أخبار مصر: أول صور للضحايا المصريين بعد مقتلهم بالمكسيك، حقيقة وفاة جورج قرداحي بقصف إسرائيلي، قفزة بسعر الفول وعودة جنون السكر    "زلازل سماوية" تحدث في جميع أنحاء العالم تحير العلماء    8 شهداء فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    حالة الطرق اليوم، اعرف الحركة المرورية بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    أسعار اللحوم والدواجن بسوق العبور اليوم 5 أكتوبر    الجيش السوداني يغير معادلة الحرب.. وترحيب شعبي بتقدم القوات في الخرطوم    بفعل الهجمات الإسرائيلية.. الصحة العالمية: لبنان يواجه أزمة    «مبقاش ليك دور».. هجوم ناري من لاعب الزمالك السابق على شيكابالا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    حالة الطقس في مصر ليوم السبت 5 أكتوبر 2024: تحذيرات من الأرصاد الجوية    حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسرائيلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    مباراة الزمالك وبيراميدز بكأس السوبر المصري.. الموعد والقنوات الناقلة    ابنتي تنتظر اتصاله يوميا، عارضة أزياء تطارد نيمار بقضية "إثبات أبوة"    بعد عودة تطبيق إنستا باي للعمل.. خبير مصرفي يكشف سبب التحديثات الجديدة    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الدوري السعودي    28.4 مليار جنيه قيمة أرصدة التمويل العقارى للشركات بنهاية يوليو    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    حريق فى عمارة سكنية بدمياط والحماية المدنية تكثف جهودها للسيطرة    اليوم.. محاكمة إمام عاشور في الاعتداء على فرد أمن بالشيخ زايد    تعرف على مواعيد قطارات الصعيد على خطوط السكة الحديد    ضبط المتهم بالاستعراض بسيارة في مدينة 15 مايو    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    رئيس شعبة الدواجن: مشكلة ارتفاع أسعار البيض ترجع إلى المغالاة في هامش الربح    ترامب يطالب اسرائيل بالقضاء على المواقع النووية الإيرانية    سهر الصايغ "للفجر": بحب المغامرة وأحس إني مش هقدر أعمل الدور...نفسي أقدم دور عن ذوي الاحتياجات الخاصة    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    بعد تعطله.. رسالة هامة من انستاباي لعملائه وموعد عودة التطبيق للعمل    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرادة الشعب‮.. ‬وقرار السيسي
ورقة وقلم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 12 - 01 - 2014


منذ
مائة‮ ‬يوم‮ .. ‬سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮: ‬هل ستخوض انتخابات‮ ‬الرئاسة المقبلة؟‮.. ‬فصمت بعض الوقت ثم قال‮: «‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮». ‬وفهمت من إجابته أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال الذي صار مطلباً‮ ‬شعبياً،‮ ‬وترك حسم قرار الترشح للانتخابات أو عدم الترشح،‮ ‬رهنا بتقدير الموقف عندما يحين الأوان‮.‬
علي مدي الأسابيع التالية،‮ ‬تحول المطلب إلي إرادة شعبية عارمة تعبر عن نفسها في المنازل،‮ ‬والمنتديات،‮ ‬ووسائل الإعلام‮.‬
قبل أيام‮.. ‬وأثناء احتفال الفريق أول السيسي بعقد قران كريمته الوحيدة،‮ ‬تجمع حوله عدد من أصدقائه المقربين،‮ ‬وكانت مطالبتهم له بالترشح للرئاسة تسبق تهانيهم بالمناسبة السعيدة‮. ‬وانتحي به جانبا قائد كبير سابق يحظي بثقته وتقديره،‮ ‬وقال له أمام شخصية عسكرية ذات تاريخ واحترام‮: »‬لم يعد القرار قرارك،‮ ‬إنما هو قرار الجماهير‮. ‬ولم يعد الترشح خيارا بين بدائل،‮ ‬وإنما ضرورة حتمية في هذا الظرف من أجل الوطن‮«.. ‬وأعلنت الشخصية العسكرية تأييدها لكلام القائد السابق،‮ ‬قائلة‮: »‬هذا الرأي سليم ولا بديل عنه‮«.‬
وكان رد السيسي‮: ‬أن أمانة المسئولية تتطلب تضحيات هو مستعد لها،‮ ‬لكنها تتطلب أيضا تضحيات من جانب المواطنين حتي يستطيع‮ ‬البلد أن ينهض من كبوته ويتقدم‮«.‬
***
يوم أمس‮.. ‬وُوجه السيسي أثناء كلمته في ختام الندوة التثقيفية الثامنة للقوات المسلحة والخاصة‮ ‬بمناسبتي المولد النبوي والاستفتاء علي الدستور الجديد،‮ ‬بضغوط هائلة من جانب سياسيين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة لها وزنها،‮ ‬تكاد تأمره بالترشح لانتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعلان قراره في التو واللحظة‮.
ذكرني

