التشكيل الكامل للجنة القيم بمجلس النواب بدور الانعقاد الخامس    بعد أوتوبيس الجلالة.. 9 قرارات لمجلس الجامعات الأهلية لعدم تكرار الحادثة    وزير التعليم العالى يرأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية وإعلان تأسيس جامعة الوادي    فيديو وصور.. رئيس الأركان يشهد المرحلة الرئيسية للتدريب "ميدوزا -13" باليونان    فريق الصم وضعاف السمع بتعليم البحيرة يحصلون على البطولة الإقليمية فى الكرة الخماسية    رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي: نسعى للشراكة مع القطاع الخاص لبناء 10 آلاف وحدة سكنية    التموين تتعاقد على استيراد 30 مليون بيضة وطرح الكرتونة ب 150 جنيهًا    سعر طبق البيض بالمجمعات الاستهلاكية بعد التعاقد على مليون بيضة    وزيرة البيئة: نبني على الجهود السابقة التي نجحت في مواجهة السحابة السوداء    نائب وزير المالية: "الإطار الموازني متوسط المدى" أحد الإصلاحات لسد الفجوة بين تخطيط وتنفيذ الموازنة    قمة مصرية روسية اليوم    مديرة صندوق النقد: ارتفاع الأسعار سيزيد من تحديات نمو الاقتصاد العالمي    الشرطة الأمريكية تعتقل محتجين مؤيدين لفلسطين في جامعة مينيسوتا    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى    نابولي يغرد في صدارة ترتيب الدوري الإيطالي عقب الجولة الثامنة    "أكبر قلعة؟ متعود على الانسحاب".. مدحت شلبي يفتح النار على حسين لبيب    رئيس إنبي: لن نحصل على أموال من الزمالك حال فوزه بالسوبر.. والأهلي منحنا 21 مليون جنيه    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    إقرار التصالح بين أسرة ضحية الدهس وأحمد فتوح بجنايات مطروح (فيديو)    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    دخل وراهم دورات المياه.. فصل موظف مدرسة تحرش بطالبات إعدادي بالجيزة    إصابة 3 أشخاص في حادث انقلاب سيارة "فان باص" بطريق بني سويف الفيوم    نجوى كرم تحيي حفل رأس السنة بدار أوبرا دبي    هاني شاكر يغني اليوم في دار الأوبرا بقيادة المايسترو مصطفى حلمي    وزيرا الرياضة والتعليم يبحثان التعاون في مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"    هيئة الشراء الموحد: لدينا أكثر من 170 مصنعًا للأدوية في مصر    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي الاستفادة من الخبرات المصرية في إنشاء وتجهيز المستشفيات    القصر العيني يطلق قاطرة الاعتماد نحو مستقبل الصحة    الشراء الموحد: وجود أكثر من 170 مصنعًا للأدوية في مصر يؤكد الاهتمام بتوطين صناعتها    إحالة مسجلين إلى الجنح لاتهامهم بسرقة شركة في المرج    المؤتمر الأوروبي الفلسطيني يدعو للوقف الفوري لعدوان الاحتلال على غزة    والد عمر كمال يكشف طبيعة إصابته.. وموقفه من نهائي السوبر    كوريا الجنوبية تدرس إرسال فريق مراقبة لأوكرانيا لتقييم قدرات جارتها الشمالية    علي جمعة يفسر قوله تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}    احذر من الإفلاس يوم القيامة.. كيف تنجو من النار بعمل سهل وبسيط؟    وزير الصناعة: إصدار شهادات الإشراف الصحي والصلاحية للمنتجات الغذائية بداية من 2025    «الأزهر»: دورة مجانية لتعليم البرمجة وعلوم الروبوت للأطفال والشباب    مايا مرسى: مصر توفر الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    من أكرم إلى ياسر في مسلسل برغم القانون.. لماذا ينجذب الممثلون لأدوار الشر؟    