البعض منا قد لا يعرف حكاية حرف اللام المتمرد الذي كان يعتقد انه اقل الحروف قيمة لأنه لا يحمل نقاطا فوقه أو تحته، مثل بعض الحروف المميزة مثل الشين والضاد والذال والفاء والغين الذين يحملون شكلا مميزا، أما هو علي حد اعتقاده حرف جاف لا يحمل أي صفات خاصة، ولذا قرر أن يأخذ موقفا من حروف الأبجدية وينفصل عنها، لعدم قدرته علي التكيف مع بقية الحروف، وقرر الاختفاء بالفعل، وذات يوم دخلت معلمة اللغة العربية فصل الصف الأول الابتدائي لتدريس أحد مواضيع المطالعة وكتبت عنوان الدرس علي السبورة " " بدنا جمي" ولم يفهم الطلبة الصغار أي كلمة مما كتبته !! وأخذت تعيد العنوان مره وراء مرة والأطفال منزعجين ولا يفهمون شيئا من معلمتهم وحرف اللام يراقب ما يحدث من بعيد، وعندما بكي الأطفال لعدم قدرتهم علي فهم الدرس، قفز حرف اللام ودخل حروف الأبجدية من جديد،فاستطاعت المعلمة أن تكتب عنوان الدرس " بلدنا جميل" وفرح الأطفال باكتمال الجملة وفهموا الدرس، وأدرك حرف اللام أهميته رغم أنه لا يحمل أي شكل مميز، تذكرت هذه الحكاية البسيطة التي كانت ترويها لي أمي وأنا طفلة صغيرة لتعلمني قبل أن اعي كيف يكون للإنسان دور في مجتمعه، حقيقي إن من حق أي إنسان مهما كان شأنه أن يعبر عن غضبه ورفضه لواقعة ولكن عليه أيضا أن يدرك ما يمكن أن ينتج عن هذا التمرد، فهناك تمرد وعصيان مقبول وهناك تمرد وعصيان يهدد كيان الدولة، فالامتناع عن العمل والتهاون في أداء الواجب ومصالح الناس.. وقطع الطرق لأتفه الأسباب والنوم علي قضبان القطارات يعد إسقاطًا لهيبة الدولة، وتعطيل القانون والاعتداء علي حريات وحقوق الآخرين يعتبر فوضي.. فلنكن صرحاء.. في هذه الأجواء التي نعيشها وكلنا نشعر بالمرارة وفقدان الثقة في بعضنا البعض لن يصلح حالنا غير حوارات واعية،ومناقشات جدية لوضعنا الحالي،ولا لتبادل الاتهامات واستعراض القوي السياسية، مصر أغلي من أي مصالح شخصية. ياليت ينتهي مسلسل المحاكمات الهزلية، مر عام والجريمة واضحة والقانون بطئ والغليان يزيد يوما بعد يوم، أما جلسات مجلس الشعب لا أجد ما أقوله عنها فهو في النهاية اختيار الشعب!!.