رغم التراجع الاقتصادي الذى شهدته مصر عقب ثورة يناير والذي تجسد بشكل رئيسي في إغلاق أكثر من 2000 مصنع وانخفاض قيمة الجنيه والنمو الاقتصادي وارتفاع التضخم والبطالة. إلا أن السياسة الحذرة للقطاع المصرفي ساهمت بفاعلية في كبح التدهور الاقتصادي والانهيار المالي. ويرى محللون مصرفيون أن سياسات القطاع المصرفي ساهمت في تجنيب مصر تداعيات الأزمات المالية سواء الداخلية أو الخارجية، مشددين على أن تلك السياسات ركزت على ضخ المزيد من السيولة الدولارية لوقف تراجع العملة المحلية، وتوفير الائتمان لعدد من المشروعات والصادرات والواردات. وواجهت البنوك المصرية أزمات عديدة منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك في 11 فبراير 2011، من بينها تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج، وغياب التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة، وتفاقم الدين الحكومي إلى حوالي 1.1 تريليون جنيه، وهبوط احتياطي النقد الأجنبي. وقال رئيس البنك الأهلي المصري طارق عامر "إن الجهاز المصرفي لعب دورا فعالا في حماية مصر من الأزمات المالية، موضحا أن حركة التصدير والاستيراد لم تتأثر سلبا بالأزمات الاقتصادية التي شهدتها مصر عقب ثورة يناير بفضل تحمل البنوك لالتزاماتها المتعلقة بتوفير التمويل لكافة العملاء". وأضاف أن الجهاز المصرفي المصري يعمل بطريقة سليمة حاليا حيث تحول إلى استشاري للعميل، وساهم في نقل الخبرات إلى قطاع الأعمال لمساعدته على اتخاذ القرارات الاستثمارية الصائبة، مشددا على ضرورة تفعيل أساليب الثقة والمحاسبة بين إدارات الدولة المختلفة ومن بينها الجهاز المصرفي لتعزيز أدائها. واستبعد عامر تأثر أنشطة البنوك التقليدية بتنامي الاهتمام بالمصارف الإسلامية، لافتا إلى أن بنوكا تقليدية عديدة أنشأت فروعا للمعاملات الإسلامية، إلا أنها تتسم بالمحدودية. وقال الخبير المصرفي هشام عز العرب "إن استمرار عدد كبير من القطاعات الاقتصادية في ممارسة أنشطتها بعد ثورة 25 يناير يعود بشكل رئيسي إلى الجهاز المصرفي رغم تراجع احتياطي النقد الأجنبي من 36 مليار دولار في يناير 2011 إلى 15.3 مليار دولار حاليا، والاستثمارات الأجنبية المباشرة أيضا. وفى السياق ذاته، قالت الدكتورة عادلة رجب أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة "إن فاعلية النظام المصرفي ساهمت في كبح التدهور الاقتصادي في مصر عقب الثورة، منوهة إلى أن النظام المصرفي يقف حاليا على أرض صلبة رغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري". وأوضحت سوزان حمدي الخبيرة المصرفية أن التحديات الاقتصادية التي تواجه النظام المصرفي في مصر تتمثل في تقلص دور البنوك التقليدي كوسيط مالي، وزيادة المنافسة من جانب المؤسسات المالية غير البنكية، وتراجع الحصة السوقية لقطاع البنوك والعولمة، وسهولة تداول المعلومات التي عززت سقف احتياجات العملاء وتوقعاتهم والتطور السريع والمتلاحق للتكنولوجيا، وانخفاض هامش العمولات والعائد نتيجة المنافسة، وتطور العمل المصرفي والاتجاه لنظام المصارف الشاملة، علاوة على الاندماجات المصرفية. وأكدت على ضرورة وضوح الرؤية قبل اتخاذ القرارات المتعلقة بالنظام المصرفي، مشيرة إلى أن البنك المركزي المصري ساهم في تعزيز الاستقرار المصرفي رغم التحديات الاقتصادية التي شهدتها مصر عقب الثورة.