بعد سنوات من الحرب الباردة بين إيران وإسرائيل، شهد المجتمع الدولي تطورات كادت تحول مجرى الأحداث ل«حرب حقيقية» بين العدوين الأشهر في المنطقة. ففي ليل الأربعاء 9 مايو، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن إيران استغلت تواجدها في سوريا وأطلقت على عدة قواعد لها بالجولان المحتل ما لا يقل عن 20 صاروخ، وبالتالي ردت هي باستهداف عدد من المواقع الإيرانية داخل الأراضي السورية. وفي تقرير نشرته «التليجراف» البريطانية، الخميس 10 مايو، أكدت على أن هذه المواجهة المباشرة بين «العدوين» الأشهر في المنطقة تعتبر تصعيد كبير للأحداث، خاصة أنها تأتي بعد يوم واحد من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه في مدينة لوزان السويسرية عام 2015.
واتهم المتحدث باسم جيش الاحتلال اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكس، زعيم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بالتخطيط للاعتداء واستهداف عدد من المواقع العسكرية الإسرائيلية في هضبة الجولان. وزعم كونريكس أنه ردًا على هذه الاعتداء فإن الدفاعات الإسرائيلية استهدفت كل من: «قواعد للمخابرات الإيرانية، و مقر لفيلق القدس، و مستودع للأسلحة داخل مطار دمشق الدولي»، وذلك داخل الأراضي الفلسطينية. وأضاف كونريكس أن الخطة الإيرانية لم تحقق أهدافها، حيث أن الضربات الصاروخية لم تتسبب في أي خسائر في الأرواح داخل الصفوف الإسرائيلية، كما أن الأضرار التي ألحقتها بالمواقع العسكرية ضئيلة جدًا. ولفتت الصحيفة إلى هذه الضربة العسكرية ربما تعد الأجرأ والأكثر توسعًا بين الطرفين منذ سنوات طويلة، على الرغم من أنها لم تكن المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل فيها المواقع العسكرية الإيرانية والتابعة لحزب الله داخل الأراضي السورية، وفقًا للتليجراف.
وفي رد سريع من الجيش السوري أعلن أنه سيرد على الهجوم الإسرائيلي بعدد من الصواريخ، لكن جيش الاحتلال زعم إسقاط أربعة منها. ووفقًا لوسائل الإعلام السورية فإن الصواريخ الإسرائيلية التي تم إطلاقها استهدفت عدة مواقع في مدينة البعث، كما تم اعتراض عدة صواريخ أخرى فوق مدن دمشق وحمص، ولم يعلن الجانب السوري عن وقوع أي ضحايا نتيجة الاعتداء. والحقيقة أن الحرب الباردة المستمرة بين إيران وإسرائيل على مدار الأشهر الماضية كان بها عدة شواهد تشير إلى أن العلاقة المتأزمة بين الطرفين ربما ستصل إلى مرحلة صعبة ومتطورة، ففي 9 ابريل الماضي قُتل حوالي 7 إيرانيين في مواقع داخل الأراضي السورية خلال ضربة جوية يشتبه تورط إسرائيل بها، إلا إن جيش الاحتلال التزم الصمت تجاه الاتهامات الإيرانية ولم يصدر أي تعليقات، في الوقت الذي توعدت فيه إيران بالانتقام. ووفقًا للصحيفة البريطانية، فإنه بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، فإن إسرائيل شنت ضربات على موقع إيرانيجنوبدمشق، قُتل فيه 9 أشخاص من بينهم جنود عسكريين. جدير بالذكر أنه في 30 ابريل الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب باللغة الانجليزية وجهه للمجتمع الدولي عن امتلاكه «أدلة قاطعة» تشير لاحتفاظ إيران بكل أسلحتها و معلوماتها النووية، وأنها لم تقم بالالتزام بالاتفاق الذي وقعته مع الولاياتالمتحدة.
وأكد نتنياهو أن طهران كانت تطور سلاحًا نوويًا سريًا طوال الفترة الماضية، قائلاً: «أؤكد لكم أن إيران تكذب». وفي خطاب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء 8 مايو، أعلن انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، وسط كثير من القلق الأوروبي نتيجة لما سيترتب على القرار من تأثيرات اقتصادية ربما تضر بمصالح المجتمع الأوروبي. وخلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لواشنطن شهر ابريل الماضي، تحدثت وسائل الإعلام الغربية عن محاولاته لإثناء ترامب الانسحاب من الاتفاق، لكنه في النهاية قبل مغادرته أعلن للصحفيين أن ترامب سيتخذ قراره «لأسباب تتعلق بسياسة بلاده الداخلية»، لكن مازال هناك حديث جديد عن اتفاق أخر بديل للاتفاق النووي الإيراني الذي وقعه الطرفان عام 2015، مطروح على الطاولة.