رأى المحلل السياسي ورئيس مؤسسة "فريدوم هاوس" الأمريكية ديفيد كرامر، أن ما تحتاجه أوكرانيا يتمثل في اتخاذ أفعال حقيقية تخرجها من أزمتها الراهنة وليست مجرد كلمات وتصريحات. ودعا كرامر – في مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على موقعها الإلكتروني الثلاثاء 22 إبريل- نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى تخصيص جزء من وقته خلال زيارته المرتقبة إلى كييف لزيارة ميدان "ميدين"، لرؤية النصب التذكارية المؤقتة لتكريم أكثر من مائة شاب أوكراني فقدوا حياتهم خلال معاركهم من أجل بناء مستقبل أفضل لبلادهم. وأشار كرامر، الذي تولى أيضا منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون روسياوأوكرانيا في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، إلى خروج هؤلاء الشباب بجانب مئات آلاف من الشعب الأوكراني في شهر نوفمبر الماضي إلى الشوارع للمطالبة بالحرية، وتنفيذ القانون والمساواة واحترام حقوق الإنسان ووضع حد للفساد وفرصة الانخراط والاندماج مع أوروبا، موضحا أنهم كانوا يرجون باختصار نقيض كل شيء انتهجه الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، وحليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن. وأوضح كرامر، أن زيارة بايدن جاءت في أعقاب جلسة تفاوضية عقدت في مدينة جنيف السويسرية الأسبوع الماضي بهدف إيجاد حل للازمة السياسية التي تعصف بأوكرانيا حاليا، بيد أنها لم تحظ برضا المتظاهرين الذين لا يزالون يقيمون في خيامهم بقلب كييف. ولفت إلى أن البيان الصادر عنها لم يتطرق قط إلى عشرات الآلاف من القوات الروسية المحشودة على طول الحدود الروسية- الأوكرانية أو حتى قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم بطريقة غير شرعية. واعتبر كرامر، أن المحادثات الرباعية الأخيرة بين روسياوأوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة لم تدع أيضا إلى ضرورة احترام سيادة أوكرانيا وتكامل وحدة أراضيها، ولكن أشارت بدلا من ذلك إلى ضرورة أن تجري عملية الإصلاح الدستوري في كييف بطريقة "شاملة وشفافة وخاضعة للمساءلة"، رغم أن هذا الأمر يصب في صالح رغبة بوتين بالتدخل في شئون أوكرانيا. وقال:"إن هذه المحادثات خلت من أي آليات واضحة بشأن تفعيل توصياتها، ناهيك عن إعلان القوات الموالية لروسيا في مدينة دونيتسك نيتها عدم تنفيذها، وحتى الرئيس أوباما نفسه تشكك في إمكانية أن تتمخض محادثات جنيف عن نتائج تنهي الأزمة الأوكرانية". وأضاف:" أن هذه التشككات تجد ما يبررها، لذلك يجب على من يرى ضرورة جلوس الأطراف المتناحرة على طاولة المفاوضات أن يتفهم حقيقة أن بوتين خرج من هذه المحادثات بمهلة لا بأس بها من العقوبات الإضافية التي يحتمل أن تفرض عليه بسبب سياساته إزاء أوكرانيا". ورأى كرامر أن أضرار محادثات جنيف فاقت في حقيقة الأمر نفعها، وأن العقوبات باتت الأمل الوحيد لإجبار بوتين على إعادة التفكير في عدوانيته تجاه أوكرانيا وزيادة رقعة معارضة سياساته داخل روسيا نفسها. وقال:" إن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يرغبان الآن في منح عملية جنيف الوقت اللازم لتفعيلها قبل التفكير في فرض عقوبات إضافية، الأمر الذي ربما يعقد أجندة بايدن نظرا لأن المسئولين الأوكرانيين وقادة المجتمع المدني بحاجة إلى أفعال وليس كلمات". وأكد المحلل الأمريكي، أن من قابلهم من الأوكرانيين خلال زيارته الأخيرة إلى كييف، ألقوا باللوم على الغرب بسبب رد فعله، وتساءلوا عن سبب عزوف واشنطن وأوروبا عن منع أو إجهاض محاولات روسيا لزعزعة استقرار بلدهم، مضيفا:" أن بوتين هو من يضع الأجندة، بالنسبة لهم، وأن الغرب يطارده". واستطرد كرامر يقول:" إن استيلاء بوتين على القرم، المبرر بإدعاءات وهمية وهي حماية الأقليات الروسية التي تعيش هناك، سبقه عزل يانوكوفيتش من السلطة، وهو ما يسلط الضوء على أن انعدام أمن بوتين وجنون العظمة الذي يصيبه قد يلقيا به في ذات مصير يانوكوفيتش". وأوضح المحلل الأمريكي، في ختام مقاله، أنه بعد سهولة الاستيلاء على القرم، اتجه بوتين بأنظاره إلى الأجزاء الأخرى من شرق أوكرانيا، واضعا نصب عينيه أهدافا مزدوجة تتمثل في زعزعة استقرار أوكرانيا واستحالة خروج طموحات متظاهري الميدان إلى النور، وهو الأمر الذي سيجعل الغرب فاقدا لأي أمل بتعزيز علاقته مع أوكرانيا التي تزداد فيها الفوضى.