أظن، وإن بعض الظن إثم، أن الكثير من الكتاب يظلم الرئيس الدكتور محمد مرسي ظلما بينا.. وكلنا يعرف ان الظلم ظلمات يوم القيامة. ومن يضع فكر ونشاط الدكتور مرسي في الميزان يجد أنه يرجح كفته.. وأنه لم يسترح منذ أن تولي المسئولية.. وتحمل أعباءها. والدليل زياراته الخارجية التي تستهدف صالح الوطن.. وآخرها الزيارة التي قام بها إلي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا لحضور القمة الأفريقية. لم يتوان الرئيس عن تحقيق التمثيل المشرف لمصر باعتبارها المؤسس الأول للاتحاد الأفريقي.. بل امتد نشاطه إلي لقاءات تستهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة.. وتوفير الأمن المائي لمصر.. ودعم الدور الريادي لمصر في أفريقيا.. بالمساهمة في إعادة إعمار الصومال كدولة عربية شقيقة.. والتوفيق بين شمال وجنوب السودان بلقاء منفرد مع كل من رئيسي البلدين عمر البشير وسيلفا كير.. وتعميق التعاون مع الدول المهمة في القارة مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا.. لقد أكد الرئيس في لقائه مع رئيس نيجيريا أهمية دور الأزهر الشريف في إعلاء قيم الإسلام السمحة.. وتحقيق التواصل الثقافي بين البلدين المسلمين.. ودائما يذكر الرئيس مرسي بالأزهر بما يستحقه ودائما ما يعلي شأن مؤسسة الأزهر.. وفي هذا رد واضح وبلا ضجيح علي من يحاولون الوقيعة بين مؤسسة الرئاسة والأزهر الشريف بافتعال أمور ليس لها وجود إلا في خيالاتهم! كم أود أن يحسن الجميع الظن بالآخرين.. وأن نمد أيدينا بالمساعدة لرفع شأن الوطن وزعيمه.. الذي يضعه العالم في موضعه اللائق.. مصر دولة تضرب في أعماق جذور الدنيا.. فكيف تهون علينا إلي حد تمتد فيها الأيدي لتدمر وتخرب في الوطن وتفسد علي الشعب فرحته في حياة كريمة تملؤها الديمقراطية التي افتقدها الشعب طوال سنوات عجاف.. تحقق العدالة الاجتماعية وتواجه الفقر والبطالة.. والغلاء.. هذه هي مسئوليات يحملها الرئيس مرسي علي كتفيه.. ويتحمل عبء تحقيقها حتي وان كانت الحكومة الحالية فاشلة. أعود إلي لقاءات الرئيس مرسي المكثفة في 84 ساعة لم يذق فيها طعم النوم.. وكان الفريق الرئاسي والوفد المرافق له يجري وراءه في محاولة للحاق بهذا الجهد الكبير والشاق. والسؤال الأهم في هذه الزيارة.. كان حول سد النهضة وكيف تري أثيوبيا الاتهامات الموجهة إليها.. وما دور إسرائيل في هذه المنطقة؟! وهنا أترك الإجابة لوزير الخارجية الأثيوبي نفسه الذي قال في مؤتمر صحفي إن سد النهضة الذي تعتزم أثيوبيا إنشاءه سيكون لغرض توليد الكهرباء فقط وليس للزراعة، وانه لن يستقطع من حصة مصر المائية، كما أكد أن أثيوبيا لايمكن أبدا أن تضر بمصالح الشعب المصري حيث تعلم جيدا ان إلحاق الضرر بالمصريين سيؤدي إلي إلحاق الضرر بالأثيوبيين، خاصة ان أثيوبيا لا تزعم علي الاطلاق انها تمتلك نهر النيل وحدها. سد النهضة حول مخاوف الشعب المصري من تداعيات بناء سد النهضة قال الوزير الأثيوبي إننا لا نسعي أن يؤثر هذا السد الذي نقوم بإنشائه حاليا علي مصر، ولا يمكن ذلك، لأن ذلك خارج عن إرادتنا، لأن الله عندما خلق نهر النيل، أراد أن تنتفع أثيوبيا به من خلال توليد الطاقة الكهربائية بينما تنتفع مصر والسودان منه في الري والزراعة. وأوضح ان السبب في ذلك هو أن نهر النيل يمر في اثيوبيا داخل منحدر ضيق عميق ولا يمكن استخدامه في الري، ولدينا جزء صغير جدا من الأرض الذي يمكن فيه استخدام مياه النيل للري وهو جزء غير مهم، وليس من السهل رفع