ضياء أبو الصفا - زينب السنوسي عُقد بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر ظهر الأربعاء 17 إبريل، المؤتمر السنوي الأول للوافدين برعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ ا.د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والذي تنظمه الرابطة العالمية لخريجي الأزهر بالتعاون مع برلمان الطلاب الوافدين. وقد حضر المؤتمر لفيفٌ من عمداء الكليات الأزهرية، وأساتذة جامعة الأزهر، وكان في مقدمة الحضور أ.د.حسن الشافعي، رئيس المكتب الفني لفضيلة الإمام الأكبر، ورئيس مجمع اللغة العربية، وأ.د. عبد الفضيل القوصي، عضو هيئة كبار العلماء، وأ.د. عبد الدايم نصير، الرئيس العام للرابطة العالمية لخريجي الأزهر، د. محيي الدين عفيفي، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين. وقد تحدث فضيلة الإمام الأكبر قائلًا: أهلاً بكم أيها الأبناء، أهلاً بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعهد العريق، الأزهر الشريف، الذي بقي على تَوالي القُرون صَرْحًا شامخًا لعلوم الإسلام ودراسة شريعتِه، تحتضنُه مصرُ وتعتزُّ به؛ خدمةً للعالم الإسلامي، وللعالم كله. أُوصيكم أيها الأبناء في مبدأ الأمر: بإحسان النيَّة في طلب العلم، وأنَّه لهدايةِ النفس، وإرشاد الغير؛ قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]. وأفضل العلمِ العلمُ بالله تعالى والخوف منه؛ وفي الحديث: ((إني لأعرَفُكُم بالله وأشدُّكم له خشيةً))، وصدَق الله العظيم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]. وأُوصيكم أيضًا بطَهارةِ القلبِ واليدِ واللسان؛ فإنَّ العلم نورٌ يقذفُه الله في قلوب عباده، فلا يجتمع مع رُعونات النَّفس، وغلَبةِ الهوَى، فاحرِصُوا على آداب طُلاب العلم تنالوا منه أرفَعَه؛ فإنما العلمُ علمان: علمٌ في القلب، وعلمٌ على اللسان؛ فأمَّا الذي في القلب فذلكم هو العلم النافع، وأمَّا الذي على اللسان فهو حُجَّةُ الله على ابن آدم [الإنسان]. وأرجوكُم أيها الأبناء أنْ تُصارحونا بأحوالكم وتُفضوا إلينا بمتاعبِكم، ولا تتردَّدوا في ذِكر أيِّ مُشكلةٍ من مشاكلكم؛ فنحن لكم هنا آباء، وأنتم لدينا وَدِيعةٌ غالية، ونَعِدُكم أن نزيل من طريقكم كلَّ العقبات - ما أمكَنَنا ذلك - لتتفرَّغوا لغايتِكم التي جِئتُم من أجلها؛ وهي استِيعابُ العلمِ والمعرفة، وإحكام أدَواتِهما من اللغة والمنطق وحُسن الفهم والنظَر، واللهُ بعد ذلك وقبلَه هو الفتَّاح العليم؛ {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17]. ولا يُنال العلم - كما يقولُ الإمام الغزالي - إلا بالتواضُع وإلقاء السَّمع؛ قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]، قال الإمام الشعبي: ((صلَّى زيد ابن ثابت - رضي الله عنه - على جنازةٍ، فقُرِّبَتْ إليه بغلتُه يركبُها، فجاء ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - فأخَذ برِكابه، فقال زيد: خَلِّ يا ابن عمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن عبَّاسٍ: هكذا أُمِرنا أن نفعَلَ))؛ أخرجه الطبراني والبيهقي في المدخل والحاكم وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم. ولا تُثمِرُ الدعوةُ إلا بِمُراعاةِ أحكامها وآدابها، ويجمعها قوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 33، 34]. أيًّها الأبناء الأعزَّاء، هذا هو نهجُ الأزهرِ الوسطيُّ في فقهِ الدِّين والدعوة إليه، فاحرِصُوا عليه تسعَدُوا وتسعدْ بكم أمَّتُكم، هَدانا الله وإياكم إلى أَقْوَمِ طريق، وهو حَسبُنا ونِعْمَ الوكيل. وقد تحدث د. عبد الفضيل القوصي مُركّزًا على ثلاث ركائز، هي: القرآن، والأزهر، والوافدين؛ حيث ذكر أن القرآن هو الأساس الذي ينبني عليه كل شيء في حياتنا, وأن الأزهر هو الحارس الأمين على علوم القرآن الكريم, وأن الطلاب الوافدين ليسوا غرباء على مصر؛ وإنما هي بلدهم، ثم وجّه التحية إلى الطلبة الوافدين. أما الشيخ/ علي عبد الباقي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، فقد تطرق إلى أن عدد الوافدين الذين يدرسون بالأزهر أربعون ألف طالب، يمثّل طلاب المنح منهم ما لا يزيد عن خمسة آلاف طالب، والباقي يدرس على نفقته الخاصة، وأتوا إلى مصر بتأشيرة سياحية وليس بتأشيرة دراسة، وقام الأزهر بتغيير التأشيرات للدراسة، مما يدلل على مدى رغبة الآلاف من الطلاب الوافدين في الإقبال على الأزهر حتى ولو كان ذلك على نفقتهم الخاصة، منتقدًا بعض الطلاب الوافدين الذين ينشغلون بالعمل ويهملون الدراسة، وكذلك من يتركون الدراسة بالأزهر ليدرسوا دراسة أخرى غير وسطية. كما نبه إلى أن هناك توجيهات من فضيلة الإمام الأكبر بضرورة استعمال العربية الفصحى داخل قاعات الدراسة، وخصوصًا مع الطلاب الوافدين. وقد تحدث الطالب الوافد عبد الرحمن، من الفلبين، حيث وجّه التحية لفضيلة لإمام الأكبر، وسأل الله أن يجعله ذخرًا للأزهر، وذكر أن من أراد الدنيا والآخرة معاً فعليه بالأزهر الشريف، وفي ختام كلمته شكر الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية، وذكر أن ما يحدث على أرض مصر يحزنه؛ مضيفًا: إن كان جسدي قد ربّته أوطاني، فروحي قد ربّتها مصر.