كلنا مقصرون في حق هذا الشعب . نصرف أنظاره عن بشائر أمل تلوح، وثمار عمل تزهر، إلى سفاسف أمور وتوافه شئون نضعها فى بؤرة اهتمامه، ليحل الإحباط بدل التفاؤل، تفتر الهمم ويتسلل اليأس فى نفوس كان لها أن تسعد وتتغنى بغرس سواعدها. ليس الإعلام وحده مسئولاً، وإنما الحكومة أيضاً التى تقتر فى المعلومات تقتيراً، وأسمح لنفسى أن أقول إن شخصية الرئيس عبدالفتاح السيسى تتحمل جانباً من المسئولية، فهو يخجل ويتواضع، حيث يجب أن يفصح وأن يفخر وأن ينتشى بما صنع فكره وسهره ودأبه وإخلاصه، بسواعد وعرق المصريين!. يوم أمس.. تخلى الرئيس بقدر ما عن خجله فى كشف ما يجب الإفصاح عنه من انجازات هائلة تمت، وأخرى قيد التنفيذ على أرض هذا البلد. معظم ما كشف عنه الرئيس من مشروعات قومية كبرى، لا يعرف الشعب بتفاصيلها، ولم يكن أحد يتصور، فى الإعلام أو غيره، قدر الجهد الذى بذل فيها، ولا الأموال التى أنفقت وتنفق عليها. سبعة مشروعات عملاقة تحدث عنها الرئيس وهو يفتتح موسم حصاد غلة مزرعة الفرافرة، باكورة مشروع استصلاح مليون ونصف المليون فدان، الذى يأمل الرئيس ونتمنى أن نراه مكتملاً عام ٢٠١٧. لأول مرة نسمع رقم تريليون جنيه، فى غير دين داخلى!. قال الرئيس ان تلك المشروعات العملاقة كان مقرراً لها ان تتكلف تريليوناً و٤٠٠ مليار أى ١٤٠٠ مليار جنيه لكن التكلفة لم تزد على ١٠٤٠ ملياراً بوفر نحو ٣٦٠ مليار جنيه. أحجم السيسى عن ذكر السبب الرئيسى فى ذلك الخفض الهائل، واكتفى بالقول بأن السبب هو كسر البيروقراطية، وقطع الطريق على الفساد، ليتم تحجيم الإنفاق والإسراع بالإنجاز. مالم يقله الرئيس إن السر هو عنايته بكل تفصيلة، ومراقبته الشخصية لكل مليم ينفق وفى أى مكان، ومتابعته اليومية للعمل فى كل مكان، بل دخوله شخصياً مفاوضاً مع الشركات الكبرى ومفاصلاً ماهراً فى الأسعار. ولعل قصة مفاوضات الرئيس مع رئيس شركة «سيمنس» الألمانية الموردة لمحطات كهرباء كبرى، التى نزلت بثمن المحطات التى تحتاجها مصر، مثالاً على ذلك، لا يكف رئيس الشركة عن روايته فى كل لقاء ومحفل!. عشر سنوات كان يقتضيها إنجاز ما تم من مشروعات عملاقة فى غضون العامين الماضيين او نصف مدة الولاية الأولى للرئيس السيسى. هكذا قال الرئيس. الحقيقة ان منها ما كان ليتم أبداً لو كان الفكر كما هو يأخذ بالمسكنات وىخشى الإقدام على الجراحات الكبرى الضرورية، ولو كانت الإرادة السياسية غير صلبة، والهمة غير وثابة، والإخلاص غير فياض. ثمانية مشروعات كبرى تحدث عنها الرئيس إجمالاً لأول مرة.. مشروع المليون ونصف المليون فدان، الذى يتصور البعض أن ما أُنجز منه هو عشرة آلاف فدان فى الفرافرة يضاف إليها ٢١ ألف فدان أخرى يجرى الانتهاء من بنيتها الأساسية، بينما حقيقة الأمر أن هناك ٤٠٠ ألف فدان جاهزة للتسليم والاستزراع بعد حفر ألف بئر لرى محاصيلها. هذا المشروع ليس مجرد مزارع، إنما مجتمعات زراعية صناعية سكنية خدمية متكاملة، نموذجها هو مزرعة سهل بركة بالفرافرة. وتصل تكلفة هذا المشروع العملاق إلى ٦٠ مليار جنيه. المشروع القومى للطرق بطول ٥ آلاف كيلومتر انتهت كلها وينتهى معها بنهاية العام إنشاء ١٥٠ كوبرى لتصل التكلفة الإجمالية إلى ٨٠ مليار جنيه بخلاف ألفى كيلو من الطرق يجرى شقها فى سيناء. المشروع القومى لتنمية سيناء، بإنشاء مجتمعات عمرانية و٩ أنفاق تربط سيناء بالوادى فى بورسعيد والإسماعيليةوالسويس ثلثاها للسيارات والثلث للقطارات يبدأ العمل فى أولها الشهر المقبل، بجانب مزارع سمكية وعشرات المصانع ومزارع على مساحة ٢٠٠ ألف فدان، وموانئ فى الطور والعريش ومطارات أهمها مطار المليز الدولى. محور تنمية قناة السويس، وعماده مشروع ازدواج القناة الذى تم فى عام، وأخذ مكانه فى سجلات التاريخ عنوانا لسرعة الإنجاز ورمزاً لصلابة إرادة المصريين. إنشاء ٦٠٠ ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل فى إطار مشروع الإسكان الاجتماعى تنتهى خلال عام، ويتم تسليم أول دفعة منها الثلاثاء المقبل فى مدينة بدر، بجانب ٥٠ ألف شقة لسكان العشوائيات الخطرة. إنشاء ٢٠ محطة للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف، لإنتاج ٧ مليارات متر مكعب من المياه أى ما يعادل 12.5% من حجم حصة مصر من مياه النيل، لمواجهة التوسعات فى الاستصلاح والزراعة. المشروع القومى للكهرباء، الذى يضاعف الطاقة المنتجة فى مصر من ٢٦ ألف ميجاوات إلى أكثر من ٥٠ ألف ميجاوات بتكلفة ٤٠٠ مليار جنيه، بما يؤدى إلى توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع والمشروعات التى يجرى الترويج لها والتخطيط لإنشائها خلال السنوات القادمة، بعد أن انتهت أزمة انقطاع التيار عن المنازل والمصانع بإنجاز الخطة العاجلة لتوفير الكهرباء. المشروع القومى للمزارع السمكية.. وهو مشروع يتم وسط تكتم شديد فى كفر الشيخ وشرق التفريعة وسيناء وغيرها، وستكون باكورته هو المزرعة السمكية فى بركة غليون بكفر الشيخ خلال أغسطس المقبل. هذا المشروع المتكامل يدمج المزارع مع مصانع أعلاف السمك ومصانع التثليج والتعبئة والتغليف، فى منظومة واحدة، لتوفير الاحتياجات المحلية والتصدير. باختصار هذا المشروع سيجعل من الأسماك وجبة شعبية للمصريين، وسيؤدى إلى خفض أسعار الدواجن واللحوم. نأتى إلى مشروع المدن الجديدة، شرق بورسعيد، شرق السويس، الإسماعيلية الجديدة، العلمين الجديدة، مدينة الجلالة.. والعاصمة الإدارية الجديدة. يتساءل كثيرون عن جدوى بعض هذه المدن وعن تكلفتها وتسويقها وأحيائها.. وببساطة رد الرئيس بعبارة واحدة على هؤلاء قائلاً إن مساحة الأراضى المتاحة للبيع فى هذه المدن يبلغ مليار متر مربع، فلو كان ثمن المتر منها ألف جنيه، فإن العائد سيكون تريليون جنيه. باختصار.. كان الرئيس يقصد أن تكلفة كل المشروعات الثمانية العملاقة بما فيها المدن الخمس الجديدة والعاصمة الإدارية وهو تريليون و٤٠ مليار جنيه سيأتى من ثمن بيع أراضى هذه المدن فقط! لم يذكر الرئيس فى سرده، إنشاء مطارين دوليين فى القطامية وغرب القاهرة ولم يشر إلى مشروع المثلث الذهبى بالصعيد، والمدن الحرفية الإنتاجية فى دمياط وجبل الروبيكى وغيرها، وإلى المناطق الصناعية بصعيد مصر، ولا إلى مشروعات البترول والغاز الكبرى وأهمها حقل «ظهر» بالبحر المتوسط. ولم يشر إلى مشروع قومى آخر بدأ منذ أقل من ٤ سنوات لتجديد شباب القوات المسلحة وتحديثها ورفع كفاءتها القتالية، وليس سراً أن حاملة الهليكوبتر «الميسترال» الأولى التى سميت جمال عبدالناصر ستصل الشهر المقبل، والحاملة الثانية أنور السادات ستصل فى سبتمبر، والغواصة الألمانية الأولى طراز «٢٠٩» ستصل فى غضون شهور. والدفعة الثالثة من صفقة الرافال ستصل قبل نهاية العام، ومع حلول العام الجديد ستشهد مفاجآت تسر كل مصرى وطني. لكن الرئيس السيسى بشرنا بمشروع قومى جديد سيسعد جموع الشعب هذا العام، وتكتم الرئيس الكشف عن طبيعته أو ملامحه.. ومعه حق! لنا أن نسعد بأنفسنا، وأن نفخر بما حققته السواعد السمراء فى غضون عامين. وللرئيس السيسى أن يعتز بأن اسمه فى تاريخ مصر لن يكون مقرونا فقط بلقب «المنقذ» وإنما أيضا بلقب «البنَّاء العظيم».