رحلة شاقة قطعناها مع طلاب مصر من كليتى هندسة القاهرة وعين شمس لتمثيل مصر فى ماراثون آسيا التى تقيمه شل بالفلبين لدعم الأفكار المفيدة للبشرية وتسليط الضوء على العقول التى تعمل على صنع مركبات موفرة للطاقة . 12 ساعة طيران من القاهرة مرورا بدبى ثم مانيلا . خفف حماس الطلاب وتفاؤلهم صدمتنا من المعاناة التى شاهدناها فى الفلبين ولم تكن الصورة فى الأذهان كما تمنينا . فالبؤس يخيم على الوجوه والأجساد نحيلة متهالكة تبحث عن لقمة تسد الرمق .فالفقر يطارد الفلبينيين فى شوارع مانيلا . وتتجسد المأساة فى دروب المنطقة الصينية التى تمر منها قنوات المياة التى تشبعت بمياه المجارى ليقيم حولها البائسين . ورغم الشقاء الذى يعيشه غالبية ساكنى مانيلا إلا أن هناك مناطق نادرة تحظى بالثراء أشهرها حى مكاتى الذى يسكنه الأثرياء . فمظاهر الفخفخة واضحة من سيارات حديثة ومنازل فارهة ..لايكترث أهالى مانيلا سوى بالترفيه والبحث عن الحياة والإستمتاع بأية طريقة للتغلب على المعاناة وتنتشر الملاهى الليلية فى كل مكان من لحظة خروجك من المطار وتنتشر معها بيوت الصفيح التى تأوى الفقراء .وقد أعطى ماراثون آسيا قبلة الحياة وأنعش ليل الفلبيين الذين زحفوا من كل مكان ليتنزهوا فى حديقة لونيتا بقلب العاصمة ويشاهدوا عروض السيارات ويمارسون الألغاب والمسابقات التى أقيمت على هامش الماراثون . كثير من المتطوعين يعمل كل وفق ماقدر له ولا مجال للخطأ لتخرج منظومة رائعة أبهرت الجميع . ويفكر مسؤلو شل فى إقامة السباق للعامين القادمين فى مانيلا نظرا للتعاون والتسهيلات التى قدمتها الحكومة . وللحقيقة سخرت حكومة الفلبين كل ماهو متاح لنجاح أكبر مهرجان يقام فى آسيا وهو ماراثون شل . فهو ليس مجرد سباق للسيارات الصغيرة ولكنه مباراة بين العقول المتفوقة القادرة على الإبتكار . فالتنافس بين الطلاب فيمن يستطيع تصنيع سيارة صغيرة تسير بأقل قدر من الوقود وتكون صديقة للبيئة . ولأول مرة تشارك مصر بقريقين من طلاب الهندسة بجامعتى القاهرة وعين شمس .. شباب مصر الصغار رفعوا قامة مصر عاليا .. كريم حمزة قائد فريق جامعة القاهرة ومحمد علوى قائد فريق عين شمس وأريج مصطفى لفتت أنظار رواد المعرض بخفة وزنها وكفاءتها فى قيادة سيارة فريق عين شمس .. إنهم صورة مشرفة لشباب مصر الذى يبحث عن فرصة ولو فى الفلبين .لكن عتابهم فى محلة على الحكومة والمسؤلين الذين تركوهم عرضة للروتين ولديهم مطلب واحد تبنى أفكارهم حتى لاينفرط العقد ويظلوا مجموعة متماسكة . فللمرة الأولى تقوم مجموعة من طلبة جامعة عين شمس وجامعة القاهرة بتمثيل مصر فى ماراثون شل البيئى العالمى – تحدى آسيا 2014 والذى أقيم فى متنزه لونيتا فى قلب العاصمة الفلبينية مانيلا تحت شعار "مستقبل الطاقة" ليجمع أكثر من 150 من الشباب المتحمس للتقنيات الحديثة. يمثلون 16 دولة فى مختلف أرجاء آسيا والشرق الأوسط حيث يقوم كل فريق بقيادة مركبات المستقبل التى قاموا بتصميمها وتنفيذها حول مضمار السباق فى مانيلا. ويعتبر تحدى 2014 الخامس من نوعه فى آسيا وشاركت هذا العام 4 دول من الشرق الأوسط هى مصر ولبنان وقطر والإمارات ممثلة بتسعة فرق. ويتلخص تحدى ماراثون شل البيئى حول اختيار افضل سيارة التى تقطع أكبر مسافة ممكنة باستخدام لتر واحد من الوقود و بذلك تصبح المركبة الأعلى كفاءة فى استهلاك الوقود هى الفائزة.