في حياة الشعوب دورات متعاقبة بين صعود و هبوط يرصد التاريخ حقب يصفها بالاضمحلال بعدما يسود انهيار يطول كل مفردات الحياة اقتصادي ، سياسي ، اجتماعي ، ثقافي و اخلاقي قطعا بالتبعية ، أعتقد أننا نعيش هذه الفترة الآن و قد تكالب على الوطن ابناؤه يتعاملون معه كفريسة ينهش فيها كل ماسنحت له الفرصة و القدرة دون رحمة أو وازع من ضمير ! و بما أن السينما مرآة الشعوب حقا ترصد التاريخ و تعكس الواقع كان طبيعيا ما نشاهده من أفلام و لن نندهش عندما ننحدر لنصل إلى " حلاوة روح " ! " حلاوة روح "فيلم ينهش في جسد المجتمع المصري المريض حاليا يستغل غياب الوعي و الأخلاق و القيم و الروح ليقدم فيلما لا يختلف كثيرا عن أفلام البورنو لكن على استحياء .. فيلم صنع فقط لإثارة الغرائز باستعراض جسد هيفاء وهبي و مفاتنها فكان لابد من سيناريو ملفق سرقت فكرته من الفيلم الإيطالي الرائع " مالينا" تحفة العبقري جوزيبي تورناتوري و بطولة أيقونة الجمال و الإغراء مونيكا بيللوتشي الفيلم الذي يرصد حقبة من تاريخ إيطاليا من خلال إمرأة فاتنة يغيب زوجها في الحرب فيطمع فيها أهل القرية المفتونين بجمالها و أنوثتها الطاغية و تتحول زوجة البطل الشهيد إلى عاهرة بفضل الفاشية التي طالت المجتمع الايطالي كله. يرصد الفيلم المجتمع من خلال القرية الصغيرة النائية بعيون صبي مراهق مالينا بالنسبة له هى الحلم و الحب و الرغبة .." مالينا"الأنثى الفاتنة هي رمز لايطاليا التي رزخت تحت الحكم الدكتاتوري الفاشي سنوات طويلة خلفت ورائها تخلف و حقد و كراهية لم تتخلص منها إلا بعد سقوط النظام الفاشي. كان من الممكن اقتباس فيلم من "مالينا " الذي يصلح لكل زمان و مكان يعيش ظروف مشابهة من الديكتاتورية و القمع لكن " حلاوة روح " اكتفي باقتباس أو سرقة الفكرة المجردة عن أي معنى او اسقاط سياسي واضح و كان هدف الفيلم الوحيد هو استغلال مفاتن هيفاء لاثارة غرائز الجمهور وسرقة لقطات "بالكربون "و أخيرا الأفيش ، فقدم الثلاثي المؤلف علي الجندي و المخرج سامح عبد العزيز و النجمة هيفاء و رابعهم المنتج محمد السبكي نسخة مشوهة من "مالينا " غاب عنها الإبداع و الروح ! "روح " المرأة الفاتنة والضحية المقهورة بلا منطق غاب عنها زوجها بلاسبب واضح في الفيلم تعيش في حارة وهمية كل ما فيها فاجر ساقط لا تعرف أين تقع على الخريطة ، حارة كل سكانها حتى الأطفال داعر ، محترف كان أم هاو .. روح بأنوثتها التي سخر المخرج كل امكاناته لابرازها و استغلالها تسلب عقل أهل الحارة من الرجال و الصبية في حين تحقد عليها النساء ، يطمع فيها الجميع كل بطريقته و على رأسهم كبير الحارة الذي يغتصبها في مشهد طويل ممل بعدما يفشل في نيلها راضية و بعدما يقهر صبية الحارة و على رأسهم سيد المراهق الصغير المفتون بها منذ البداية ! "حلاوة روح "فيلم بلا روح يفتقد المنطق و لا وجود للواقع فيه إلا في ديكور الحارة و بيوتها الفقيرة نجح في تحويل دور العرض لاماكن للتحرش و لقاء العشاق و ممارسات من كل شكل و لون في أركان القاعات المظلمة حتى في دور العرض الراقية !!