حذر خبراء الزراعة من خطورة قرار أثيوبيا بالبدء في إجراءات تحويل مجري نهر النيل تمهيدا لبناء سد النهضة وقال الخبراء إن بناء هذا السد سيحرم مصر من نسبة كبيرة من حصتها السنوية من مياه النيل وهو ما يعني أننا مقبلون على مرحلة من العطش وأشار خبراء الزراعة أن نسبة كبيرة من أراضي مصر الصالحة للزراعة سوف تتعرض لحالة من التعطيش نظرا لقلة المياه وبالتالي تراجع الانتاج العام على مستوى كافة المحاصيل، كما انتقد الخبراء صمت وزارة الزراعة وعدم تحركها لتوفير البدائل من الآن حتى لا نفاجأ بعد تشغيل السد أننا لا نملك رصيدا كافيا لري أراضينا. بداية يؤكد الدكتور عادل الغندور الخبير الزراعي أن قرار تحويل مجرى مياه النيل لن يؤثر على حصة مصر من المياه خلال فترة التحويل والمقررة بحوالي 4 سنوات وقال إن الخطر الأكبر لا يكمن في تحويل مجرى النيل ولكن في بناء مجموعة سدود وعلى رأسها سد النهضة الذي يفوق السد العالي ارتفاعا وهو ما يعني زيادة قدرته التخزينية عن السد العالي حيث من المتوقع أن يخزن قرابة 90 مليار متر مكعب من المياه وهو ما سيتسبب في حدوث نقص شديد بحصة مصر من مياه النيل سنويا لحين امتلاء البحيرة. السد مهدد بالإنهيار وقال الغندور إن المشكلة الأكثر خطورة هي أن الشركة المنفذة لسد النهضة حددت موقعا طينيا لبناء السد فوقه بخلاف السد العالي المبني على منطقة صخرية مليئة بصخور الجرانيت والرخام مما يعطيه ثباتاً، وأضاف أن هذا السد قد يتعرض في أي وقت للإنهيار مالم يتم بناءه في مكان أكثر تماسكا يتناسب مع ارتفاعه وقال أن السد في حال انهياره سيتسبب في كارثة كبرى قد ينتج عنها انهيار كافة السدود السودانية وكذلك السد العالي مشبها سد النهضة في حال انهياره بسد مأرب في اليمن والذي أطاح بالحضارة المنية قديماً . وطالب الغندور الحكومة المصرية بالتسليم للأمر الواقع والدخول كشريك في بناء السد لضمان بناءه على أكمل وجه وتوقيع اتفاقات مع إثيوبيا تتيح لنا تعويض النقص في مياه الري بزراعة مساحات في أثيوبيا لصالحنا وكذلك إمداد مصر بجزء من انتاج الكهرباء في سد النهضة والمتوقع أن تفوق إنتاج السد العالي 3 مرات، وقال إن الحديث عن توجيه ضرب جوية للسد في حال بناءه بعيد عن المنطق فمصر غير مستعدة للدخول في حرب لن يساندها فيها المجتمع الدولي . وعن وجود مصادر بديلة للري أكد الغندور أن مصر تعتمد في ري أراضيها على مياه النيل بنسبة 95% كما أن مصر هي أقل دولة من دول حوض النيل في هطول الأمطار وهو ما يعني أن مصر هي الدولة الأكثر تضررا من بناء سد النهضة في مجموعة دول حوض النيل، مشيرا إلى أننا دخلنا بالفعل في حيز الفقر المائي بسبب الزيادة السكانية السنوية وزيادة الاستهلاك الصناعي والزراعي للمياه حيث تراجع نصيب المواطن المصري من المياه إلى حوالي 600 متر مكعب سنويا في حين أن المعدل العالمي ألف متر مكعب سنوياً. التحكيم الدولي من جانيه انتقد الدكتور أحمد الخطيب الأستاذ بمركز البحوث الزراعية غياب دور الدولة خلال السنوات الماضية في التعامل مع الأزمة وتخاذلها في حماية حقوقها من خلال اللجوء للمحاكم الدولية ومجلس الأمن لإجبار أثيوبيا على احترام الاتفاقية المنظمة لعملية توزيع مياه النيل على دول حوض النيل، واستنكر الخطيب القرار الأثيوبي بتبكير تحويل مجرى النيل للبدء فيه الآن بعد أن كان مقررا البدء فيه سبتمبر المقبل مشيرا إلى أن الحكومة الأثيوبية استغلت حالة الضعف السياسي والاجتماعي التي تمر بها مصر الآن في التعجيل بإجراءات بناء السد منتقدا تصريحات وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد بهاء الدين في أثيوبيا والتي اكد فيها على حق أثيوبيا في بناء سد النهضة وقال إن هذه التصريحات خير دليل على تخبط الإدارة المصرية وحالة عدم وضوح الرؤية السياسية. وأضاف الخطيب أن حصة مصر ستفقد حوالي 15 مليار متر مكعب من حصتها السنوية من المياه وهو ما يعني تعطيش ما لا يقل عن 5 ملايين فدان من الأراضي الصالحة للزراعة في مصر والمقدرة بحوالي 8,5 ملايين فدان محصولية مؤكدا أن حدوث هذه الكارثة سيهدد الأمن الغذائي لمصر بشكل واضح حيث إن كافة المحاصيل التي نزرعها ستشهد حالة من التراجع الحاد ولن يصبح هناك مجالا للحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في أي محصول . وقال إن الحكومة المصرية عليها التعامل بجدية مع هذه الأزمة حيث لم يعد هناك وقتاً للتراخي واستخدام الدبلوماسية الهادئة مطالبا بخطوات جادة وإجراءات قانونية دولية ضد أثيوبيا لمنعها من تنفيذ سد النهضة .