تحل علينا اليوم ذكر أول صلاة جمعة في أول عمل فني معماري أقامه الفاطميون في مصر و لايزال قائماً حتي الآن، و قد زاد في بنائه كثير من الخلفاء الفاطميين، و أعيد تجديد أجزاء كثيرة منه خلال العصور المتوالية، أنه جامع الأزهر . يعود إنشاء الجامع الأزهر إلى العهد الفاطمي، حيث وضع جوهر الصقلي حجر الأساس، بأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، في 14 من رمضان سنة 359 ه (971م )، وافتتح للصلاة لأول مرة في 7 من رمضان سنة 361 هجرياً 21 يونيو 972 ميلاديا، و عرف في البداية بإسم " جامع القاهرة " ثم عرفت القصور الفاطمية باسم " القصور الزاهرة " تيمناً بلقب السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم ، فأطلق عليه اسم الجامع الأزهر. تحول الجامع الأزهر إلي جامعة في عهد الخليفة الفاطمي العزيز بالله، فقد اقترح الوزير يعقوب بن كلس علي الخليفة الفاطمي أن يقوم بتعيين جماعة من الفقهاء للقراءة و الدرس يعقدون حلقات الدرس كل يوم جمعة من صلاة الجمعة إلي صلاة العصر، و كان عددهم 37 فقيهاً. يعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين ، وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة، أو القانون الإسلامي. و لكن بعد قيام الدولة الأيوبية في مصر أغلق الجامع الأزهر عام 1171 م / 567 هج لتحويل مصر إلي المذهب السني و استمر مغلقاً مائة عام إلي أن أعاد فتحه السلطان الظاهر بيبرس عام 1266 أو 1267 م و لكن علي المذهب السني. عندما غزا الفرنسيون مصر بقيادة نابوليون بونابارت عام 1798 أشعل علماء الأزهر الثورة ضدهم من داخل الأزهر الشريف والتي عرفت بثورتي القاهرة الأولى والثانية بعدما دخلت قواته بالخيول صحن الأزهر. وألقت بالمصاحف وعاثت فيه إفسادا. وضرب الجامع بالمدافع من فوق القلعة، وكانت هذه الواقعة قد عجلت بإنسحاب الفرنسيين من مصر. وفي عام 1805 استطاع علماء الأزهر أن يفرضوا على الخليفة العثماني الوالي محمد على باشا ليكون واليا علي إيالة مصر العثمانية, بعد أن أخذوا عليه المواثيق والعهود بأن يقيم العدل بين الرعية.