كتبت : سميحة شتا كانت الصين الحاضر الغائب خلال الاجتماعات التى عُقدت فى بريطانيا وبروكسل مع زعماء مجموعة السبع وقادة حلف شمال الأطلسي، وفي مقدمة اهتمامات الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد أن نجح نسبياً على الأقل في حشد كلتا المجموعتين لإنشاء جبهة موحدة ضد بكين، ووافق قادة الحلف على تضمين حاجتهم لمواجهة الصين في وثيقة المفهوم الاستراتيجى، حينما أكدوا في بيانهم الختامى أن طموحات الصين المعلنة وسلوكها يمثل تحديات منهجية للنظام الدولي القائم على القواعد وللمجالات المتعلقة بأمن التحالف.. كانت المواجهة المستمرة بين الولاياتالمتحدةوالصين قد وصلت ذروتها قبل فترة وجيزة من رحلة بايدن لأوروبا، حيث أعلنت ادارته أنها ستوافق على اتفاقية تجارية مع تايوان - وهو استفزاز للصين. كما وافق الكونجرس على تخصيص 250 مليار دولار فى ميزانية العام المقبل لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى والروبوتات وصناعة أشباه الموصلات لمجابهة الصين، كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون، أنها انتهت من مراجعة استراتيجية الأمن القومى للولايات المتحدة تجاه الصين، وحددت حكومة الولاياتالمتحدة بأكملها، هدفها الشامل المتمثل فى الاستعداد لاستراتيجية طويلة المدى لمنافسة الصين. ويرى كثير من المحللين أن قرار بايدن عقد هذه القمة فى جنيف مع بوتين فى هذا الوقت المبكر من رئاسته وخلال جولته الخارجية الأولى يرجع بصورة جزئية إلى رغبة واشنطن فى وقف التدهور فى العلاقات مع موسكو قبل فوات الأوان وحدوث تحالف بين موسكووبكين بالفعل.. فى الوقت نفسه تعطى تحذّيرات قادة الناتو من الصين مؤشر على تصاعد التوتر الغربى تجاه الطموحات العسكرية للصين.. وكشف بيان الناتو إلى أى مدى تدهورت العلاقات بين الغرب وبكين خلال ال18 شهراً الماضية حيث تعهد أعضاء التحالف العسكرى بتوسيع التعاون فى مناطق جديدة للصراع، من الفضاء السيبرانى إلى الفضاء الخارجى. وبالنسبة إلى كثير من المراقبين فإن مخاوف واشنطن من التهديد الصينى المتزايد تحمل كثيراً من الاسباب، فخلال العقد الماضى، ضاعفت الصين حجم قواتها البحرية حتى أصبحت أكثر عدداً من البحرية الأمريكية، وأحكمت قبضتها على بحر الصين الجنوبى، وأنشأت منطقة دفاع جوى واسعة فى بحر الصين الشرقى، وعززت من وسائلها العسكرية والدبلوماسية وحربها المعلوماتية ضد تايوان، حليفة الولاياتالمتحدة.. وعلاوة على ذلك تتهم واشنطنالصين بالتعدى على حقوق الملكية الفكرية الأمريكية باستخدام هجمات إلكترونية دائمة ومستمرة لسرقة الأسرار العسكرية والصناعية، ويضايق واشنطن استخدام بكين ما يسمى بدبلوماسية الديون، حيث تقدم للدول الفقيرة والنامية قروضاً ومساعدات لإنشاء مشاريع بنية تحتية حيوية بهدف توسيع نطاق نفوذها، وهو ما تعتبره واشنطن تقويضا للمنافسة العالمية والتأثير على نفوذ الولاياتالمتحدة فى العالم بأساليب ابتزازية، لكن جهود واشنطن لتوسيع مهمة الناتو باتجاه الصين، أحاطتها بعض التململات، فقد أوضح بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطانى، أنه على الرغم من أن الحلف يجب أن يتعامل مع نفوذ بكين المتزايد باعتباره حقيقة هائلة فى حياتنا فإن قادة الناتو لا ينظرون إلى الصين على أنها خصم بنفس الطريقة التى ينظرون بها لروسيا، لأنه لا أحد يريد الانزلاق إلى حرب باردة جديدة مع الصين. وبالنسبة إلى عديد من حلفاء الولاياتالمتحدة، يبدو تهديد روسيا أكثر إلحاحاً من التحدى الطويل المدى للصين، لأن بوتين يتحرك بنشاط لتوسيع دائرة نفوذه فى الفناء الخلفى لأوروبا، ويواصل تهديد أوكرانيا. ومن المقرر أن تجرى روسيا وبيلاروس تدريبات مشتركة هذا العام لمحاكاة الحرب مع دول الناتو، بعد أن حذر بوتين فى خطاب قبل أسابيع القادة الغربيين من تجاوز الخطوط الحمراء لأمن روسيا.. وعلى الرغم من كل الأحاديث المتشددة تجاه بكين فى واشنطن، فإن هناك تياراً يرى أن فرص التعاون الثنائى مع الرئيس الصينى شى جين بينج لا تزال أكبر منها مع بوتين.