الجنايات تحسم اليوم مصير أحمد فتوح بتهمة القتل الخطأ تحت تأثير المخدرات    في خدمتك| العمل تحدد شروط شغل 950 وظيفة بالقاهرة    رئيس «التنسيق الحضاري» عن فوزه بجائزة «الآثاريين العرب»: تتويج لرحلة 30 سنة ثقافة    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    اختناق شخص في حريق بمخزن مشروبات غازية بالشرقية.. والحماية المدنية تسيطر على الوضع    رونالدو يقود تشكيل النصر المتوقع أمام الاستقلال في دوري أبطال آسيا للنخبة    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    الكرة النسائية.. المدير الفني لفريق سيدات "مسار" يطالب الاتحاد بحلول لظاهرة الهروب من المباريات    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمدي قنديل يكتب
قرارات خاطئة في مؤسسات هامة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 30 - 08 - 2014

التعيين في منصب الوزير قرار سياسي بالدرجة الأولي، وهو لا يتعلق بالكفاءة بالضرورة.. ومهما اختلفت الآراء حول وزراء إعلام الثورة الثلاثة (هيكل وأنيس وشرف الدين)، إلاّ أنه يذكر لهم أنهم قبلوا تولي المنصب في ظروف بالغة القسوة..
منصب الوزير أيام مبارك كان منصبا له شنة ورنة، فقد كان دلالة علي الحظوة لدي الحكام، ومدخلا لشبكة التربيطات المعقدة التي تدير البلاد وتتحكم في العباد، وكان شاغله يظل في كرسيه سنوات (امتدت إلي ما يقرب من العشرين في عدد من الحالات)، وعندما يغادره يجد الأبواب مفتوحة للتعيين في مجالس إدارات مؤسسات الدولة وبنوكها العامة..
انتهت أسطورة منصب الوزير بقيام ثورة يناير التي قضت علي إغراء الكرسي، وراح الكثيرون من المرشحين الأكفاء يعتذرون عن عدم قبول الوزارة إما لقصر عمر الحكومات، أو لأن المناخ السياسي والأمني القلق لا يتيح للحكومة فرص نجاح كافية، أو لأن الحكومة لا تملك من أمرها الكثير أمام السلطة الفعلية الحاكمة في البلاد.. والحاصل أن الحكومات الست التي توالت علي حكم مصر بعد 25 يناير (شفيق وشرف الأولي والثانية والجنزوري وقنديل والببلاوي) عجزت جميعها عن تقديم حلول لمشاكل المصريين، وطوي النسيان معظم وزرائها الذين لم يقدموا شيئا يسجله لهم التاريخ.. وهكذا درج المصريون علي الاستخفاف بالوزراء بعد ما كان للمناصب الوزارية من رونق ونفوذ قبل الثورة..
إن كان هذا صحيحا بالنسبة لمعظم الوزارات، فمن المؤكد أن القاعدة لا تنطبق علي وزارة بعينها هي وزارة الإعلام، إذ تبدو الصورة مختلفة تماما بالنسبة للوزراء الذين تولوها بعد الثورة، فهم إما أن يحالوا إلي المحاكمة وإما أن تفتح لهم أبواب المؤسسات الحكومية لتولي مناصب تدر عليهم من الأموال أضعاف ما كانوا يتقاضونه وهم وزراء، تماما كما كان الحال في أيام مبارك..
الذين أحيلوا إلي المحاكمة اثنان، هما أنس الفقي وزير إعلام شفيق وصلاح عبد المقصود وزير إعلام الإخوان، وقد حكم علي أولهما (الفقي) بالسجن 7 سنوات لإهدار المال العام في اتحاد الإذاعة والتليفزيون في حين أن الثاني (عبد المقصود) هارب من المحاكمة في قضية سرقة سيارات البث التليفزيوني في رابعة.. أما أسامة هيكل (وزير إعلام حكومة شرف) فقد عين عضوا في مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي في يونيو الماضي ثم رئيسا للمجلس وعضوا منتدبا في أغسطس الحالي، وهو المنصب الذي كانت قد رشحت له درية شرف الدين (وزير إعلام حكومة الببلاوي) ثم تراجعت عن الترشيح بعد أن رفضها اتحاد الإذاعة والتليفزيون، في حين تولي اللواء أحمد أنيس ( وزير إعلام الجنزوري) رئاسة » الشركة المصرية للأقمار الصناعية نايل سات »‬ هذا الشهر أيضا..