مياه النيل لاستخدامها في الري في الأراضي الأثيوبية المرتفعة، ولا يمكن أن نستخدم مياه النيل هنا سوي لتوليد الكهرباء، وفي هذه العملية لا نستهلك أي جزء من مياه النيل، وسنستخدم المياه فقط لتوليد الكهرباء ونترك النهر ينساب إلي مصر بكل سهولة.. وأشار الوزير برهان جيركريستوس إلي أن أثيوبيا لن تستخدم سد النهضة في أغراض الزراعة والري وبالتالي لن تتأثر حصة مصر المائية سلبا، إنما سيتم استخدامه في الأساس لتوليد الكهرباء. وحول المشاكل الفنية المرتبطة بتشغيل السد قال الوزير الأثيوبي : الخبراء يبحثون هذه المسألة ولدينا قناعة في أثيوبيا بأننا لن نؤثر علي حصة مصر من مياه النيل، وقد درسنا المسائل الفنية وتأثير السد أكثر من مرة منذ الخمسينات وكل تحليلاتنا تشير إلي أنه لن يكون هناك تأثير كبير علي مصر، وما أريد أن أقوله للشعب المصري إن أثيوبيا تعي أن مصر بحاجة للمياه، ونحن لسنا أغبياء، وندرك أن 48٪ من إيرادات النهر تأتي من أثيوبيا ولا ندعي أن نهر النيل ملك لأثيوبيا وحدها، ونتفهم مصلحة مصر، وما نقوله إننا يمكن أن نصيغ إطارا مشتركا للمنفعة المتبادلة من نهر النيل بين البلدين، مضيفا: الكهرباء التي سننتجها من السد في أثيوبيا لن تكون لنا وحدنا، بل يمكن لمصر والسودان الاستفادة منها أيضا، لأننا سننتج عشرات الآلاف من الميجاوات من هذا السد.. استيراد الكهرباء حول الكيفية التي ستستفيد بها مصر من الكهرباء المولدة من السد قال الوزير الأثيوبي ان مصر يمكن أن تستورد هذه الكهرباء منا، لأن الكهرباء التي سننتجها من السد ستكون أكثر من حاجتنا وسنصدر الفائض لجيراننا بما في ذلك مصر والسودان، وما يجب أن يعلمه الشعب المصري أنهم سيستفيدون من السد، وانه ليس لدينا خطة أو حلم أو حتي كابوس لإغلاق نهر النيل، هذا مستحيل، ولن نقلل من حصة مصر من مياه النيل، وحتي ينتهي بناء السد سنحرص علي ألا تتأثر حصة مصر من المياه. وحول دور اسرائيل في بناء السد، قال الوزير انه لا يوجد دور لأي أحد في هذا المشروع بما في ذلك اسرائيل، ولا يموله أي طرف، هذا المشروع أثيوبي خالص، ولا يمكن أن نأخذ جزءا من مياه النيل ونعطيه لإسرائيل، هذه المسألة مستحيلة جغرافيا، فإسرائيل أقرب جغرافيا إلي مصر. نحن نعمل في هذا المشروع لانتاج الكهرباء وسننتج 6 آلاف ميجاوات، ولا يمكن لأحد أيا كان أن يقول لنا ماذا علينا أن ننتج لأنفسنا، لدينا خططنا الاقتصادية ، ولن نقوم بعمل أشياء غبية ونهدر أموالنا، ومصر ستنتفع بالكهرباء المنتجة من هذا السد، فأنتم تزرعون وتصدرون لنا المحاصيل، ونحن ننتج الكهرباء ونصدرها لكم، وهذا المشروع لن يؤثر علي أحد ونحن لا نسأل أي أحد من الخارج ماذا ننتج، ليس الأمريكان، ولا الروس ولا أحد يؤثر علينا أو يضغط علينا أو يملي علينا ما نفعل ومصر لن تتأثر مطلقا بالسد بل ستنتفع منه، ومخاوف الشعب المصري ترجع إلي عوامل نفسية بأكثر من كونها تستند إلي أرض الواقع. لا تقلقوا وأضاف الوزير ليس عليكم أن تقلقوا، والخبراء والمسئولون المصريون يعلمون ذلك، ويدركون أنه ستكون هناك فائدة منه، لأننا نعلم إذا ألحقنا الضرر بالشعب المصري نلحق الضرر بأنفسنا، وكما انكم تسعون لحياة أفضل لأطفالكم فنحن لدينا نفس الهدف، نحن بشر مثلكم ولن نؤثر عليكم ولو تعاونا فسنستخدم هذه الموارد ليس فقط لبلدينا بل لكل المنطقة، واذا لم نتعاون فسنخسر وسيخسر الآخرون في المنطقة كذلك. وردا علي سؤال حول العلاقات بين البلدين حاليا وفي المستقبل قال الوزير ان العلاقات