عندما كنت طالبًا في إحدى المراحل الدراسية الأولى "إبتدائي إعدادي أو ثانوي" كنت أبدأ يومي الدراسي بطابور الصباح حيث أصطف مع زملائك ثم يأمرك مدرس الألعاب بعمل بعض التمرينات الرياضية التي تساعدك على بدأ يومك بنشاط وحيوية وإحدى هذه التمارين (الجري في المكان )وفيه تقوم بالحركة والقفز وبذل المجهود الجبار حتى ينصب منك العرق وتشعر أنك تتقدم لتقطع شوطا كبيرا لكن عندما تنتهي من التمرين تجد نفسك مكانك لم تتحرك ولا سنتيمتر واحد وهكذا هو حال مصر الآن فما يقوم به القادة والمسئولون عن أمور البلاد لا يفعلون شي سوى الجري في المكان. مر ما يقرب من السنتين على اندلاع ثورة يناير التي كانت بمثابة طاقة النور التي أستبشر بها المصريون خيرا في تغير أوضاعهم السيئة لكن القائمين على أمور البلاد خيبوا الظن فيهم وفى قدرتهم على النهوض بالبلاد وتغير الوضع الذي يسوء يوم بعد يوم فلم يعد هناك فارق في وضع البلاد قبل الثورة وبعدها ولكي لا تذهب بعيدًا عن موضوع الجري في المكان أعرض عليك بعض الأمثلة التي تؤكد إن الدولة بكل ما فيها تجرى في مكانها دون تحقيق أهداف حقيقة. البرلمان الذي تم انتخابه من قبل الشعب وجد نفسه في مهب الريح فبعد انعقاد جلساته لفترة قصيرة توقفت هذه الجلسات بقضية رفعت تؤكد بطلان هذا المجلس وعليها أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرار بحل مجلس الشعب ثم تحولت القضية إلى المحكمة الإدارية العليا لتصدر قرار يؤكد حكم الدستورية وان المجلس لا وجود قانوني له وبذلك يكون الجهد والمعاناة التي تكبدها الشعب والقوى السياسية والدولة لإخراج سلطة تشريعية بانتخابات نزيهة قد ضاع هباء وعلينا البدء من جديد. كذلك حكاية الدستور الذي لم ننتهي من تأليفه منذ أكثر من عام وبالرغم من المشكلات التي واجهت اللجنة التأسيسية للدستور منذ نشأتها واعتراض الكثيرين على بعض أعضائها لعدم جدارتهم وقلة خبرتهم أيضا الاعتراض جاء على بعض مواد الدستور التي لا تتناسب مع الوضع المصري ثم جاء قرار حل البرلمان صادم لهذه اللجنة لان الكثير من أعضائها نواب في المجلس المنحل وبذلك فوجودهم غير قانوني وبالتالي اللجنة التأسيسية للدستور مهددة بالحل وإذا حدث ذلك علينا أن ننتظر لجنة أخرى بمعارضة جديدة وجدل جديد ورفض من هنا واعتراض من هناك ليتضح إننا ما زلنا نجري في مكاننا. منذ اندلاع الثورة وسقوط الحزب الوطني تسعى كل القوى السياسية لإصدار قانون العزل السياسي لتجنب عودة أعضاء النظام السابق للحياة السياسية حتى لا يدمروا ويخربوا ويزورا فيها كما كان يفعلون في السابق لكن جاء حكم المحكمة ليعطى الحق لأعضاء الحزب الوطني المنحل للمشاركة في أي انتخابات قادمة ويشاركوا في الحياة السياسية كأي فصيل سياسي آخر ليؤكد لنا القاضي إن الثورة التي قام بها الشعب كانت في الأحلام وما يدور من حراك سياسي في البلد من وحي خيال الشعب.