسية ‬للريف ‬متأثرة ‬بالأدب ‬الفرنسى ‬أو ‬الغربى ‬عموماً، ‬بل ‬عمد ‬لنحت ‬ملحمة ‬مصرية ‬خالصة ‬أبطالها ‬من ‬لحم ‬الريف ‬المصرى ‬ودمه.‬
وعاد ‬الشرقاوى ‬لتيمته ‬المفضلة ‬فى ‬رواية "‬الفلاح" (‬1967)‬، ‬التى ‬عادت ‬للحديث ‬عن ‬مشكلات ‬الريف، ‬خصوصاً ‬من ‬قبل ‬مجموعة ‬من ‬الفاسدين ‬الذين ‬يحاولون ‬سرقة ‬مجهود ‬الفلاحين، ‬إذ ‬يستعرض ‬البطل ‬القاهرى ‬ابن ‬المدينة ‬الذى ‬يأتى ‬إلى ‬القرية ‬ويرصد ‬أزمتها ‬التى ‬تحول ‬بين ‬تحولها ‬إلى ‬الاشتراكية ‬التى ‬يرى ‬فيها ‬البطل ‬الوسيلة ‬الناجعة ‬لحل ‬مشكلات ‬مصر، ‬عبر ‬سيادة ‬قيم ‬العدل ‬والمساواة.‬
فيما ‬قدم ‬يوسف ‬إدريس ‬تجربة ‬عن ‬الريف، ‬عبر ‬روايته "‬الحرام" (‬1959)‬، ‬سلط ‬من ‬خلالها ‬الضوء ‬على ‬عمال ‬التراحيل ‬وهم ‬أشد ‬الطبقات ‬تهميشا ‬فى ‬الريف ‬على ‬الإطلاق، ‬كما ‬قدم ‬فى ‬مجموعته ‬القصصية "‬النداهة" (‬1969)‬، ‬مجموعة ‬من ‬القصص ‬التى ‬تتعرض ‬للكثير ‬من ‬الأفكار ‬فى ‬الريف، ‬خصوصاً ‬النداهة ‬تلك ‬الأسطورة ‬الريفية ‬الشهيرة، ‬التى ‬تتحول ‬فى ‬العمل ‬الروائى ‬إلى ‬المدينة ‬التى ‬تغتال ‬براءة ‬ابن ‬الريف. ‬ولم ‬تقف ‬تجربة ‬إدريس ‬عند ‬هذا ‬الحد ‬بل ‬استلهم ‬روح ‬الريف ‬فى ‬بناء ‬تجربة ‬مسرحية ‬مصرية ‬خالصة، ‬حين ‬أعاد ‬إنتاج ‬فن ‬الحكواتى ‬فى ‬رائعته ‬المسرحية "‬الفرافير".‬
وقدمت ‬الأجيال ‬التالية ‬تجارب ‬شديدة ‬النضج ‬مثل ‬عبدالحكيم ‬قاسم ‬وروايته "‬أيام ‬الإنسان ‬السبعة" (‬1969)‬، ‬التى ‬تغوص ‬فى ‬الأبعاد ‬الصوفية ‬المتغلغلة ‬فى ‬نسيج ‬الريف، ‬لتقدم ‬إجابات ‬عن ‬أسئلة ‬وجودية ‬عميقة، ‬بينما ‬تألق ‬خيرى ‬شلبى، ‬فى "‬الوتد" (‬1986)‬، ‬التى ‬تقدم ‬الريف ‬المصرى ‬على ‬حقيقته ‬كما ‬يعرفه ‬كل ‬من ‬عاش ‬تفاصيله ‬بلا ‬أى ‬تخيلات ‬أو ‬تصورات ‬رومانسية.‬
ونرى ‬الريف ‬حاضراً ‬بقوة ‬فى ‬أعمال ‬يوسف ‬القعيد، ‬خصوصاً ‬روايته "‬الحرب ‬فى ‬بر ‬مصر"‬، ‬كما ‬قدم ‬خليل ‬حسن ‬خليل ‬سيرة ‬روائية ‬فى ‬عمله "‬الوسية"‬، ‬التى ‬يقدم ‬فيها ‬قراءة ‬شديدة ‬الواقعية ‬للريف ‬فى ‬الحقبة ‬الملكية، ‬حيث ‬تحالف ‬رجال ‬الملك ‬مع ‬الإقطاعيين ‬وعملاء ‬الاحتلال ‬على ‬استعباد ‬الفلاحين ‬المعدمين.‬
