"كلما قرأت شعر محمود درويش اغتسلت إنسانيا، لأنه لم يبتذل القضية، وعلى العكس تمامًا حولها إلي حبيبة وفراشة تطير من حوله، لدرجة أنها تؤرقه ليل نهار، فهو من عظماء الأدباء في العالم، وعلى قمة شعراء العالم، ولو كان بيننا في هذه اللحظة لكان حصل على جائزة نوبل". كلمات من عملاق عن عملاق آخر، جمعتهما الصداقة، هي كلمات عبد الرحمن الأبنودي التي بدأ بها حديثه عن محمود درويش، والتي تشعرك منذ اللحظة الأولى بعمق العلاقة بين الصديقين، وتجتاحك رغبة في معرفة أسرار وحكايات ونوادر تلك العلاقة. وفي الذكرى السادسة على رحيل شاعر القضية محمود درويش فتح "الخال" قلبه ل بوابة أخبار اليوم"، ليستعيد ذكرياته مع محمود درويش الذي لم يأخذه منه أحدًا إلا الموت. اللقاء الأول قال الأبنودي إنه عندما فكر محمود درويش في الخروج من فلسطين، وذهب إلي موسكو للمشاركة في أحد الأمسيات الشعرية، كان قد قرر ألا يعود إلي بلاده، وأن يتبني القضية خارج إطار السجن بالمعنيين، الأول أنه كان قد خرج للتو من السجن والاعتقال، والثاني الخروج من الوطن والذي أصبح محاصرًا ك"الزنزانة". وأضاف أن درويش سأل مراسل جريدة الأهرام في موسكو عبد الملك جليل في ذك الوقت،هل تعرف الابنودي؟، فأجابه: صديق عزيز لي، فقال درويش هل له بيت، فأجابه: نعم وهو بيتنا جميعاَ، فقال درويش هل لي أنزل ضيفًا عليه؟. وتابع: بعدها أبلغ درويش الحكومة المصرية في هذا الوقت برغبته في المجيء إلي القاهرة، ورحب به الحكومة المصرية، وحينما وصل كان المسؤولون في انتظاره، واصطحبوه للإقامة في فندق "شبرد". وسكت الأبنودي قليلا ثم تابع سرد ذكرياته مع محمود درويش: قائلاً " كانت أول مكالمة يجريها درويش من الفندق كانت لي، وكنت حتى هذه اللحظة لم أكن أعرف محمود درويش إلا من خلال الكتابات الرائعة التي كتبها رجاء النقاش عن شعراء الأرض المحتلة. وأخذ يصف الخال تفاصيل المكالمة الأولى بينه وبين محمود درويش قائلاً: دق جرس التليفون في شقتي، ولما سمعته صوته قلت "من"؟.. فقال أنا محمود درويش،ولم أكن اعرف أنه في القاهرة، فقلت محمود درويش مين؟، فرد هو قائلاً ..محمود درويش ياجدع، فقلت "ايه اللي جابك بلدنا". فجاء رده ..تعالى عشان أقولك. وأكمل الأبنودي حديثه عن لقائه الأول بمحمود درويش" بعدما أنهيت المكالمة، وذهبت له كاد أن يطلع علينا الصباح في هذه الجلسة، واكتشفت أنه يحبني حبًا غير عادياً، وعرفت بعد ذلك أن سبب حبه لي هو أن كان يستمع للبرنامج الذي أقدمه في الإذاعة، وذكرني بالعديد من القصائد التي كنت القيها خلال البرنامج. درويش في القاهرة "كلما قرأت شعر محمود درويش اغتسلت إنسانيا، لأنه لم يبتذل القضية، وعلى العكس تمامًا حولها إلي حبيبة وفراشة تطير من حوله، لدرجة أنها تؤرقه ليل نهار، فهو من عظماء الأدباء في العالم، وعلى قمة شعراء العالم، ولو كان بيننا في هذه اللحظة لكان حصل على جائزة نوبل". كلمات من عملاق عن عملاق آخر، جمعتهما الصداقة، هي كلمات عبد الرحمن الأبنودي التي بدأ بها حديثه عن محمود درويش، والتي تشعرك منذ اللحظة الأولى بعمق العلاقة بين الصديقين، وتجتاحك رغبة في معرفة أسرار وحكايات ونوادر تلك العلاقة. وفي الذكرى السادسة على رحيل شاعر القضية محمود درويش فتح "الخال" قلبه ل بوابة أخبار اليوم"، ليستعيد ذكرياته مع محمود درويش الذي لم يأخذه منه أحدًا إلا الموت. اللقاء الأول قال الأبنودي إنه عندما فكر محمود درويش في الخروج من فلسطين، وذهب إلي موسكو للمشاركة في أحد الأمسيات الشعرية، كان قد قرر ألا يعود إلي بلاده، وأن يتبني القضية خارج إطار السجن بالمعنيين، الأول أنه كان قد خرج للتو من السجن والاعتقال، والثاني الخروج من الوطن والذي أصبح محاصرًا ك"الزنزانة". وأضاف أن درويش سأل مراسل جريدة الأهرام في موسكو عبد الملك جليل في ذك الوقت،هل تعرف الابنودي؟