مر على رحيل الفنان علي الكسار 59 عامًا، تاركًا بصمة لا يمكن أن تنسى في عالم السينما المصرية، لم ولن تتكرر على الإطلاق. ولد علي محمد خليل سالم - 13 يوليو عام 1887 - في حي البغالة بالقاهرة، وتكريمًا لوالدته اختار لقب عائلتها لتكون كنيته، ليصبح "علي الكسار". بدأ حياته "سروجي" وهو لا يزال في سن صغيرة، ولكنه لم يتمكن من احتراف المهنة فتركها، ودفعه حبه للأراجوز إلى تقليد الأصوات وتمثيل بعض الشخصيات. وتعلم لهجة "السفرجية" بعد أن عمل طباخًا، واحتك بالبوابين والنوبيين، وترك الطبخ، وعمل في فرقة "دار التمثيل الزينبي"، ومن بعدها "جورج أبيض". ذاع صيته بعد أن عمل في كازينو "دي باري"، حتى أن نجيب الريحاني قال أن الكازينو احتل مكانة كبيرة بعد أن عمل فيه الكسار، والذي أصبح منافسًا قويًا له. تميز بالشخصية النوبية والسودانية، وبتمثيله للبواب والسفرجي ببراعة لم يصل إليها غيره، وأشهر ما لقب به الشخصية التي مثلها "عثمان عبدالباسط" النوبي الأسمر. حقق علي الكسار شهرة كبيرة، وكان أمين صدقي –المؤلف السابق للريحاني- يؤلف المسرحيات أو يترجمها من المسرح العالمي ويمصّرها ويضفي عليها الطابع الشعبي المصري والكسار يمثل ويقود الفرقة. والغريب أن أغنية "محسوبكوا إنداس"، التي اشتهر بها إيمان البحر درويش، كان الكسار هو أول من غناها عام 1919 كأحد أغاني رواية "لسة"، والتي تعود ألحانها ل"سيد درويش" الذي قام بتلحين 13 مقطوعة لجميع الفرق المسرحية، ولحن لعلي الكسار وحده 11 مسرحية. وأحبته الفنانة زكية ابراهيم، التي كانت تجسد دور حماته في معظم أفلامه، وبالرغم من أنه لم يتزوجها، إلا أنها كانت تغار عليه كثيرا، ويقال أنها كانت سببا في مغادرة الفنانة الشابة وقتها ماري منيب من الفرقة بسبب غيرتها منها، عندما شجع الكسار الفنانة الشابة ماري عندما كانت سببا في زيادة الإيرادات، هذا بحسب ما ذكرته إحدى الصحف. نافست فرقته فرقة "نجيب الريحاني" ووجهت الفرقتان لبعضهما البعض الانتقادات من خلال أسماء المسرحيات. وبدأ الكسار عمله في عالم السينما عام 1935، مع المخرج ألكسندر فاركاش من خلال فيلم "بواب العمارة"، ثم توالت أفلامه مع المخرج توجو مزراحي وشكلّوا ثنائيا كان أول أفلامه عام 1936 "غفير الدرك"، ثم توالت أفلامهما مثل "سلفني 3 جنيه"، و"عثمان وعلي"، و"100 ألف جنيه"، وغيرها من الأفلام. ولقّب علي الكسار بالمليونير الخفي، نظرًا لضخامة ثروته والتي لم تغير من تواضعه شيئًا، والغيرب أنه على الرغم من تمثيله دائمًا لشخصية نوبية وبربرية إلا أنه كان أبيض اللون. وفي آخر لقاءاته، قال: " أنا آمالي كلها كانت بأني أكون ممثل كويس قرب الجمهور، وهذا وصلت إليه والحمد لله، ومحبش في الدنيا غير كده". توفي الكسار - 15 يناير عام 1957 - في مستشفى قصر العيني