المشهد بيوم آخر كان حاسما من وجهة نظري في الطريق الي‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬هو‮ ‬لقاء‮ ‬الفريق أول السيسي بنخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة منذ‮ ‬8‮ ‬شهور بالضبط أثناء مراسم تفتيش الحرب علي الفرقة التاسعة المدرعة‮. ‬وقتها قوطع السيسي أكثر من مرة بمداخلات من الشخصيات الحاضرة،‮ ‬كلها تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الهاوية التي يسقط إليها تحت حكم المرشد‮. ‬وجاء رد‮ ‬السيسي قاطعا عندما رفض أن ينوب الجيش عن الشعب في الثورة،‮ ‬ويطيح بالنظام في انقلاب عسكري لكنه أشار في نفس الوقت إلي أن الجيش مع إرادة الشعب حيثما ذهبت‮.‬
وحين أدرك السيسي أن إشارته قد لا تُلتقط علي نحو ما يقصد‮.. ‬قال للحضور قبل انتهاء الاحتفال‮: »‬ما تستعجلوش‮«.‬
***
بالمثل‮.. ‬كان المشهد يوم‮ ‬مسرح الجلاء للقوات المسلحة‮ ‬يوم أمس‮.‬
أطلق عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي وضعت مشروع الدستور،‮ ‬الشرارة في القاعة حينما تحدث بوضوح هو أقصي ما تسمح به‮ ‬عباراته الدبلوماسية،‮ ‬وقال للسيسي‮: »‬مصر تريد حاكما قويا مستنيرا‮. ‬والجماهير تضع ثقتها فيكم وتعبر عنها بكل الوسائل بما فيها الأغنيات‮. ‬وهذا يضع علي عاتقكم مسئولية كبري في اتخاذ قرار خطير،‮ ‬وعلي أساسه ستترتب مسئوليات ضخمة وأعباء كثيرة‮«.‬
ثم جاء أوان كلمة السيسي التي خصصها في معظمها لدعوة الشعب،‮ ‬رجالاً‮ ‬وشباباً‮ ‬ونساءً‮ ‬إلي النزول للجان الاستفتاء،‮ ‬والإدلاء برأيهم في مشروع الدستور،‮ ‬لصنع تاريخ جديد للوطن وإرساء دعائم مستقبله،‮ ‬مؤكدا أن الجيش والشرطة ستوفران الأمان والحماية لجماهير الناخبين بأعلي درجات اليقظة والحذر والشدة والحسم‮.‬
وعندما قال السيسي في كلمته‮: »‬لما المصريين يقولوا حاجة حنفذها‮«.. ‬جاءه صوت فنان من داخل القاعة قائلا‮: »‬بس أنت قول للشعب‮: ‬نعم‮«.. ‬وحينها تغير مجري اللقاء وتحول مسار الحديث من الاستفتاء علي الدستور إلي ترشيح السيسي للرئاسة‮.‬
تكلم القائد العام عن مقال كاتبنا الكبير أحمد رجب الذي خاطب فيه السيسي‮: »‬لا تعطي‮ ‬ظهرك لمصر وأهلها‮«‬،‮ ‬وعقب عليه‮: »‬أنا معنديش ظهر علشان أديه لمصر وأهلي‮.. ‬أنا لوحدي ما أساويش حاجة‮«.‬
***
انطلقت