وعاد ‬الاهتمام ‬بالريف ‬فى ‬الرواية ‬خلال ‬السنوات ‬الأخيرة، ‬إذ ‬كتب ‬إبراهيم ‬القاضى ‬رواية "‬عزبة ‬الباشا" (‬2014)‬، ‬التى ‬ترصد ‬التحولات ‬التى ‬مر ‬بها ‬الريف ‬خلال ‬العقود ‬الأخيرة ‬من ‬القرن ‬العشرين، ‬وقدم ‬كمال ‬رحيم "‬أيام ‬لا ‬تنسى" (‬2018)‬، ‬التى ‬تدور ‬فى ‬عالم ‬بيت ‬العمدة ‬ذاته، ‬أما ‬أشرف ‬العشماوى ‬فقدم ‬تجربة ‬عن ‬الريف ‬فى ‬رواية "‬بيت ‬القبطية" (‬2019)‬، ‬حيث ‬عالج ‬موضوع ‬الفتنة ‬الطائفية، ‬كما ‬أصدر ‬ممدوح ‬عبدالستار ‬روايته "‬جواز ‬سفر" (‬2019)‬، ‬أما ‬محمد ‬المنسى ‬قنديل ‬فقدم ‬أحدث ‬أعماله "‬طبيب ‬أرياف" (‬2020)‬، ‬التى ‬تدور ‬فى ‬أجواء ‬الريف ‬المصرى ‬فى ‬لحظة ‬تحولات ‬مهمة ‬وقاسية ‬فى ‬نهاية ‬السبعينيات ‬من ‬القرن ‬الماضى، ‬أما ‬أحدث ‬رواية ‬عن ‬الريف ‬فهى "‬خالتى ‬بهية" (‬2021)‬، ‬لخليل ‬الجيزاوى، ‬التى ‬يرصد ‬فيها ‬الأحقاب ‬الزمنية ‬المختلفة ‬التى ‬مرت ‬على ‬الريف ‬المصرى.‬
من ‬جهته، ‬حلل ‬الدكتور ‬مصطفى ‬الضبع، ‬أستاذ ‬النقد ‬بجامعة ‬الفيوم، ‬ظاهرة ‬رواية ‬القرية، ‬قائلا ‬ل"‬آخرساعة": "‬استلهم ‬الروائى ‬المصرى ‬الريف ‬بوصفه ‬شريحة ‬اجتماعية ‬معبرة ‬عن ‬الحياة ‬المصرية، ‬ونظرا ‬لخصوصية ‬تجربة ‬الريف ‬فلم ‬تتسع ‬دائرة ‬الكتابة ‬عنه ‬ولم ‬تخرج ‬عن ‬الذين ‬خبروه ‬وكانوا ‬على ‬وعى ‬بالحياة ‬فيه، ‬وهو ‬ما ‬يفسر ‬أن ‬نجيب ‬محفوظ ‬مثلا ‬لم ‬يكتب ‬عن ‬القرية ‬المصرية ‬أو ‬عن ‬الفلاح ‬المصرى، ‬لذا ‬وظف ‬الروائى ‬الفلاح ‬وفق ‬ثلاث ‬مراحل ‬مؤثرة ‬فى ‬تشكيل ‬الصورة ‬ووظيفة ‬الرمز، ‬الأولى ‬خاصة ‬بالفلاح ‬الديكورى ‬فى ‬المرحلة ‬الرومانسية (‬زينب ‬لمحمد ‬حسين ‬هيكل ‬نموذجاً)‬، ‬ثم ‬الفلاح ‬بوصفه ‬شخصية ‬فاعلة ‬لها ‬استقلالها ‬ولها ‬رمزيتها ‬بداية ‬من (‬الأرض) ‬للشرقاوى ‬حتى ‬عام ‬1973، ‬ليأتى ‬بعدها ‬فلاح ‬الانفتاح ‬أو ‬الرامز ‬للقرية ‬المصرية ‬بعد ‬حرب ‬أكتوبر ‬وبداية ‬من ‬الانفتاح".‬