إلتقت (الأخبار) فرق مصر المشاركة حيث أكد كريم حمزة قائد فريق جامعة القاهرة والذى فاز بالمركز الثامن مما يعد إنجازا نظرا لإشتراكهم للمرة الأولى فى تاريخ السباق وقال كريم أننا لدينا خطة لتصنيع سيارة تسير فى الشارع ولن يتوقف طموحنا عند تصميم سيارة للمسابقات وبدأنا منذ سنة وتم إعداد نموذج للسيارة وفكرنا فى تسيير السارة بأقل قدر من الوقود عن طريق تخفيف وزن السيارة بدون تأثير على قوتها وتقليل الإحتكاك بين الأجزاء الميكانيكية ثم توصلنا إلى تصميم شكل السيارة ليعطى أقل مقاومة للهواء أثناء السير. أما عن وزن السيارة فهو 40 كيلو جرام مع أن العلم أن الوزن المسموح بمسايقة ماراثون شل آسيا حتى 180 كيلوجرام . وقد راعينا فى تصميم الجسم إستخدام ألياف الكربون وإستوردنا مادة الفيبر من الخارج وأجرينا عدة أبحاث لتصنيع خامات قوية وخفيفة لتحتمل التصادم . وتتميز السيارة بأنها صلبة وجزء واحد مصبوب فى قالب واحد كقطعة واحدة . وقد استغرقنا فى تصنيعها شهرين . لكن مانواجهة هو الروتين فنحن نبحث عن الدعم المادى والمعنوى فليس لدينا إمكانيات لجلب مواد التصنيع وتقوم الكلية بمساعدتنا قدر الإمكان لكن الروتين يضيع وقت كبير فى الحصول على خامات وشرائها . وهيكل السيارة تكلف 30 ألف جنيه ولكن حاليا لو أنتجناه سيصل 15 ألف جنيه فقط . ونتمنى أن نكون فريق متكامل مستمر وليس مشروع تخرج وينتهى الموضوع وينقصنا وجود آلات التصنيع ولكن لو وجدنا من يدعمنا سنستمر متواصلين فريق واحد تزداد خبراتنا يوما بعد يوم لكن يبدو أننا سنتخرج من الكلية وكل واحد يعمل فى أى مجال مختلف .وقد قمنا بتصنيع أجزاء من السيارة فى مصانع الانتاج الحربى ونحتاج لتوفير مكان مزود بالآلات والتقنيات التى تدفعنا لمزيد من الإبتكار . ويشرف على معاونتنا د عمر حزين ود بدر عزام وعدد من أساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة الذين يشجونا ويدعمونا . لكن فى غياب الحكومة الموضوع صعب فنحن حاليا نحصل على دعم من شل ولكن لو دخلت الحكومة بشكل قوى سيكون النتائج أكبر ويكون الهدف مشروع قومى لإنتاج سيارة مصرية فالحلم ليس بعيد وها نحن بدأنا أولى الخطوات . وتقوم بالإضافة لشركة شل مؤسسات خيرية تساهم فى دعمنا . لكن الروتين يستهلك مجهود كبير فلكى نشترى قطعة غيار نكتب طلبات وايصالات . وقد ساهمت اكاديمية البحث العلمى بمبلغ 100 ألف جنيه لكننا عندما نحتاج مبلغ لننفقة على شراء أى شىء لزوم التصنيع نذوق الأمرين بسبب الروتين . ونتمنى السنة القادمة تطوير السيارة لكى نتصدر المسابقة وكان حلمنا الدخول والتسجيل وهانحن وصلنا وفاجأنا العالم بحصولنا على المركز الثامن لكننا نأمل أن نصل لرقم مهم فى تسيير سياراتنا مسافة أطول بأقل قدر ممكن من الوقود . و من أهم الصعوبات التى تواجهنا أننا نضطر لشراء قطع غيار صينية الصنع لتوفير المصاريف ولكنها تفرق فى عملية الوزن والاحتكاك ويكون لها نتائج سلبية . فلو احتجنا قطعة أصلية ثمنها 1000 جنية نضطر لشراء قطعة صينى ب 100 جنية للتوفير . لكننا نؤكد أن الدعم المالى من شل لم يكن هو المحفز الوحيد ولكنهم قدمونا لأول مرة فى مرسى علم لنعرض تجربتنا وقد شجعنا يورون ريختين رئيس شل ونيرين علوى مسؤل العلاقات الخارجية وكلمن تعاملنا معهم فى شل وجدنا منهم الحماس والتشجيع على التجويد والإبتكار . والمشكلة أن لدينا بعض أفراد الفريق يفكرون فى الهجرة بعد إكتسابهم مهارات جيدة