، فأجابه: صديق عزيز لي، فقال درويش هل له بيت، فأجابه: نعم وهو بيتنا جميعاَ، فقال درويش هل لي أنزل ضيفًا عليه؟. وتابع: بعدها أبلغ درويش الحكومة المصرية في هذا الوقت برغبته في المجيء إلي القاهرة، ورحب به الحكومة المصرية، وحينما وصل كان المسؤولون في انتظاره، واصطحبوه للإقامة في فندق "شبرد". وسكت الأبنودي قليلا ثم تابع سرد ذكرياته مع محمود درويش: قائلاً " كانت أول مكالمة يجريها درويش من الفندق كانت لي، وكنت حتى هذه اللحظة لم أكن أعرف محمود درويش إلا من خلال الكتابات الرائعة التي كتبها رجاء النقاش عن شعراء الأرض المحتلة. وأخذ يصف الخال تفاصيل المكالمة الأولى بينه وبين محمود درويش قائلاً: دق جرس التليفون في شقتي، ولما سمعته صوته قلت "من"؟.. فقال أنا محمود درويش،ولم أكن اعرف أنه في القاهرة، فقلت محمود درويش مين؟، فرد هو قائلاً ..محمود درويش ياجدع، فقلت "ايه اللي جابك بلدنا". فجاء رده ..تعالى عشان أقولك. وأكمل الأبنودي حديثه عن لقائه الأول بمحمود درويش" بعدما أنهيت المكالمة، وذهبت له كاد أن يطلع علينا الصباح في هذه الجلسة، واكتشفت أنه يحبني حبًا غير عادياً، وعرفت بعد ذلك أن سبب حبه لي هو أن كان يستمع للبرنامج الذي أقدمه في الإذاعة، وذكرني بالعديد من القصائد التي كنت القيها خلال البرنامج. درويش في القاهرة قال الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي طلبت الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم من محمود درويش أن تصطحبه في جولة بشوارع القاهرة، لكتابة موضوعًا صحفياً، فأصر درويش أن أكون متواجدًا، وقال لصافيناز:"أريد أن أرى القاهرة بعيون عبد الرحمن الأبنودي"، وكانت هذه أول جولة لنا معًا. أما آخر لقطة بيننا فكانت من خلال مكالمة هاتفية وكان هو في عمان ، وأنا في القرية التي أقيم بها في الإسماعيلية، وقال :" إنه سيسافر لإجراء عملية جراحية، وأن نسبة النجاح 7%.". قلت له: سوف يقتلوك قال : لو لم أجري العملية فقلبي سينفجر قلت: أنت محاط بالأحباب دعه ينفجر وأنت بينهم قال: سأذهب ولكن لن أتركهم يمارسون الجراحة قلت: سوف تضعف..وسوف تقبل ..وسوف تموت العودة إلي بيت الأبنودي خلال هذه المسافة بين اللقاء الأول والمكالمة الأخيرة تعرف محمود درويش على العديد من المثقفين، واستقر مرة أخرى في بيتي، وكان لا يسهر إلا في بيتي، وعندما يدعوه أحد، كان يرد له الزيارة لهم بدعوتهم عندي. وأوضح الأبنودي أن درويش كان يحب أن يأكل البط واللحم من يدي، والملوخية التي تصنعها نهال زوجتي، فيشربها بنهم، وكنت أقول له "بطنك هتنفجر"..فيضحك ويرد بعبارات ساخرة. لقاء خارج القاهرة وصف الأبنودي لقاءه لدرويش في عمان وكأنه حدث بالأمس قائلاً :" التقيت به في عمان مرتين، وكنت أقبل إلقاء الأمسيات لألتقي به، وكنت انتهيت من ديوان "يامنة" . وتابع: دعاني درويش إلي الغداء على تل من تلال عمان،وتركت له الديوان، وبعد عدة أيام فوجئت به يتصل بي ويصرخ، ويعنفني بحدة، ولما استفسرت عن سبب ثورته، قال لي إنه كان يكتب قصيدة عن أمه بعد قصيدته الأولى "أحن إلي خبز أمي ..وقهوة أمي"، ولما قرأ قصيدة "يامنة" توقف عن الكتابة لأنه كان ينوي أن يكتب بنفس الأسلوب". درويش يهدي للأبنودي "الزعامة" قال عبد الرحمن الابنودي :"في آخر مرة ذهبت إلي تونس وجدتهم يحترموني جدا، فاستفسرت عن سبب هذا الاحترام المبلغ فيه، فأوضحوا لي أنهم يحتفون بمحمود درويش كثيرًا، ذلك لأنه أقام فترة طويلة بينهم، وفي ندوة من الندوات قالوا له إنه أهم شاعر في العالم العربي" ..فقال: من العيب أن تقولوا ذلك والأبنودي على قيد الحياة. سألنا الأبنودي عن سر تكريم مؤسسة محمود درويش له رد قائلاً :"لم يكن تكريمي لشعري..ولا لأنه يناصر القضية الفلسطينية، ولكن كان هذا تكريمًا لعمق العلاقة الإنسانية الرائعة بيننا، مضيفًا أننا شاعرين من بلدين مختلفين، ولكن كأننا نزلنا من بطنٍ واحدة. وأشار الأبنودي إلي أنه على الرغم من إنني أكتب الشعر بالعامية المصرية ودرويش يكتب بالفصحى، إلا أنه التقت أفكارنا وثقافتنا. وتابع : عندما ذهبت إلي متحف محمود درويش وجدت على الجدار صورتي معه، وكان دائمًا ما يلح أن نلتقط صورًا تذكاريه سويًا..في الوقت الذي كان يتهرب من أن يأخذ صورًا له مع الآخرين.