نوال مصطفي كاتبة صحفية لها مذاق خاص في كتاباتها، عملها في مجال الكتابات الإنسانية اكسبها صفة متفردة في الغوص في أعماق النفس البشرية ،وانعكس ذلك في طريقة تناولها لموضوعاتها الصحفية التي حصلت بها علي عدة جوائز أدبية مختلفة . عندما قررت الدخول في عالم الكتابة الإبداعية جاءت لنا بأعمال تأخذنا فيها إلي عوالم الدهشة والخيال الذي استطاعت أن تنسجه من واقع مؤلم إلي حلم يهفو إليه الكثير منا ويسعي إلي تحقيقه في حياته الذي قد ينجح فيه أو قد يفشل فيضيع الحلم في دوامة الحياة . منذ أيام قليلة صدر للكاتبة نوال مصطفي احدث أعمالها الإبداعية وهي رواية صادرة عن الدار المصرية اللبنانية تحت عنوان "الزمن الأخير"والتي تقول عنها الكاتبة: إنها عصارة تجربتي الإبداعية في الحياة. الرواية تحكي قصة حياة »شهد« امرأة في الخمسين من العمر عندما وقفت أمام مرآة عمرها معلنة التمرد والاستسلام لتجاعيد الزمن الذي اخذ منها أحلامها ولم يبق لها إلا كراستها الزرقاء التي احتفظت بها داخل شكمجيتها طوال سنوات العمر. وقفت بطلة الرواية أمام البطل الحقيقي وهو الزمن تجتر منه الماضي الذي ذهب فربما تجد فيه شيئا يعينها علي مواصلة الحاضر مع زوج اقترنت به بعد فشل قصة حبها الأولي وأنجبت منه سيف وسارة ،وصديق زوجها طارق أستاذ الأدب العربي والأدب المقارن بجامعة أكسفورد بلندن الذي جاء إلي القاهرة لزيارة صديقه زوج شهد لتلتقي معه علي أعتاب الزمن الأخير في حياة كل منهما ويصبح كل واحد يمثل مع الآخر حافظة أسراره بعد أن لاحظ الصديق تعاسة زوجة لرجل له عشيقة تلبي له كل طلباته ويصل معها إلي مرحلة الزواج مما يجعل شهد تعود إلي "بيت العائلة " في منطقة السيدة زينب ويتحول هذا البيت إلي ملتقي ثقافي وفكري يتواصل فيه الأجيال متخطيا عوامل الزمن وتعيش فيه بطلة الرواية قصة حب رائعة مع طارق الذي أصبح كل منهما يمثل الأمان النفسي في حياة الآخر وتنتهي القصة التي يتصارع فيها الحب والزمن بين شهد وطارق من ناحية و مع أحلام ومشاكل الجيل الجديد المتمثلة في اولاد شهد من زوجها "احمد " وليلي ابنة طارق من زوجته الانجليزية نهايات سعيدة لكل الأبطال في الرواية ومن بين سطور الرواية اخترت هذه الكلمات التي تعكس مشاعر البطلة في لحظة صدق نادرة مع نفسها: كيف يولد إنسان من جديد وهو في الخمسين؟ كيف يمارس كل شئ في حياته كما يحب هو لا كما يحب الآخرون؟ كيف يكون نفسه .. فقط ولا احد سواها ؟ هذا هو ما دفعها الحب الخمسيني إلي تجربته ، ومعايشته ، وعندما انطلقت بتلقائية تعيد ترتيب أوراقها من الداخل ، لم تشعر أن الوقت قد فات ، ولم تفكر إنها امرأة تطرق " باب الخمسين " في عمرها المتسرب من بين أصابع الزمن . كم أرقتها لعبة الزمن الذي يعطينا في طفولتنا كل مفاتيح الحياة نفتح بها ما نشاء من أبواب السعادة والنشوة والبهجة والقوة وما أن يمضي بنا القطار حتي يستعيد الزمن مفاتيحه الواحد تلو الآخر ونجد أنفسنا نترنح بين الأبواب القليلة المتاحة ونجاهد في فتحها بالمفاتيح الباقية والتي عادة ما تكون قد صدأت وتآكلت بفعل الزمن .