كلما جاء شهر نوفمبر من كل عام، يطغى الحدث الأهم في تاريخ مصر المعاصر ألا وهو زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس على كل الأحداث، حيث أحدثت دويا غير مسبوق وظلت الأكثر أهمية في تاريخ بطل الحرب والسلام. فبعد مرور 37 عاما على لزيارة الرئيس الراحل أنور السادات لمدينة القدس حيث وطأت قدماه مطار بن جوريون في 19 نوفمبر من عام 1977 من أجل التوصل إلى تسوية شاملة للصراع الإسرائيلي- العربي، حيث فتحت الزيارة الأبواب المغلقة في إمكانية إبرام اتفاقية بين مصر وإسرائيل. "يجب أن يعلم السادات أنه إذا كان ينوي الخداع، كما فعل في حرب 1973 فإننا على وعي تماما لمواجهته ونحن نعرف أن الجيش المصري يعد نفسه للحرب ضد إسرائيل، على الرغم من إعلان السادات نيته زيارة القدس".. بهذه الكلمات عبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق موردخاي غور، في مقابلة أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت في 15 نوفمبر عام 1977، عن القلق والتوتر الذي تعيشه إسرائيل قبل زيارة الرئيس السادات للقدس. كلما جاء شهر نوفمبر من كل عام، يطغى الحدث الأهم في تاريخ مصر المعاصر ألا وهو زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس على كل الأحداث، حيث أحدثت دويا غير مسبوق وظلت الأكثر أهمية في تاريخ بطل الحرب والسلام. فبعد مرور 37 عاما على لزيارة الرئيس الراحل أنور السادات لمدينة القدس حيث وطأت قدماه مطار بن جوريون في 19 نوفمبر من عام 1977 من أجل التوصل إلى تسوية شاملة للصراع الإسرائيلي- العربي، حيث فتحت الزيارة الأبواب المغلقة في إمكانية إبرام اتفاقية بين مصر وإسرائيل. "يجب أن يعلم السادات أنه إذا كان ينوي الخداع، كما فعل في حرب 1973 فإننا على وعي تماما لمواجهته ونحن نعرف أن الجيش المصري يعد نفسه للحرب ضد إسرائيل، على الرغم من إعلان السادات نيته زيارة القدس".. بهذه الكلمات عبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق موردخاي غور، في مقابلة أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت في 15 نوفمبر عام 1977، عن القلق والتوتر الذي تعيشه إسرائيل قبل زيارة الرئيس السادات للقدس. خطاب الزيارة لم يكن يومًا عاديًا في حياة المصريين أو الإسرائيليين فقط بل العرب والعالم أجمع، بعد المفاجأة المدوية التي فجرها السادات في إحدى خطبه الموجهة للشعب المصري في إحدى جلسات البرلمان يوم 9 نوفمبر 1977 بأنه على استعداد لزيارة إسرائيل إذا كان هذا يخدم المصالح المصرية والسلام العالمي، قائلاً:"ستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم". تصور البعض أن كلمات السادات في البرلمان هى مناورة سياسة قصد بها الرئيس السادات إحراج الإسرائيليين سياسيًا أمام الرأي العام العالمي فقط دون أن يعني أنه سيفعل ذلك، وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن إلى الاستجابة أولا بتوجيه دعوة شفهية إلى السادات للمجيء إلى القدس، ثم بعد ذلك بخمسة أيام أرسل دعوة مكتوبة إلى الرئيس المصري عبر السفارتين الأمريكيتين في تل أبيب والقاهرة . عاشت إسرائيل في هذه الفترة أجواء مضطربة جدا قبل الزيارة، وحذر خبراء أمن تل أبيب من احتمالية وجود خطر كبير فبدلاً من نزول السادات من الطائرة بعد وصولها، يحتمل أن يهبط منها مجموعة من الإرهابيين تندفع لتحصد نيران أسلحتها أرواح كبار القادة الإسرائيليين، الذين ينتظرون السادات في أرضية المطار. زيارة السادات انقطع الإرسال التليفزيوني في البلدين ليتم إذاعة مراسم استقبال الحكومة الإسرائيلية التي ضمت مناحم بيجن رئيس الوزراء، وأفرايم كاتزير رئيس الدولة، وأعضاء الحكومة، والحاخام الأكبر، وآرييل شارون، وموشي ديان، وكثيرين آخرين من بينهم جولدا مائير، للرئيس السادات على أرض مطار بن جوريون الدولي قرب تل أبيب. في اليوم التالي للزيارة، بعد صلاة الفجر التي أداها السادات في