المداخلات من الحاضرين علي تنوع تخصصاتهم واتجاهاتهم الفكرية‮ ‬والسياسية،‮ ‬تدعو السيسي إلي الاستجابة فوراً‮ ‬لإرادة الجماهير وإعلان قراره بالترشح،‮ ‬وكان من أقوي العبارات التي قيلت تلك التي وردت علي لسان المستشارة تهاني الجبالي وشددت فيها علي أن الشعب المصري الراضي الصابر يريد قيادة وطنية تحترم الشعب ولا تأخذ تعليمات من أحد‮. ‬يريد قائداً‮ ‬يمكننا من وطننا كي نبنيه‮.‬
وحينما نظر السيسي تجاه القادة والضباط والصف والجنود الحاضرين،‮ ‬وقفوا جميعا يصفقون عدة دقائق،‮ ‬ولعلها المرة الأولي التي يرحب فيها جيش بتقاعد قائده العام،‮ ‬وهو يكن‮ ‬له كل مشاعر الإعزاز والتقدير والمحبة،‮ ‬ولا يجد‮ ‬غضاضة في تركه القيادة العسكرية،‮ ‬إذا كان ذلك استجابة لإرادة جماهير تريد منه أن يتولي قيادة أمة‮.‬
بدا السيسي متأثرا بشدة للموقف،‮ ‬وقال‮: »‬يارب أكون استحق ده منكم‮«. ‬وذكرني قوله بإجابته في حوارنا المطول منذ مائة يوم عندما سألته عن شعوره وهو‮ ‬يري الناس ترفع صوره مع صور عبدالناصر‮. ‬يومها قال‮: »‬يارب أكون علي قدر هذه الثقة‮«.‬
وجاء صوت من داخل القاعة يقول‮: ‬أنت لم تطلب الإمارة،‮ ‬كما طلبها‮ ‬غيرك‮. ‬فرد السيسي‮: ‬ولن أطلبها‮.‬
تصاعدت ضغوط المتحدثين ليعلن الفريق أول السيسي في اللقاء قرار الترشح،‮ ‬لكنه أراد أن يعيد مسار الحوار إلي مجراه الأصلي حول الاستفتاء‮.. ‬وقال‮: ‬نخلص أولا استحقاق الدستور‮.‬
ثم أضاف‮: »‬الكرسي مكتوب علي اسم صاحبه الذي يشاء ربه أن يتولي الحكم‮. ‬وإذا أراد الله أمرا يسره‮«.‬
يُرجع السيسي الأمر إلي مشيئة الله،‮ ‬مثلما قال منذ مائة يوم‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«.‬
لكني في هذه المرة لا أظنه قد ترك الباب مواربا‮.

***

أحسبه‮ - ‬وأزعم أنني أعرفه‮- ‬قد اتخذ بينه وبين نفسه قرار الترشح لانتخابات الرئاسة وأظنه رغم ضغوط النخبة لن يطمئن قلبه إلي سلامة القرار،‮ ‬إلا إذا عبرت الجماهير عن إرادتها،‮ ‬لأن رغبة الشعب لا يعبر عنها بصدق إلا الشعب نفسه‮.
وفي

