ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن النهاية العنيفة لأزمة الرهائن في الجزائر ليست سوى بداية لفصل جديد في تاريخ البلاد الوحشي والدامي. ولفتت الصحيفة البريطانية، في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني في عددها الصادر الجمعة 18 يناير، إلى أنه بالنظر إلى تاريخ الجزائر الدامي، نجد أن نهاية أزمة الرهائن لم تكن مفاجئة ولكنها مأساوية ، مشيرة إلى أن وصول طائرات الجيش إلى الحقل النفطي النائي "عين أميناس" جنوب شرقي البلاد بعد يوم من بدء مسلحي تنظيم القاعدة عمليتهم يشير إلى أنه لم تكن هناك أي محاولات للتفاوض . ونوهت الصحيفة إلى أن مختار بلمختار، رجل العصابات الذي يزعم أنه العقل المدبر للعملية ، يعرف "لعبة الإرهاب" معرفة تامة، ولن يتوانى في إراقة الدماء، حتى في حال أن من بين القتلى عدد من مساعديه المخلصين، معتبرة أن بلمختار البالغ من العمر 41 عاما، إنما يعد تجسيد حي لجزء من تاريخ الجزائر الذي شمل الصراع الاستعماري الأكثر تدميرا في التاريخ الحديث، والحرب الأهلية التي راح ضحيتها 250 ألف شخص على الأقل. وأردفت تقول "إن بلمختار تدرب في معسكرات القاعدة في أفغانستان في حين كان لا يزال في سن المراهقة ، كما حارب الروس قبل عودته إلى الجزائر لمواصلة الجهاد ضد جيش بلاده، الذي ألغى فوز الإسلاميين في انتخابات 1992 مما أدى إلى بدء الحرب الأهلية التي أثرت بصورة بالغة على البلاد ، والتي مازال تراثها وذكراها حاضرا بقوة مما يجعل البلاد ملائمة بدرجة مأساوية لتصبح ساحة للحرب ضد الإرهاب . وأضافت صحيفة "الجارديان" البريطانية "إن رجالا مثل بلمختار، الذي يعد أحد أشهر أمراء الحرب في الصحراء الكبرى بين الجزائر وغرب أفريقيا، هو نتاج لعقود من المرارة والكراهية والتي أصبح الغرب على دراية بها في الوقت الراهن عقب هجوم "إن أميناس"، مشيرة إلى أن جماعته مكونة من المحاربين القدماء في الميليشيات المسلحة الجزائرية مثل الجماعة السلفية للدعوة والقتال وغيرها من الجماعات التي تحولت إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . ونوهت الصحيفة إلى أنه برغم من أن هذه الجماعات لم تحظ في الأعوام الأخيرة باهتمام القوى الغربية التي كانت مشغولة بمحاربة الإرهاب في أفغانستان والعراق والصومال، إلا أن قرار الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بشن حرب على الإرهابيين الإسلاميين في مالي كان له أثر بالغ على الوضع الداخلي غير المستقر في الجزائر. وخلصت صحيفة "الجارديان" البريطانية، ختاما، إلى أن التعاون بين الجزائر والغرب، لاسيما مع فرنسا وإيطاليا القوة الاستعمارية القديمة ، في أزمة مالي يعد مثير للاهتمام بدرجة كبيرة، لاسيما وأنه أثار غضب الجماعات الإرهابية التي يتزعمها جزائريون مثل بلمختار، والتي ستواصل استهداف المصالح الغربية في البلاد، الأمر الذي سيتمخض عنه فصلا جديدا في تاريخ الجزائر الحزين والدامي.