التعيين في منصب الوزير قرار سياسي بالدرجة الأولي، وهو لا يتعلق بالكفاءة بالضرورة.. ومهما اختلفت الآراء حول وزراء إعلام الثورة الثلاثة (هيكل وأنيس وشرف الدين)، إلاّ أنه يذكر لهم أنهم قبلوا تولي المنصب في ظروف بالغة القسوة.. الآن، وقد بدأت البلد تتجه نحو الاستقرار يبدو أننا نعود مرة أخري إلي التقليد الشائع في عهد مبارك الذي اعتاد مكافأة الوزراء السابقين المرضي عنهم بالتعيين في الوظائف العامة ذات الرواتب البراقة.. لكن الأمر لم يعد يقابل بالسكوت كما كان عليه الحال في الماضي، إذ يلاحظ المراقبون أن هناك اعتراضا واسعا الآن في أوساط الإعلاميين علي تعيين الوزراء السابقين أو محاولة تعيينهم في الشركتين الإعلاميتين البارزتين (مدينة الإنتاج ونايل سات)..
يقوم هذا الاعتراض علي خمس حجج جديرة بالاعتبار (1) أن الشركتين – بالاضافة إلي اتحاد الإذاعة والتليفزيون – هما ركيزة الإعلام المصري في الداخل والخارج (2) أن تعيين الوزراء السابقين في مؤسسات الدولة ردة إلي ممارسات عهد مبارك (3) أنهم لا يملكون الخبرة الفنية الكافية لإدارة هذه المؤسسات (4) أن تعيينهم يؤكد استمرار الاعتماد علي القيادات القديمة وإغلاق الأبواب أمام قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يملك النسبة الأكبر بين أصحاب أسهم هذه الشركات (5) وأن هذا لا يتماشي مع ما نادت به الثورة وأكده الحكام من الاعتماد علي الشباب وإن كنا لم نلحظ له أثرا علي أرض الواقع.. هناك أيضا سبب إضافي هو أن القانون 159 لسنة 1981 (مادة 178) يمنع تعيين الوزراء في الشركات المساهمة قبل مرور 3 سنوات علي توليهم الوزارة، وإن كان القانون قد أتاح لرئيس الوزراء استثنائيا الموافقة علي التعيين..
مدينة الإنتاج الإعلامي هي درة مملكة الإعلام في مصر، وأكبر مدينة من نوعها وكذلك أكبر مجمع لاستوديوهات التليفزيون في الشرق الأوسط، وهي مقامة في منطقة حيوية (6 أكتوبر) علي مساحة شاسعة تبلغ مليوني متر مربع، وتحتوي علي أماكن عديدة للتصوير الخارجي، بالاضافة إلي مدينة للألعاب المائية (ماجيك لاند) وكذلك أكاديمية للاعلام والهندسة الإذاعية توفر تدريبا عمليا فريدا من نوعه لا نظير له في المنطقة.. ورغم أن رأسمال المدينة يبلغ نحو ملياري جنيه إلاّ أن سعر السهم الذي صدر بقيمة إسمية تبلغ عشرة جنيهات قد انخفض الآن إلي ما يقل عن خمسة جنيهات رغم أنه كان قد ارتفع منذ سنوات إلي أكثر من 80 جنيها.. وقد ظلت المدينة لسنوات طويلة مرتعا لفساد رهيب حتي إن مستشارها الإذاعي القدير السيد الغضبان يقول إن »‬ مليارات من الجنيهات تسربت من خزائنها إلي شركات إنتاج أسسها أبناء وزراء وكبار مسئولين في عهد مبارك »‬، ولا تزال آثار هذا الفساد تنهك المدينة حتي الآن..