فى التصميم والميكانيكا وفنون صناعة السيارات لكننا لو وجدنا الدعم من الدولة سيكون هناك نتائج طيبة وإبتكارات أفضل لتصنيع سيارة للمصريين تسير بأقل قدر من الوقود . ويقول كريم حمزة أننا نفكر فى تطوير فكرة الألياف التى صنعنا منها جسم السيارة ونحاول نشره فى مصر لأنه غالى ونادر ويصلح جيدا للموبييليا . فقد استلهمنا ذلك من أول سيارة صنعناها فالموبيليا ستكون خطوة هامة وستحدث الألياف بمكوناتها وطرق تشكيلها ومتانتها طفرة هائلة . ونطالب بالتركيز على الجزء العملى فى الدراسة وأن تدعم الدولة الفكرة ولاينظر لنا على أننا طلبة وينتهى الموضوع فنحن مستمرون فى أبحاثنا للوصول للأفضل ولم يوجد لدينا رفاهية هدر المواد لقلة الامكانيات وتم تكلفة أول قالب صنعنا به جسم السيارة 20 ألف جنية ولو قمنا بتصنيع سيارات أخرى ستقل التكلفة بكثير . البداية صعبة لكننا أثبتنا للعالم أننا قادرين على فعل شىء جميل وكثير ساعدونا لكننا نأمل فى حملة قومية لتشجيع فكرتنا ليستفيد منها المصريين . وعلق محمد علوى قائد فريق جامعة عين شمس قائلا لقدعملنا بمنتهى الجد و الهمة لنصل لتصميم وهيكل مبتكر لسيارة تصل للحد الأقصى للفعالية فى استهلاك الوقود بحيث تستهلك كمية محدودة من الوقود وتكون خفيفة الوزن وذات شكل فريد. وكانت التجربة ملهمة جدا حيث نقوم بصنع سيارة بينما نتحدى حدود معرفتنا بالتقنيات المبتكرة على أمل أن ينتشر هذا الفكر في العالم كله فى يوم ما. و تتيح لنا هذه التجربة فرصة رائعة لمقابلة نظرائنا والتعلم منهم خلال هذا التحدى. وطالب بنظرة من الدولة لتبنى الأفكار التى تخدم الناس .وقال يورون ريختين رئيس شل أنه سعيد أن يرى الجامعات المصرية التى تشارك بهذا الحماس وللمرة الاولى فى تاريخ السباق، فشركة شل تعمل على تشجيع وتطوير الأفكار الإبداعية بين طلاب الجامعة فى مجال ترشيد الطاقة ووسائل الانتقال المعتمدة على الطاقة المستدامة ومصر تواجه تحديات مهمة تتعلق بالزيادة السكانية وبالتالى الطلب المتزايد على الطاقة بكل صورها ونحن بحاجة لأن نتنبه للاسراف فى استخدام الطاقة حيث نتوقع من هذا الشباب المتحمس أن يقدم أحد هذه الحلول. وماراثون شل البيئى العالمى هو أحد مبادراتنا للتعامل مع هذا الأمر. ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن يصل عدد السيارات على الطرق لثلاثة أضعاف العدد الحالى مما يخلق احتياجاً لأنواع متنوعة من الوقود والتقنيات لتلبية الطلب المتزايد على وسائل الانتقال بينما نعمل فى نفس الوقت على الحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون. وقال يورون ريختين إن ما حققه طلاب مصر إنجاز تاريخي بكل المقاييس وخطوة مهمة لبدء مرحلة جديدة من الابتكار، مؤكدا أن هناك خطط مستقبلية متطورة للخدمات الإنسانية والمشاركة المجتمعية وتبنى عدد أكبر من الطلاب النابغين.وقالت نيرين علوى مسئول العلاقات الخارجية بشل مصر إن فوز الطلاب المصريين دفعة قوية لاستمرارنا في دعم جهود المبتكرين والشباب في الجامعات المصرية لتبني أفكارهم وابتكاراتهم التى تنفع البشرية.وأن رفع علم مصر على الجناح المصري وورش طلاب عين شمس والقاهرة بمانيلا فخر عظيم يدفعنا لتبنى مزيد من الأفكار الهادفة وأن فوز الفريق في أول مشاركة رسمية ورفع العلم في حلبة السباق ومنصة التتويج يجعلنا نتحمس أكثر لدعم وتبنى هؤلاء الشباب النابغين فهم فخر للمصريين جميعا .