شهدت مفاوضات الجولة الثانية لدول وزراء مياه وخبراء دول حوض النيل الشرقي الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) التي انعقدت بالخرطوم ، "مخاضا عسيرا" للخروج باتفاق علي النقاط الخلافية العالقة بين مصر وأثيوبيا ، والتي بذل فيها الجانب السوداني جهدا ملحوظا خلال تلك الجولة . جاء ذلك بعد عقد لقاءات ثنائية مغلقة مع كل من وفدي البلدين ، كل علي حدة ، في محاولة لتقريب الرؤي والمطالب والتحفظات المصرية ، حول النقاط الخلافية لمشروع سد النهضة الإثيوبي ، ضمانا لتنفيذ توصيات خبراء اللجنة الدولية للسد في هذا الشأن ، وبما لا يؤثر سلبا علي المقدرات المائية لدولتي المصب (مصر والسودان) . وتمخضت المباحثات والمفاوضات - التي استمرت علي مدي يومين بقاعة الصداقة بالخرطوم - عن إعلان وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني معتز موسي ، مساء أمس الاثنين نجاح اجتماعات وزراء مياه دول حوض النيل الشرقي الثلاث حول "سد النهضة " ، ووصف الاجتماعات بأنها سادها جو من "التعاون والشفافية" ، لافتا - في هذا الصدد - إلي أنه تم معالجة قدر كبير جدا من القضايا التي تخص متابعة تنفيذ توصيات اللجنة الدولية حول سد النهضة . وأكد الوزير السوداني ، أنه تبقت لدينا بعض القضايا المحدودة ، التي سيتم معالجتها في الاجتماع الثالث الذي تم الاتفاق على انعقاده بين خبراء ووزراء الدول الثلاث في الرابع والخامس من يناير المقبل 2014 بالخرطوم . وبدوره ، أكد وزير الموارد المائية والري د. محمد عبد المطلب ، أن اجتماعات وزراء المياه لدول حوض النيل الشرقي ، شهدت في جولتها الثانية الاتفاق على عدد من النقاط الخلافية حول "سد النهضة" ، مشيرا إلى أن الجانب الإثيوبي كان "إيجابيا" في هذه الجولة من المفاوضات . وقال عبد المطلب ، إن النقاط الخلافية الأخرى المعلقة بين مصر وأثيوبيا يمكن التوصل لحلول بشأنها واحتوائها خلال الاجتماع المقبل ، خاصة وأن الجهد الكبير الذي بذله الوزراء يستهدف تحقيق التقارب وحل النقاط العالقة . ووجه وزير الري المصري - في ختام اجتماعات وزراء المياه لدول حوض النيل الشرقي الثلاث - الشكر لحكومة الخرطوم على جهودها في الوساطة لتحقيق التقارب في الرؤى بين مصر وإثيوبيا ، واعتبر الوزير إن نتائج الاجتماعات كانت جيدة وإيجابية ، لافتا إلى أن جو الود والتفاؤل كان سائدا خلال الاجتماع ومشجعا لكل الأطراف . وبمتابعة مشهد اجتماعات الخرطوم الثانية ، التي استمرت على مدى يومين من الجلسات والمشاورات للجان الفنية ووزراء الدول الثلاث ، اتضح جهود الجانب المصري لطرح الرؤى والتخوفات المصرية من بناء السد بهذه الصورة التي يصر عليها الجانب الإثيوبي ، فضلا عن إصرار إثيوبيا على عدم الخوض في التفاصيل الضرورية المتعلقة بعوامل الأمن البيئي ومناسيب المياه والقدرة التخزينية وسياسة تشغيل وإدارة السد ، وغيرها من الأمور الفنية التي يؤكد الجانب الأثيوبي دوما أنه تم مراعاتها في الدراسات الفنية للسد دون إثبات الأدلة على ذلك ، وأولها الأخذ بتوصيات اللجنة الدولية ، التي أكدت ذلك في تقريرها للدول الثلاث والذي تم اعتماده من خلال حكومات مصر والسودان وإثيوبيا . ويجسد مشهد مفاوضات الخرطوم حول سد النهضة ، الدور السوداني المتعاظم في تقريب وجهات النظر بين الجانبين المصري والإثيوبي ، حيث قام وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني معتز موسى - المكلف حديثا بهذا الملف الحيوي خلفا للوزير السابق أسامة عبد الله - بطرح العديد من الأوراق التفاوضية على الجانبين والتي كانت تلقى القبول تارة والرفض تارة أخرى ، حتى تم التوصل إلى اتفاق مرض للطرفين على العديد من النقاط الخلافية ، مما يعد نجاحا لتلك الاجتماعات ، في حين تم الاتفاق على تأجيل الموضوعات والنقاط الخلافية الأخرى للجولة الثالثة من المفاوضات في الرابع من يناير المقبل بالخرطوم ، وصولا لاتفاق ينهي أوجاع هذا "المخاض العسير" للسد الذي يتحكم في المقدرات المائية المستقبلية لشعب دولتي المصب في مصر والسودان ، ويحقق في ذات الوقت العدالة التنموية المشروعة لدول الحوض الشرقي الثلاث دون الإضرار بمصالح دولة على حساب دولة أخرى .