المسجد الأقصى، وزيارة "ياد فاشيم" وهو متحف المحرقة التذكاري، توجه السادات إلى الكنيست وألقى خطابه التاريخي. خطاب تاريخي بدأ السادات خطابه أمام الكنيست بكلمات: "أيها السيدات والسادة اسمحوا لي أولا أن أتوجه إلى السيد رئيس الكنيست بالشكر الخاص، لإتاحته هذه الفرصة، لكي أتحدث إليكم. وحين أبدأ حديثي أقول: السلام عليكم ورحمة الله، والسلام لنا جميعا، بإذن الله السلام لنا جميعا، على الأرض العربية وفي إسرائيل ، وفي كل مكان من أرض هذا العالم الكبير، المعقَّد بصراعاته الدامية، المضطرب بتناقضاته الحادَّة، المهدَّد بين الحين والحين بالحروب المدمِّرة، تلك التي يصنعها الإنسان، ليقضي بها على أخيه الإنسان. وفي النهاية، وبين أنقاض ما بني الإنسان، وبين أشلاء الضحايا من بنِي الإنسان، فلا غالب ولا مغلوب، بل إنَّ المغلوب الحقيقي دائما هو الإنسان، أرقى ما خلقَّه الله.. الإنسان الذي خلقه الله، كما يقول غاندي، قدّيس السلام، "لكي يسعى على قَدَميه، يبني الحياة، ويعبد الله". وتابع:"قد جئت إليكم اليوم على قَدَمَيْن ثابتَتَيْن، لكي نبني حياة جديدة، لكي نُقِيم السلام وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا، مسلمين ومسيحيين ويهود، نعبد الله، ولا نشرك به أحدا. وتعاليم الله ووصاياه، هي حب وصدق وطهارة وسلام". ردود الأفعال أثارت زيارة السادات للقدس وما تبعها من توقيع اتفاقيات "كامب ديفيد" ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية.. ففي مصر. استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية وسماها مذبحة التنازلات، وكتب مقال كامل في كتابه "السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد" المنشور في بداية الثمانينيات أن "ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل"، وانتقد كل اتفاقات كامب ديفد لكونها لم تشر بصراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وعقدت الدول العربية مؤتمر قمة رفضت فيه كل ما صدر.. واتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس، احتجاجاً على الخطوة المصرية. وعلى صعيد الشارع العربي كان هناك جو من الإحباط والغضب لأن الشارع العربي كان آنذاك لا يزال تحت تأثير أفكار الوحدة العربية وأفكار جمال عبد الناصر وخاصة في مصر والعراقوسوريا وليبيا والجزائر واليمن. يرى البعض أن الاتفاقية أدت إلى نشوء نوازع الزعامة الإقليمية والشخصية في العالم العربي لسد الفراغ الذي خلفته مصر وكانت هذه البوادر واضحة لدى القيادات في العراقوسوريا فحاولت الدولتان تشكيل وحدة في عام 1979 ولكنها انهارت بعد أسابيع قليلة، وقام العراق على وجه السرعة بعقد قمة لجامعة الدول العربية في بغداد في 2 نوفمبر 1978 ورفضت اتفاقية كامب ديفيد وقررت نقل مقر الجامعة العربية من مصر وتعليق عضوية مصر ومقاطعتها وشاركت بهذه القمة 10 دول عربية ومنظمة التحرير الفلسطينية وعرفت هذه القمة باسم "جبهة الرفض". وفي 20 نوفمبر 1979 عقدت قمة تونس العادية وأكدت على تطبيق المقاطعة على مصر، وازداد التشتت في الموقف بعد حرب الخليج الأولى إذ انضمت سوريا وليبيا إلى صف إيران وحدث أثناء هذا التشتت غزو إسرائيل للبنان في عام 1982 بحجة إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من جنوبلبنان وتمت محاصرة للعاصمة اللبنانية لعدة شهور ونشأت فكرة "الإتحاد المغاربي" الذي كان مستنداً على أساس الانتماء لأفريقيا وليس الانتماء للقومية العربية. ورغم تعدد الأصوات المعارضة للزيارة وما تبعها من اتفاقيات، إلا أن السادات نجح في إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل، وفتح الباب أمام استرداد سيناء والأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، حتى إن أصوات إسرائيلية قالت فيما بعد إن السادات نجح في خداع إسرائيل واسترد كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في سيناء.