بين مصر وأثيوبيا في غاية الأهمية، ومصر تعد دولة مهمة جدا بالنسبة لأثيوبيا لأننا مرتبطون مع بعضنا بعلاقات تاريخية ليست قصيرة الأجل بل طويلة تمتد عبر التاريخ في مجالات الثقافة والأديان، كما أننا مرتبطون مع بعضنا باعتبارنا دول جيران، والشعب المصري هم إخواننا وأشقاؤنا ونحن نقدر العلاقات مع مصر بشكل كبير ونريد أن نري مصر مستقرة ومزدهرة لأنها تلعب دورا مهما في أفريقيا والمنطقة. وحول فتور العلاقات بين البلدين خلال فترة النظام السابق وكيف يقيم الاتجاه الجديد لمصر بعد الثورة قال الوزير الأثيوبي إن لدينا علاقات ممتازة حاليا مع مصر لكن في الماضي كان النظام لا يبحث عن التعاون معنا والمصلحة المشتركة لشعبينا ولم يبذل أي جهد في هذا الاتجاه، ولم يكن هناك أي نوع من أنواع التعاون المشترك الذي يعود بالمصلحة علي الشعبين المصري والأثيوبي ولم يلعب النظام السابق دورا جيدا في تعزيز العلاقات معنا، وجعلها مفيدة لشعبنا لكنني أري الآن العلاقات تسير في الاتجاه الايجابي والصحيح وأري أن هناك تفهما لدي النظام الحالي لأهمية أن تقوم العلاقات بين البلدين علي اساس المنفعة المشتركة من أجل ازدهار بلدينا، ووصف العلاقات حاليا بأنها جيدة، وقال انه تم الاتفاق علي أن تكون هناك زيارات متبادلة بين المسئولين بالبلدين ولكن لم تحدد حتي الآن مواعيد ثابتة لزيارة رئيس الوزراء الأثيوبي إلي مصر. إذا كان هذا كلام وزير الدولة للشئون الخارجية الأثيوبي.. فما بالك بالحديث الذي دار بين الرئيس مرسي ورئيس الوزراء الأثيوبي.. الأمر لم يعد محل تشكيك.. إنما هي حقائق محددة وواضحة.. تدعونا للكف عن الكلام بدون علم. معيار الكفاءة وهكذا فإنه يجب أن نضع الرئيس مرسي في مكانه الصحيح كقائد لمصر في ظروف حالكة.. لكنه يؤمن بقدرة الشعب، بعد قدرة الله سبحانه وتعالي، في تخطي كل هذه الصعاب التي نمر بها.. هذا الرجل يسعي لأن يتولي أفضل الناس المواقع التي يستحقونها.. لم يسع إلي إخواني ليتولي منصبا.. بل الكفاءة هي معياره الأول والأخير.. لقد حكي لي المستشار العظيم هشام أحمد جنينة كيف تم اختياره لرئاسة أكبر جهاز يكافح الفساد.. المستشار جنينة قاض مشهود له بالنزاهة والموضوعية ولا يجامل أحدا علي حساب آخر.. ولم يكن يوما في جماعة الإخوان وغيره كثير من قيادات الدولة وهو من أسرة قضائية عريقة.. والده كان علي رأس نادي القضاة في أيام عصيبة أيام الرئيس الراحل انور السادات.. وكان أيضا من المشهود لهم بالنزاهة والشجاعة.. والسؤال كيف تم اختيار المستشار هشام جنينة رئيسا لجهاز المحاسبات.. كان يجلس في ندوة حول حقوق الإنسان.. حين فاجأه الحاضرون بكلمة مبروك.. أي عرف من الإعلام انه تم اختياره.. وعندما استقبله الرئيس مرسي.. قال له اخترتك لسمعتك الطيبة وأنا كلي ثقة فيك.. وأنا اخترتك في المكان ده بما يرضي الله أولا.. ويرضي ضميري. وأضاف المستشار جنينة: الرئيس كان حريصا علي أن يسمع مني وعرضت عليه كل مخاوفي.. وقال الرئيس: وايه اللي مخوفك؟! قلت الجهات فوق القانون مثل الرئاسة والوزارات السيادية.. أريد أن أطبق القانون وأراقب تصرفاتها المالية.. قال الرئيس علي الفور: وحد حاشك.. أنا كلي ثقة فيك. وكان ذلك الباب الواسع الذي خرجت منه لأطبق القانون علي الكل بلا استثناء.. ولأول مرة تفتح الأبواب أمامنا في الجهاز لدخول هذه الأماكن التي كانت فوق القانون. هذا هو الرئيس مرسي.. وهذا هو الرجل القائد الذي تهمه مصلحة البلد أولا وأخيرا.. فعلا.. وليس كلاما!