اعتقادي،‮ ‬أن حجم الإقبال علي الاستفتاء،‮ ‬لا يعبر،‮ ‬ولا نسبة الموافقين علي‮ ‬مشروع الدستور،‮ ‬عن رأي الشعب في السيسي،‮ ‬إنما هما مؤشران يوضعان في الاعتبار،‮ ‬لأن الإقبال قد يتأثر بظروف تتعلق بالأمن أو بإجراءات الاستفتاء نفسها ومشاكل الاستدلال علي اللجان،‮ ‬أما عن التصويت،‮ ‬فقد ترفض قطاعات مشروع الدستور بينما هي تدرك أن السيسي هو الأقدر في هذا الظرف علي قيادة البلاد‮.‬
أما إعلان القرار،‮ ‬ففي تقديري،‮ ‬لن يكون قبل نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وصدور قرار جمهوري بقانون يعيد ترتيب خطوات خارطة الطريق استجابة لرأي القوي الشعبية والسياسية،‮ ‬لتجري انتخابات الرئاسة قبل انتخاب البرلمان‮.‬
الأهم من ترشح السيسي،‮ ‬وسوف يترشح،‮ ‬هو برنامج رئاسته‮.‬
أعلم لأنني أعرفه،‮ ‬أنه قادر علي استنهاض همم المصريين،‮ ‬وأعلم أنه قادر علي ترجمة عبارته،‮ ‬التي أصبحت مأثورة‮ »‬مصر هتبقي قد الدنيا‮«‬،‮ ‬في أفكار خلاقة،‮ ‬ومشروعات قومية يبني عليها من سيأتي بعده‮.‬
أنا متفائل بهذا الرجل القائد،‮ ‬وتأسرني دائما عبارته عن مصر‮: »‬هذا البلد الذي اصطفاه الله ليتجلي علي جزء من أرضه لن يضام‮«.‬
منذ
مائة‮ ‬يوم‮ .. ‬سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮: ‬هل ستخوض انتخابات‮ ‬الرئاسة المقبلة؟‮.. ‬فصمت بعض الوقت ثم قال‮: «‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮». ‬وفهمت من إجابته أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال الذي صار مطلباً‮ ‬شعبياً،‮ ‬وترك حسم قرار الترشح للانتخابات أو عدم الترشح،‮ ‬رهنا بتقدير الموقف عندما يحين الأوان‮.‬
علي مدي الأسابيع التالية،‮ ‬تحول المطلب إلي إرادة شعبية عارمة تعبر عن نفسها في المنازل،‮ ‬والمنتديات،‮ ‬ووسائل الإعلام‮.‬
قبل أيام‮.. ‬وأثناء احتفال الفريق أول السيسي بعقد قران كريمته الوحيدة،‮ ‬تجمع حوله عدد من أصدقائه المقربين،‮ ‬وكانت مطالبتهم له بالترشح للرئاسة تسبق تهانيهم بالمناسبة السعيدة‮. ‬وانتحي به جانبا قائد كبير سابق يحظي بثقته وتقديره،‮ ‬وقال له أمام شخصية عسكرية ذات تاريخ واحترام‮: »‬لم يعد القرار قرارك،‮ ‬إنما هو قرار الجماهير‮. ‬ولم يعد الترشح خيارا بين بدائل،‮ ‬وإنما ضرورة حتمية في هذا الظرف من أجل الوطن‮«.. ‬وأعلنت الشخصية العسكرية تأييدها لكلام القائد السابق،‮ ‬قائلة‮: »‬هذا الرأي سليم ولا بديل عنه‮«.‬
وكان رد السيسي‮: ‬أن أمانة المسئولية تتطلب تضحيات هو مستعد لها،‮ ‬لكنها تتطلب أيضا تضحيات من جانب المواطنين حتي يستطيع‮ ‬البلد أن ينهض من كبوته ويتقدم‮«.‬
***
يوم أمس‮.. ‬وُوجه السيسي أثناء كلمته في ختام الندوة التثقيفية الثامنة للقوات المسلحة والخاصة‮ ‬بمناسبتي المولد النبوي والاستفتاء علي الدستور الجديد،‮ ‬بضغوط هائلة من جانب سياسيين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة لها وزنها،‮ ‬تكاد تأمره بالترشح لانتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعلان قراره في التو واللحظة‮.
ذكرني