وفي حين يواجه أسامة هيكل مهمة صعبة ليس مؤهلا لها تماما في مدينة الإنتاج التي يعتمد العمل فيها أساسا علي الخبرة في الإنتاج التليفزيوني، فإن مهمة أحمد أنيس في نايل سات تبدو أكثر يسرا، خاصة وأن الشركة أطلقت قمرين صناعيين ناجحين هما الأكثر مشاهدة في المنطقة، وهي تشغل بكفاءة ما يزيد علي 500 قناة تليفزيونية فضائية، كما أن نايل سات حققت صافي ربح في الربع الأول من عام 2014 يقدر ب 17.7 مليون دولار وهو ما يزيد بنحو 60% عن الأرباح التي حققتها في نفس الفترة من العام الماضي (يبلغ رأسمال الشركة 186 مليون دولار).. إلاّ أن ما يثير علامات استفهام حول تعيين أنيس لا يقتصر فقط علي أن مجال عمل الشركة الهندسي الاقتصادي في المقام الأول بعيد تماما عن خبرته، ولكن أيضا اتهامه في قضية إهدار مال عام، وإن كان قد أخلي سبيله فيها بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه..
تعيين هيكل وأنيس في هذين المنصبين الهامين قرار خاطئ، لكن المصيبة الحقيقية هي أنه إما أن ماسبيرو – بتاريخه العريض الممتد أكثر من 60 سنة وعشرات الألوف من العاملين فيه – يخلو من مرشحين لديهم الكفاءة اللازمة لشغل هذه الوظائف، أو أن المسئولين لا يرون أو لا يريدون أن يروا هؤلاء المرشحين، وأنهم يرتدون بنا إلي زمن أهل الثقة لا أهل الخبرة في وقت يعلن فيه الرئيس السيسي أنه يبحث عن الكفاءات لتولي الوظائف العامة..
أعرف أن كبار المسئولين في البلد يقولون إن هذه المناصب تتعلق بأمن مصر القومي ويخشون علي مؤسسات إعلام الدولة من أطماع حيتان القطاع الخاص الذين يراودهم حلم الاستيلاء عليها، لكنك لا يجب أن تكون بالضرورة وزيرا سابقا حتي تحافظ علي المصالح العليا للبلاد وترفض هذه المطامع ..
التعيين في منصب الوزير قرار سياسي بالدرجة الأولي، وهو لا يتعلق بالكفاءة بالضرورة.. ومهما اختلفت الآراء حول وزراء إعلام الثورة الثلاثة (هيكل وأنيس وشرف الدين)، إلاّ أنه يذكر لهم أنهم قبلوا تولي المنصب في ظروف بالغة القسوة..
منصب الوزير أيام مبارك كان منصبا له شنة ورنة، فقد كان دلالة علي الحظوة لدي الحكام، ومدخلا لشبكة التربيطات المعقدة التي تدير البلاد وتتحكم في العباد، وكان شاغله يظل في كرسيه سنوات (امتدت إلي ما يقرب من العشرين في عدد من الحالات)، وعندما يغادره يجد الأبواب مفتوحة للتعيين في مجالس إدارات مؤسسات الدولة وبنوكها العامة..
انتهت أسطورة منصب الوزير بقيام ثورة يناير التي قضت علي إغراء الكرسي، وراح الكثيرون من المرشحين الأكفاء يعتذرون عن عدم قبول الوزارة إما لقصر عمر الحكومات، أو لأن المناخ السياسي والأمني القلق لا يتيح للحكومة فرص نجاح كافية، أو لأن الحكومة لا تملك من أمرها الكثير أمام السلطة الفعلية الحاكمة في البلاد.. والحاصل أن الحكومات الست التي توالت علي حكم مصر بعد 25 يناير (شفيق وشرف الأولي والثانية والجنزوري وقنديل والببلاوي) عجزت جميعها عن تقديم حلول لمشاكل المصريين، وطوي النسيان معظم وزرائها الذين لم يقدموا شيئا يسجله لهم التاريخ.. وهكذا درج المصريون علي الاستخفاف بالوزراء بعد ما كان للمناصب الوزارية من رونق ونفوذ قبل الثورة..
