يتابع العالم بانبهار وقلق وخوف شديد التجربة الديمقراطية الراهنة التي تجتاح بلدان الربيع العربي، وخاصة مصر، ليس فقط من منطلق أهمية هذه الدول الاستراتيجية بل ايضاً لأن نجاحها أو فشلها سوف تنعكس آثاره بالسلب أو بالإيجاب في كل مكان. ولقد حظت ثورة 52 يناير المصرية بأقصي قدر من اهتمام العالم طوال الشهور الماضية. وفي اللحظات الصعبة التي واجهتها هذه الثورة، كان الجميع يحبسون انفاسهم حتي تمر الازمة. وأخيراً جاءت الانتخابات المصرية لكي تتركز كل الاضواء علي مصر خاصة ان موعدها تحدد بعد مرحلة عصيبة عاشتها البلاد وصفها البعض بأنها كمثل الثورة الثانية في مصر في 25 يناير 2011 وأصبح التساؤل المطروح هو.. أي نموذج يمكن ان تسلكه مصر في رحلتها للبحث عن الحرية والديمقراطية..؟ سيطرت الأحداث الجارية في مصر، علي اهتمامات وسائل الاعلام العالمية واهتمامات القادة الاوروبيين وذلك قبل أيام من موعد اجراء الانتخابات البرلمانية وسط غموض تأمين سير العملية الانتخابية نتيجة هذه الأحداث فيما طالب البعض بتأجيلها، وشدد أخرون علي ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها المقررة كأول خطوة في طريق الديمقراطية وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، ان »الولاياتالمتحدة لا تزال قلقة حيال العنف في مصر«، رغم ان إعلان المشير حسين طنطاوي ان الانتخابات التشريعية ستجري في موعدها في 82 نوفمبر هو امر »مطمئن«. وأكد المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني أن »الأحداث الأخيرة في مصر ينبغي ألا تؤثر علي موعد إجراء الانتخابات التي من المقرر عقد أولي جولاتها الإثنين المقبل معربا عن قلق بلاده إزاء العنف الذي تشهده مصر في الآونة الأخيرة. وحث المتحدث باسم البيت الأبيض، جميع الأطراف في مصر علي ضبط النفس، وقال »في الوقت الذي يحاول فيه المصريون صياغة مستقبلهم فإن الولاياتالمتحدة تعتقد أنه ينبغي ألا تقف هذه الأحداث المأساوية في وجه الانتخابات وأنه يتعين مواصلة الانتقال الي الديمقراطية بشكل سلمي وعادل يشمل الجميع«. وقال كارني لابد ان نتذكر كيف تحركت مصر واخذت خطوات كبيرة خلال هذا العام ومن المهم ان تواصل هذا التحرك لتحقيق مطالب الشعب المصري في الانتقال الي الديمقراطية فقد انهي المصريون حكما ديكتاتوريا امتد لعدة عقود واننا نحث كل الاطراف مرة أخري علي ضبط النفس والاستمرار في عملية الانتقال الي الديمقراطية. وفي الوقت نفسه أبدت وزارة الدفاع الامريكية ارتياحا إزاء تأكيدات المجلس الأعلي للقوات المسلحة اجراء الانتخابات في موعدها المحدد. وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند رغبة بلادها في قيام المجلس العسكري باجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد دون تاجيل وقالت »لابد ان يكون التركيز في الايام المقبلة علي اجراء انتخابات حرة ونزيهة وسلمية وعلي جميع الاطراف ضبط النفس للتمكن من اجراء هذه الانتخابات والمضي قدما في المسار الديمقراطي. واضافت نولاند »ان الولاياتالمتحدة تدعم اهداف الشعب المصري وطموحاته المتمثلة في حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا تحترم حقوق الانسان بما في ذلك حقوق المراة والاقليات وحرية الصحافة، ولابد من الالتفات للتصدي للتحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر«. وحول المخاوف من اندلاع اعمال عنف اثناء الانتخابات البرلمانية اكدت نولاند »ان الولاياتالمتحدة لن تستبق الاحداث واشارت انه بعد الانتخابات سيكون للشعب المصري ممثلون يقومون بصياغة دستور جديد يحدد ملامح الحكم في مصر في المرحلة المقبلة وبالتالي سيكون لهولاء الممثلين الذين انتخبهم الشعب قدرة علي التعامل مع هذه القضايا بطريقة دستورية«. وقال الرئيس الامريكي الأسبق جيمي كارتر انه يشعر بقلق شديد بسبب العنف في ميدان التحرير ومختلف المناطق في مصر والذي قد يعرض الانتخابات البرلمانية للخطر وهي انتخابات تعد خطوة هامة علي طريق التحول للديمقراطية. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السلطات الانتقالية في مصر »الي ضمان حماية حقوق الانسان والحريات المدنية لجميع المصريين بما في ذلك الحق في الاحتجاج السلمي ويحث جميع الأطراف علي ضبط النفس والهدوء لضمان إجراء عملية انتخابية سلمية وشاملة كجزء من تحول مصر الي الديمقراطية وإقامة حكم مدني في وقت مبكر«. وأعتبرت صحيفة (نيويورك تايمز) الامريكية ان ما تشهده مصر حاليا ارهاصات لاحداث لا يمكن التنبؤ بنتائجها وتمثل تحديا هائلا لصانعي السياسة الامريكية.