المشهد بيوم آخر كان حاسما من وجهة نظري في الطريق الي‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬هو‮ ‬لقاء‮ ‬الفريق أول السيسي بنخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة منذ‮ ‬8‮ ‬شهور بالضبط أثناء مراسم تفتيش الحرب علي الفرقة التاسعة المدرعة‮. ‬وقتها قوطع السيسي أكثر من مرة بمداخلات من الشخصيات الحاضرة،‮ ‬كلها تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الهاوية التي يسقط إليها تحت حكم المرشد‮. ‬وجاء رد‮ ‬السيسي قاطعا عندما رفض أن ينوب الجيش عن الشعب في الثورة،‮ ‬ويطيح بالنظام في انقلاب عسكري لكنه أشار في نفس الوقت إلي أن الجيش مع إرادة الشعب حيثما ذهبت‮.‬
وحين أدرك السيسي أن إشارته قد لا تُلتقط علي نحو ما يقصد‮.. ‬قال للحضور قبل انتهاء الاحتفال‮: »‬ما تستعجلوش‮«.‬
***
بالمثل‮.. ‬كان المشهد يوم‮ ‬مسرح الجلاء للقوات المسلحة‮ ‬يوم أمس‮.‬
أطلق عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي وضعت مشروع الدستور،‮ ‬الشرارة في القاعة حينما تحدث بوضوح هو أقصي ما تسمح به‮ ‬عباراته الدبلوماسية،‮ ‬وقال للسيسي‮: »‬مصر تريد حاكما قويا مستنيرا‮. ‬والجماهير تضع ثقتها فيكم وتعبر عنها بكل الوسائل بما فيها الأغنيات‮. ‬وهذا يضع علي عاتقكم مسئولية كبري في اتخاذ قرار خطير،‮ ‬وعلي أساسه ستترتب مسئوليات ضخمة وأعباء كثيرة‮«.‬
ثم جاء أوان كلمة السيسي التي خصصها في معظمها لدعوة الشعب،‮ ‬رجالاً‮ ‬وشباباً‮ ‬ونساءً‮ ‬إلي النزول للجان الاستفتاء،‮ ‬والإدلاء برأيهم في مشروع الدستور،‮ ‬لصنع تاريخ جديد للوطن وإرساء دعائم مستقبله،‮ ‬مؤكدا أن الجيش والشرطة ستوفران الأمان والحماية لجماهير الناخبين بأعلي درجات اليقظة والحذر والشدة والحسم‮.‬
وعندما قال السيسي في كلمته‮: »‬لما المصريين يقولوا حاجة حنفذها‮«.. ‬جاءه صوت فنان من داخل القاعة قائلا‮: »‬بس أنت قول للشعب‮: ‬نعم‮«.. ‬وحينها تغير مجري اللقاء وتحول مسار الحديث من الاستفتاء علي الدستور إلي ترشيح السيسي للرئاسة‮.‬
تكلم القائد العام عن مقال كاتبنا الكبير أحمد رجب الذي خاطب فيه السيسي‮: »‬لا تعطي‮ ‬ظهرك لمصر وأهلها‮«‬،‮ ‬وعقب عليه‮: »‬أنا معنديش ظهر علشان أديه لمصر وأهلي‮.. ‬أنا لوحدي ما أساويش حاجة‮«.‬
***
انطلقت