وأوضح ‬الضبع ‬صاحب ‬الدراسة ‬المهمة "‬رواية ‬الفلاح.. ‬فلاح ‬الرواية"‬، ‬أن ‬الكتابة ‬الروائية ‬عن ‬القرية ‬تخضع ‬لثلاث ‬زوايا ‬حسب ‬السارد، ‬فهناك ‬الروائى ‬المقيم، ‬الذى ‬يكتب ‬عن ‬خبرة ‬بالمكان ‬والبيئة ‬التى ‬يعايشها ‬ولم ‬يغادرها، ‬كما ‬نجد ‬فى ‬عمال ‬مصطفى ‬البلكى ‬وأحمد ‬أبوخنيجر ‬ومنى ‬الشيمى، ‬وهيام ‬عبدالهادى، ‬وعصام ‬راسم، ‬وأحمد ‬قرنى، ‬وغيرهم ‬ممن ‬لم ‬يغادروا ‬بيئاتهم ‬الأصلية، ‬ويكتبون ‬مستلهمين ‬خبرتهم ‬بها، ‬ثم ‬الروائى ‬الزائر، ‬والذى ‬يكتب ‬عن ‬مكان ‬يعايشه ‬زمنا، ‬مثل ‬فتحى ‬غانم ‬فى ‬رواية "‬الجبل"‬، ‬كما ‬كتب ‬صبرى ‬موسى ‬عن ‬جبل ‬الدرهيب ‬فى ‬رائعته "‬فساد ‬الأمكنة"‬، ‬ثم ‬نجد ‬الروائى ‬العائد، ‬أى ‬ابن ‬المكان ‬الذى ‬عايشه ‬زمناً، ‬وانفصل ‬عنه ‬زمنا، ‬وعاد ‬للكتابة ‬عنه، ‬وتكاد ‬تكون ‬السمة ‬الغالبة ‬على ‬الرواية ‬المكتوبة ‬عن ‬القرية، ‬كما ‬نجد ‬فى ‬أعمال ‬عبدالوهاب ‬الأسوانى ‬وبهاء ‬طاهر ‬والشرقاوى ‬ومحمد ‬مستجاب ‬وعبدالحكيم ‬قاسم ‬وإدريس ‬على ‬وحجاج ‬أدول، ‬وشوقى ‬عبدالحكيم، ‬ويوسف ‬أبورية، ‬وعبدالفتاح ‬الجمل، ‬وغيرهم ‬ممن ‬قاربوا ‬عالم ‬القرية.‬
من ‬جهته، ‬يرى ‬الدكتور ‬شريف ‬الجيار، ‬أستاذ ‬النقد ‬الأدبى ‬والأدب ‬المقارن ‬بجامعة ‬بنى ‬سويف، ‬أن ‬الفلاح ‬المصرى ‬شكل ‬ركيزة ‬أساسية ‬فى ‬بنية ‬الخطاب ‬السردى ‬عموماً، ‬والخطاب ‬الروائى ‬بشكل ‬خاص، ‬إذ ‬انخرط ‬فى ‬لعبة ‬الاستقلال ‬الوطنى، ‬وتجلى ‬هذا ‬بوضوح ‬فى ‬رواية ‬توفيق ‬الحكيم "‬عودة ‬الروح"‬، ‬التى ‬جذرت ‬لعلاقة ‬الفلاح ‬المصرى ‬بالأرض ‬وربطت ‬بينه ‬وبينها ‬بتاريخ ‬الفراعنة، ‬واستطاع ‬الحكيم ‬أن ‬يجعل ‬من ‬الفلاح ‬فى ‬الرواية ‬جزءاً ‬أصيلاً ‬من ‬الخطاب ‬السياسى ‬المصرى ‬بل ‬والخطاب ‬القومى ‬الذى ‬يدعو ‬لحرية ‬الوطن ‬واستقلاله ‬فى ‬مواجهة ‬الاحتلال ‬البريطانى ‬من ‬جهة، ‬والقصر ‬العثمانى ‬من ‬جهة ‬أخرى، ‬لذا ‬أثرت ‬هذه ‬الرواية ‬فى ‬جمال ‬عبد ‬الناصر.‬
وتابع: "‬مع ‬رواية (‬الأرض) ‬للشرقاوى ‬انتقلنا ‬إلى ‬مستوى ‬أعلى ‬فى ‬رواية ‬الريف، ‬إذ ‬قدم ‬الشرقاوى ‬رؤية ‬لهيمنة ‬الطبقة ‬الإقطاعية ‬على ‬خيرات ‬مصر، ‬فى ‬مواجهة ‬تمسك ‬الفلاح ‬الأصيل ‬بالأرض ‬فى ‬مواجهة ‬خصومه، ‬حيث ‬نجحت ‬هذه ‬الرواية ‬فى ‬تجذير ‬علاقة ‬الفلاح ‬بالأرض ‬والانتماء ‬للأرض ‬المصرية".‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.