إن كان هذا صحيحا بالنسبة لمعظم الوزارات، فمن المؤكد أن القاعدة لا تنطبق علي وزارة بعينها هي وزارة الإعلام، إذ تبدو الصورة مختلفة تماما بالنسبة للوزراء الذين تولوها بعد الثورة، فهم إما أن يحالوا إلي المحاكمة وإما أن تفتح لهم أبواب المؤسسات الحكومية لتولي مناصب تدر عليهم من الأموال أضعاف ما كانوا يتقاضونه وهم وزراء، تماما كما كان الحال في أيام مبارك..
الذين أحيلوا إلي المحاكمة اثنان، هما أنس الفقي وزير إعلام شفيق وصلاح عبد المقصود وزير إعلام الإخوان، وقد حكم علي أولهما (الفقي) بالسجن 7 سنوات لإهدار المال العام في اتحاد الإذاعة والتليفزيون في حين أن الثاني (عبد المقصود) هارب من المحاكمة في قضية سرقة سيارات البث التليفزيوني في رابعة.. أما أسامة هيكل (وزير إعلام حكومة شرف) فقد عين عضوا في مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي في يونيو الماضي ثم رئيسا للمجلس وعضوا منتدبا في أغسطس الحالي، وهو المنصب الذي كانت قد رشحت له درية شرف الدين (وزير إعلام حكومة الببلاوي) ثم تراجعت عن الترشيح بعد أن رفضها اتحاد الإذاعة والتليفزيون، في حين تولي اللواء أحمد أنيس ( وزير إعلام الجنزوري) رئاسة » الشركة المصرية للأقمار الصناعية نايل سات »‬ هذا الشهر أيضا..
التعيين في منصب الوزير قرار سياسي بالدرجة الأولي، وهو لا يتعلق بالكفاءة بالضرورة.. ومهما اختلفت الآراء حول وزراء إعلام الثورة الثلاثة (هيكل وأنيس وشرف الدين)، إلاّ أنه يذكر لهم أنهم قبلوا تولي المنصب في ظروف بالغة القسوة.. الآن، وقد بدأت البلد تتجه نحو الاستقرار يبدو أننا نعود مرة أخري إلي التقليد الشائع في عهد مبارك الذي اعتاد مكافأة الوزراء السابقين المرضي عنهم بالتعيين في الوظائف العامة ذات الرواتب البراقة.. لكن الأمر لم يعد يقابل بالسكوت كما كان عليه الحال في الماضي، إذ يلاحظ المراقبون أن هناك اعتراضا واسعا الآن في أوساط الإعلاميين علي تعيين الوزراء السابقين أو محاولة تعيينهم في الشركتين الإعلاميتين البارزتين (مدينة الإنتاج ونايل سات)..
يقوم هذا الاعتراض علي خمس حجج جديرة بالاعتبار (1) أن الشركتين – بالاضافة إلي اتحاد الإذاعة والتليفزيون – هما ركيزة الإعلام المصري في الداخل والخارج (2) أن تعيين الوزراء السابقين في مؤسسات الدولة ردة إلي ممارسات عهد مبارك (3) أنهم لا يملكون الخبرة الفنية الكافية لإدارة هذه المؤسسات (4) أن تعيينهم يؤكد استمرار الاعتماد علي القيادات القديمة وإغلاق الأبواب أمام قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يملك النسبة الأكبر بين أصحاب أسهم هذه الشركات (5) وأن هذا لا يتماشي مع ما نادت به الثورة وأكده الحكام من الاعتماد علي الشباب وإن كنا لم نلحظ له أثرا علي أرض الواقع.. هناك أيضا سبب إضافي هو أن القانون 159 لسنة 1981 (مادة 178) يمنع تعيين الوزراء في الشركات المساهمة قبل مرور 3 سنوات علي توليهم الوزارة، وإن كان القانون قد أتاح لرئيس الوزراء استثنائيا الموافقة علي التعيين..