المداخلات من الحاضرين علي تنوع تخصصاتهم واتجاهاتهم الفكرية‮ ‬والسياسية،‮ ‬تدعو السيسي إلي الاستجابة فوراً‮ ‬لإرادة الجماهير وإعلان قراره بالترشح،‮ ‬وكان من أقوي العبارات التي قيلت تلك التي وردت علي لسان المستشارة تهاني الجبالي وشددت فيها علي أن الشعب المصري الراضي الصابر يريد قيادة وطنية تحترم الشعب ولا تأخذ تعليمات من أحد‮. ‬يريد قائداً‮ ‬يمكننا من وطننا كي نبنيه‮.‬
وحينما نظر السيسي تجاه القادة والضباط والصف والجنود الحاضرين،‮ ‬وقفوا جميعا يصفقون عدة دقائق،‮ ‬ولعلها المرة الأولي التي يرحب فيها جيش بتقاعد قائده العام،‮ ‬وهو يكن‮ ‬له كل مشاعر الإعزاز والتقدير والمحبة،‮ ‬ولا يجد‮ ‬غضاضة في تركه القيادة العسكرية،‮ ‬إذا كان ذلك استجابة لإرادة جماهير تريد منه أن يتولي قيادة أمة‮.‬
بدا السيسي متأثرا بشدة للموقف،‮ ‬وقال‮: »‬يارب أكون استحق ده منكم‮«. ‬وذكرني قوله بإجابته في حوارنا المطول منذ مائة يوم عندما سألته عن شعوره وهو‮ ‬يري الناس ترفع صوره مع صور عبدالناصر‮. ‬يومها قال‮: »‬يارب أكون علي قدر هذه الثقة‮«.‬
وجاء صوت من داخل القاعة يقول‮: ‬أنت لم تطلب الإمارة،‮ ‬كما طلبها‮ ‬غيرك‮. ‬فرد السيسي‮: ‬ولن أطلبها‮.‬
تصاعدت ضغوط المتحدثين ليعلن الفريق أول السيسي في اللقاء قرار الترشح،‮ ‬لكنه أراد أن يعيد مسار الحوار إلي مجراه الأصلي حول الاستفتاء‮.. ‬وقال‮: ‬نخلص أولا استحقاق الدستور‮.‬
ثم أضاف‮: »‬الكرسي مكتوب علي اسم صاحبه الذي يشاء ربه أن يتولي الحكم‮. ‬وإذا أراد الله أمرا يسره‮«.‬
يُرجع السيسي الأمر إلي مشيئة الله،‮ ‬مثلما قال منذ مائة يوم‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«.‬
لكني في هذه المرة لا أظنه قد ترك الباب مواربا‮.

***

أحسبه‮ - ‬وأزعم أنني أعرفه‮- ‬قد اتخذ بينه وبين نفسه قرار الترشح لانتخابات الرئاسة وأظنه رغم ضغوط النخبة لن يطمئن قلبه إلي سلامة القرار،‮ ‬إلا إذا عبرت الجماهير عن إرادتها،‮ ‬لأن رغبة الشعب لا يعبر عنها بصدق إلا الشعب نفسه‮.
وفي

اعتقادي،‮ ‬أن حجم الإقبال علي الاستفتاء،‮ ‬لا يعبر،‮ ‬ولا نسبة الموافقين علي‮ ‬مشروع الدستور،‮ ‬عن رأي الشعب في السيسي،‮ ‬إنما هما مؤشران يوضعان في الاعتبار،‮ ‬لأن الإقبال قد يتأثر بظروف تتعلق بالأمن أو بإجراءات الاستفتاء نفسها ومشاكل الاستدلال علي اللجان،‮ ‬أما عن التصويت،‮ ‬فقد ترفض قطاعات مشروع الدستور بينما هي تدرك أن السيسي هو الأقدر في هذا الظرف علي قيادة البلاد‮.‬
أما إعلان القرار،‮ ‬ففي تقديري،‮ ‬لن يكون قبل نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وصدور قرار جمهوري بقانون يعيد ترتيب خطوات خارطة الطريق استجابة لرأي القوي الشعبية والسياسية،‮ ‬لتجري انتخابات الرئاسة قبل انتخاب البرلمان‮.‬
الأهم من ترشح السيسي،‮ ‬وسوف يترشح،‮ ‬هو برنامج رئاسته‮.‬
أعلم لأنني أعرفه،‮ ‬أنه قادر علي استنهاض همم المصريين،‮ ‬وأعلم أنه قادر علي ترجمة عبارته،‮ ‬التي أصبحت مأثورة‮ »‬مصر هتبقي قد الدنيا‮«‬،‮ ‬في أفكار خلاقة،‮ ‬ومشروعات قومية يبني عليها من سيأتي بعده‮.‬
أنا متفائل بهذا الرجل القائد،‮ ‬وتأسرني دائما عبارته عن مصر‮: »‬هذا البلد الذي اصطفاه الله ليتجلي علي جزء من أرضه لن يضام‮«.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.