تعد قضية الزيادة السكانية من أخطر القضايا الاجتماعية التي تواجهها الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة، فقد أصبح معدل الزيادة السنوية يصل إلى 2.5 مليون مواطن سنويًا، ذلك الأمر الذى يمثل خطرًا كبيرًا على التنمية الاقتصادية والمجتمعية ويقلل من فرص استفادة الفرد بالنمو الاقتصادى وتآكل عوائد التنمية التى حدثت فى المجتمع المصري، مما يجعل الزيادة السكانية كارثة كبيرة تهدد الدولة المصرية.. إلى أي مدى يمكن أن تصل خطورتها وما هى أهم الحلول وكيفية التوعية بذلك؟ يجيب د.عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستيراتيجية، أن الزيادة السكانية تمثل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد المصري، وذلك لأن الزيادة السكانية فى مصر تزيد بمعدل يتجاوز 2.6 % سنويًا، بمعنى أن سكان مصر سنويًا يزيدون بمقدار 2.5 مليون مواطن، ولا شك أن الزيادة السكانية لها آثارها السلبية على الاقتصاد والمواطن أيضًا، فهى تؤدى إلى زيادة نفقات الدولة على الخدمات سواء كانت الصحة أو التعليم، وانتشار ظاهرة البطالة، وكذلك عدم شعور المواطن بآثار التنمية الاقتصادية، وزيادة الطلب على السلع والخدمات والوحدات السكنية نظرًا لزيادة الأعداد، بالإضافة إلى زيادة المخصصات العامة فلقد بلغت مخصصات الدولة للإنفاق على التعليم 172 مليار جنيه خلال العام المالى 2021/2022، والصحة 132 مليار جنيه خلال العام المالى 2021/2022 كما أن الزيادة السكانية تزيد من معدلات البطالة والفقر لاسيما وأن الدولة لا تستطيع توفير فرص العمل المطلوبة والمتزايدة سنويًا. ويضيف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن زيادة السكان تمثل وسيلة للضغط على خدمات الدولة المختلفة التعليم والصحة ووسائل المواصلات، وبالتالى تظهر ظاهرة تكدس الفصول الدراسية وعدم تقديم خدمات صحية جيدة، كما أن الزيادة السكنية تتسبب فى الزحف العمرانى وتآكل الرقعة الزراعية لأن الزيادة المستمرة فى أعداد السكان تؤدى إلى اللجوء لاستخدام الأراضى الزراعية كمجمعات سكانية و بشكل عشوائي، وبالفعل هذا ما حدث فى مصر حيث تآكلت الرقعة الزراعية فى مصر من 9.2 مليون فدان إلى 8 ملايين فدان، فى حين أن الدولة عليها زيادة الرقعة الزراعية لزيادة المنتجات الزراعية لمواجهة زيادة السكانية. ويؤكد السيد، أن الزيادة السكانية لها تأثير سلبى على المواطنين أيضًا فهى تؤدى إلى زيادة معدلات الجريمة بسبب التزاحم وزيادة أعداد السكان، وزيادة أسعار السلع والخدمات نظرًا لندرة الإنتاج المحلى وزيادة الاستيراد من الخارج، إلى جانب انخفاض نصيب الفرد من عملية التنمية الاقتصادية وعدم وصول دخل الفرد إلى ما يحقق احتياجاته وبالتالى انخفاض المستوى المعيشى للأسرة، لذلك يجب أن يتناسب معدل النمو السكانى مع معدل النمو الاقتصادى حتى تستطيع الدولة توفير كل الخدمات ويشعر المواطن بتحسن الأحوال المعيشية، مشددًا على ضرورة التوسع فى حملات التوعية للمواطنين بأهمية تحديد النسل وأيضًا زيادة أعداد القوافل الطبية خاصة فى القرى والنجوع فى ريف وصعيد مصر. وفى نفس السياق يوضح د. مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل والاستثمار، أن الزيادة السكانية متجذرة فى المجتمع المصري، ولكن يجب مواجهة تلك الثقافة المجتمعية فلقد أصبحت الزيادة تهديدًا كبيرًا على المجتمع، ذلك الأمر الذى له مردود وانعكاس كبير على الموازنة العامة للدولة، خاصًة أن لمواجهة الدولة لتلك الزيادة يجب أن لا تقل الزيادة فى التنمية والاستثمار عن ضعفين الموازنة الحالية من أجل تغطية الزيادة السكانية والشعور بالتنمية التى حدثت فى المجتمع، مؤكدًا أن مواجهة الزيادة السكانية لن تتحقق إلا بجهود مشتركة بين مؤسسات المجتمع بداية من المؤسسات الدينية وتوعيتها للأفراد الذين لديهم قناعات تؤثر على الزيادة السكانية، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية سواء كان التعليم الجامعى أو قبله، وكذلك الصحة التى يقع عليها دور كبير لتوعية الأفراد فى المجتمع، علاوة على الثقافة والإعلام ونشر الوعى لأنه يعد السلاح الأساسى فى التوعية. ويتابع بدرة أن القضية السكانية لها أبعاد كبيرة لا تعد ولا تحصى تحتاج إلى التوعية، فالزيادة السكانية تحتاج إلى زيادة الحيز العمراني، وتؤدى إلى قلة الفرص التعليمية وفرص العمل، وغيرها من الآثار السلبية التى تؤثر على المواطنين والمجتمع وزيادة الأعباء على الدولة والتنمية الاقتصادية، لذلك يجب وضع خطة استراتيجية عاجلة يتم الاتفاق على تطبيقها خلال السنوات القادمة، من خلال تقديم رؤية واضحة يتم البدء فى تطبيقها فورًا للحد من الزيادة السكانية، كما يجب على الإعلام والصحافة تبنى ذلك الأمر لزيادة وعى المواطنين حول أهمية تنظيم الأسرة بطريقة علمية مخططة يتم الاتفاق عليها.