أشعل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي الموقف بين طهران من جهة وإسرائيل والولاياتالمتحدة من جهة أخرى، حينما أعلن أن طهران لا تكترث بضربة عسكرية وشيكة قد تواجهها في المستقبل المنظور. وفي حين عكست تصريحات جليلي رد فعل مغاير للخطاب السياسي الإيراني، وما انطوى عليه من تحسبات واستعداد لاحتمالات تفعيل الخيار العسكري ضدها. كشفت تسريبات عبرية النقاب عن اتصالات سرية تجريها إدارة اوباما مع تل أبيب، يتم بموجبها تراجع إسرائيل عن ضرب إيران في الخريف المقبل، شريطة تراجع طهران عن تطلعاتها النووية، أو تعرضها لهجوم إسرائيلي أو أمريكي مسلح العام المقبل 2013. تصريحات المسئول الإيراني، وما أعقبها من تسريبات عبرية، فرضت علامات استفهام كبيرة حول مدى علم طهران بالاتصالات الأمريكية الإسرائيلية، أو تيقنها من بالونه الاختبار التي تحاول من خلالها واشنطن وتل أبيب قياس رد الفعل الإيراني. وألمحت التسريبات التي يدور الحديث عنها إلى أن إدارة اوباما تجري اتصالات سرية مع تل أبيب قد تفضي في المستقبل القريب لاتفاق بين الجانبين، يقضي بإرجاء عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران الخريف المقبل، نظير منح الإدارة الأمريكية فرصة لإقناع حكومة طهران بالعدول عن تطلعاتها النووية، وإذا لم تنجح واشنطن في مهمتها، تكون ملزمة – بالسماح أو بالتعاون - مع تل أبيب، لتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية في موعد أقصاه 2013 المقبل. ووفقاً للمعلومات التي نشرها موقع "دبكا" العبري، بادر الرئيس الأمريكي إلى تلك الاتصالات بعد تلقيه تقارير استخباراتية، تؤكد إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه ايهود باراك على التعامل العسكري مع إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية. وأوضحت التسريبات ذاتها إلى أن اوباما سيجري مفاوضات بهذا الصدد مع نتنياهو في الثامن عشر من سبتمبر المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
الاتصالات الجارية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، بلورت صيغة الاتفاق المزمع مناقشته بين اوباما ونتانياهو، ويتضمن الاتفاق أربعة بنود، أولها: أن يبلغ اوباما الكونجرس كتابياً، اعتزامه استخدام القوة العسكرية ضد إيران، للحيلولة دون تمكينها من امتلاك أسلحة نووية، وان يصادق الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ على هذا الالتزام، ثانياً: أن يزور اوباما إسرائيل قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، ويلقي خطاباً في قاعة الكنيست، يؤكد فيه عزمه على استخدام الخيار العسكري الأمريكي ضد الدولة الفارسية، إذا لم تتوقف الأخيرة عن تطوير برنامجها النووية، وان يكرر الرئيس الأمريكي التصريحات ذاتها خلال خطاب آخر يلقيه أمام حشود كبيرة من الشخصيات العامة في إسرائيل. أما ثالث الشروط فهي أن تلتزم الولاياتالمتحدة بتطوير قدرات إسرائيل الإستراتيجية والعسكرية والاستخباراتية خلال الثمانية أشهر المقبلة، أو بعبارة أخرى حتى صيف 2013، ليلتزم أي رئيس أمريكي جديد – إذا لم يفز اوباما بالرئاسة – بتلك التعهدات حتى تتمكن إسرائيل من توجيه ضربة عسكرية لإيران، لو لم تتراجع الأخيرة عن تطوير برنامجها النووي، ورابعها أن تتراجع إسرائيل عن توجيه ضربة عسكرية لإيران خلال خريف 2012 الجاري. ويقوم بعملية التفاوض حول الملف النووي الإيراني من الجانب الامريكي "توم دولينون" مستشار الأمن القومي الأمريكي، بينما يديرها من الجانب الإسرائيلي رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، ويتلقى الرئيس الأمريكي أولا بأول ما تم التوصل الى بلورته من تفاهمات بين واشنطن وتل أبيب في هذا الصدد. كما يساهم في المفاوضات من الجانب الإسرائيلي "رون ديلمر" كبير مستشاري نتانياهو، وهو المنصب الذي يشغله ديلمر في توقيتات عصيبة امنياً بالنسبة لإسرائيل، وبحسب التسريبات العبرية لم يعترض الرئيس الأمريكي على أي من الاقتراحات المطروحة في المفاوضات. ويؤكد مراقبون في تل أبيب انه لم يعد أمام باراك اوباما طريقة لمنع إسرائيل من قصف إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية سوى الالتزام كتابياً بمطالب إسرائيل، وان الأخيرة اختارت التلويح بضرب منشآت إيران النووية في هذا التوقيت، لعلمها بأن الإدارة الأمريكية سترضخ لمطالبها في نهاية المطاف، ليحول ذلك دون اعتمادها على نفسها فقط في تفعيل الخيار العسكري ضد إيران.