مدينة الإنتاج الإعلامي هي درة مملكة الإعلام في مصر، وأكبر مدينة من نوعها وكذلك أكبر مجمع لاستوديوهات التليفزيون في الشرق الأوسط، وهي مقامة في منطقة حيوية (6 أكتوبر) علي مساحة شاسعة تبلغ مليوني متر مربع، وتحتوي علي أماكن عديدة للتصوير الخارجي، بالاضافة إلي مدينة للألعاب المائية (ماجيك لاند) وكذلك أكاديمية للاعلام والهندسة الإذاعية توفر تدريبا عمليا فريدا من نوعه لا نظير له في المنطقة.. ورغم أن رأسمال المدينة يبلغ نحو ملياري جنيه إلاّ أن سعر السهم الذي صدر بقيمة إسمية تبلغ عشرة جنيهات قد انخفض الآن إلي ما يقل عن خمسة جنيهات رغم أنه كان قد ارتفع منذ سنوات إلي أكثر من 80 جنيها.. وقد ظلت المدينة لسنوات طويلة مرتعا لفساد رهيب حتي إن مستشارها الإذاعي القدير السيد الغضبان يقول إن »‬ مليارات من الجنيهات تسربت من خزائنها إلي شركات إنتاج أسسها أبناء وزراء وكبار مسئولين في عهد مبارك »‬، ولا تزال آثار هذا الفساد تنهك المدينة حتي الآن..
وفي حين يواجه أسامة هيكل مهمة صعبة ليس مؤهلا لها تماما في مدينة الإنتاج التي يعتمد العمل فيها أساسا علي الخبرة في الإنتاج التليفزيوني، فإن مهمة أحمد أنيس في نايل سات تبدو أكثر يسرا، خاصة وأن الشركة أطلقت قمرين صناعيين ناجحين هما الأكثر مشاهدة في المنطقة، وهي تشغل بكفاءة ما يزيد علي 500 قناة تليفزيونية فضائية، كما أن نايل سات حققت صافي ربح في الربع الأول من عام 2014 يقدر ب 17.7 مليون دولار وهو ما يزيد بنحو 60% عن الأرباح التي حققتها في نفس الفترة من العام الماضي (يبلغ رأسمال الشركة 186 مليون دولار).. إلاّ أن ما يثير علامات استفهام حول تعيين أنيس لا يقتصر فقط علي أن مجال عمل الشركة الهندسي الاقتصادي في المقام الأول بعيد تماما عن خبرته، ولكن أيضا اتهامه في قضية إهدار مال عام، وإن كان قد أخلي سبيله فيها بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه..
تعيين هيكل وأنيس في هذين المنصبين الهامين قرار خاطئ، لكن المصيبة الحقيقية هي أنه إما أن ماسبيرو – بتاريخه العريض الممتد أكثر من 60 سنة وعشرات الألوف من العاملين فيه – يخلو من مرشحين لديهم الكفاءة اللازمة لشغل هذه الوظائف، أو أن المسئولين لا يرون أو لا يريدون أن يروا هؤلاء المرشحين، وأنهم يرتدون بنا إلي زمن أهل الثقة لا أهل الخبرة في وقت يعلن فيه الرئيس السيسي أنه يبحث عن الكفاءات لتولي الوظائف العامة..
أعرف أن كبار المسئولين في البلد يقولون إن هذه المناصب تتعلق بأمن مصر القومي ويخشون علي مؤسسات إعلام الدولة من أطماع حيتان القطاع الخاص الذين يراودهم حلم الاستيلاء عليها، لكنك لا يجب أن تكون بالضرورة وزيرا سابقا حتي تحافظ علي المصالح العليا للبلاد وترفض هذه المطامع ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.