كان المصنع يخسر خسائر فادحة منذ سنوات.. وتوقع له العاملون أن يعلن إفلاسه ويغلق أبوابه. لكن أعضاء مجلس الإدارة اختاروا له مديراً جديداً كمحاولة أخيرة للإصلاح. بدأ المدير عمله ببحث أسباب الخسارة وتحديد نقاط الفساد. ثم استمع لشكاوي الإداريين والعمال.. ووضع خطة للإصلاح، تعاون الجميع في تنفيذها. أصيب الرجل بالغرور بعد أن حول الفشل إلي نجاح. توهم أنه عبقري لا يخطئ، وكل من يعمل معه أغبياء. فرفض أن يستشير أو يسأل عما يجهله. اعتقد أنه يعرف كل شيء ويطلع علي كل ما يدور حوله، بينما هو يجهل كل الخبايا والأسرار. اعتمد المنافقون علي غروره، وأوهموه أنه أذكي رجل في الدنيا.. وإن كل كلمة تخرج من فمه، هي عبارة مأثورة، يجب تدوينها والاقتداء بها. لم يجرؤ أحد علي أن يستوقفه، ويطلب إليه أن يكف عن السذاجة والغرور. أعماه النجاح ونسي أنه لم يكن صنيعته وحده. تناسي تعاون مساعديه وجهود عمال المصنع، ودورهم في تحقيق المكاسب. فبدأت الأرباح تتناقص. تعجب المدير من التدهور المفاجئ.. ولم يفهم أبداً أن غروره كان السبب الوحيد للفشل السريع! تذكرت هذه القصة عندما قرأت الوصايا العشر التي وجهها دكتور محمد بديع مرشد الإخوان المسلمين إلي أعضاء الجماعة.. بعد المرحلة الأولي من انتخابات مجلس الشعب. وكانت في رأيي أهم وصية وجهها إلي حزب الحرية والعدالة أن يتواضعوا ويتعاونوا ويتواصلوا مع كل طوائف الشعب حتي يزيلوا مخاوف الأقباط. الفشل ظل الغرور!