سعر الدولار اليوم الخميس 27 يونيو في البنوك المصرية    الجيش البولندي يعتمد قرارا يمهد "للحرب مع روسيا"    "فنزويلا في الصدارة".. ترتيب المجموعة الثانية ببطولة كوبا أمريكا    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 27 يونيو 2024    إبراهيم عيسى: إزاحة تنظيم جماعة الإخوان أمنيًا واجب وطني    اعتقال قائد الجيش البوليفي بعد محاولة انقلاب    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية    بحار أسطوري ونجم "قراصنة الكاريبي"، سمكة قرش تقتل راكب أمواج محترفا في هوليوود (صور)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟ أمين الفتوى يجيب    حبس عامل قتل آخر في مصنع بالقطامية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    كندا تحارب السيارات الصينية    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    حقوقيون: حملة «حياة كريمة» لترشيد استهلاك الكهرباء تتكامل مع خطط الحكومة    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدگتور عبدالعزيز حجازي في حوار مع آخبار اليوم :
وثيقة الحوار الوطني تعالج الوضع الراهن وتحدد ملامح مستقبل مصر
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 11 - 2011

لابد من تشكيل لجنة تنفيذية للوثيقة وتحويلها إلي برنامج عمل ..
ولكن لاأتوقع أن يفعل أحد شيئاً
الإقصاء الكامل خطأ يتعارض مع الديمقراطية..
ولكننا مع إبعاد من يثبت فساده
لا أبرئ الأيادي الداخلية والخارجية فيما يحدث في مصر
قدره وعلمه جعلا منه رجل المهام الصعبة في كل الظروف الحرجة التي مرت بها مصر عقب هزيمة 1967 عندما تولي وزارة المالية ثم نائب لرئيس الوزراء للمجموعة الاقتصادية وكانت المسئولية محددة كيف تستعد مصر للمعركة وتحافظ علي التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة تشغيل الشباب
ونجح الدكتور عبد العزيز حجازي في مهمته باقتدار ووصلت مصر إلي اعلي معدل نمو في تاريخها بلغ 7٪ وفي عام 1974 كانت المهمة الاكبر عندما تولي رئيس وزراء مصر عقب حرب اكتوبر، حيث كانت مصر قد خرجت منذ شهور من انتصار عسكري استنفد مواردها وطاقتها .
وكان النجاح الثاني الكبير للدكتور حجازي في مهمته وضع مصر خلاله علي الطريق الصحيح ومنذ شهور وفي اعقاب ثورة 25 يناير كانت المهمة الشاقة للدكتور عبدالعزيز حجازي عندما تولي الاشراف علي لجنة الحوار الوطني. التساؤل الكبير أمام اللجنة كيف تعبر مصر المرحلة الراهنة بكل قضاياها ومشاكلها وما هي الرؤية لمصر المستقبل في جميع المجالات؟
حول هذه المهمة الثقيلة التي استغرقت ثلاثة شهور من العمل وغيرها من العديد من القضايا وفي مقدمتها الجمعيات الاهلية التي يتولي رئاسة اتحادها ودورها في بناء المجتمع بعيدا عن شبهة التمويل الخارجي كان حوار »أخبار اليوم« مع والمفكر الاقتصادي الكبير الدكتور عبدالعزيز حجازي.
نبدأ من ملف "الحوار الوطني" الذي ترأستم جلساته علي مدي ما يقرب من ثلاثة أشهر، والذي أسفر في النهاية عن وثيقة تم الإعلان عنها مؤخرا تضمنت عدة توصيات تهدف في مجملها إلي الخروج بمصر من المأزق الإقتصادي والسياسي والأمني الذي تعيشه الآن.. لماذا كان هذا التأخير في الإعلان عن الوثيقة؟
الحقيقة أننا بالفعل تأخرنا في الإعلان عن هذه الوثيقة، وقد كنا أمام أمرين، أولهما أن نقفل الحوار بعد الجلسات الرئيسية التي عقدت، وثانيهما أن نتيح الفرصة للناس في المحافظات أن يقولوا رأيهم في هذا الشأن ويشاركوا في الحوار، ونحاول بقدر الامكان أن نسمع رأي بعض العاملين المصريين في الخارج، وقد طرحنا علي المحافظات تشكيل لجان للمشاركة في الحوار،
وقدمنا لهذه المحافظات المحاور الخمسة التي كان يدور حولها الحوار، وقد جاء لنا "31" رد من "16" محافظة، وبقية المحافظات رفضت المشاركة خوفا من "الفلول"، وهو الأمر الذي جعلنا ننتظر ولا نعلن الوثيقة حتي أن بعض الصحف أشارت في تقارير صحفية عديدة إلي أن الحوار مات، والحقيقة أنه لم يمت، ولكننا إتخذنا الطريق الصعب لرصد أراء الناس قبل الإعلان عن الوثيقة بشكل نهائي. ومن ناحية أخري قررنا أن نضع وننشر كل الاوراق والمناقشات الخاصة بجلسات الحوار علي موقع إلكتروني وهو www. Dialogue.com " وهذه الأوراق تحتوي علي كل التفاصيل والأراء الخاصة بالمشاركين في الحوار، ثم تم نشر الوثيقة في شكلها النهائي علي نفس الموقع الالكتروني، وكنا نتمني أن نعمل إستقصاء، وبالفعل حضرنا البيانات الخاصة بالاستقصاء، ولكن كانت المشكلة في التمويل، لاسيما أن الحكومة لم تتجه لاستكمال الحوار.
شباب الثورة
خلال جلسات "الحوار الوطني" أثيرت بعض الانتقادات لشباب الثورة المشاركين في هذا الحوار، حيث لم يكونوا علي قلب رجل واحد.. فما حقيقة ذلك؟
خلال جلسة الحوار الرئيسية طرحنا علي الشباب فكرة تنظيم مؤتمر خاص بهم يقولون فيه أراءهم حول الاوضاع الراهنة والمستقبلية، ويقدمون لنا التصور الخاص بهم لمستقبل مصر، ولكن لم نتمكن خلال شهر ونصف أن نصل إلي تفاهم مع الشباب نظرا لتعدد الإئتلافات التي أسسوها، والتي وصل عددها إلي "220" إئتلافا، وقد وضعوا أجندة ولم يأتوا بأسماء، فكان لابد أن ننهي موضوع الشباب وآرائهم، وقد حاولت أنا شخصيا أن أسس إئتلافا موحدا من جميع الإئتلافات، وإنما كنا كلما اتفقنا مع إئتلاف ونشكل لجنة نجد الآخرين يعترضون،
وبالتالي لم نستطع أن نصل إلي رؤية خاصة بالشباب، ومؤخرا حاولوا معنا مرة أخري، واتصلوا بنا، ونحاول أن نوجههم إلي الاشتغال في مشروعات جدية تخدم الوطن بدلا من الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات، حيث من المهم أن يعي الشباب أهمية أن يكون هناك عمل جاد يقومون به لخدمة مصر مثل المشاركة في بعض المشروعات الصغيرة أو المتوسطة، أما فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية، فهي أمور لها وقتها، ولا يمكن إنجازها في يوم وليلة.
ولكن تبقي وثيقة "الحوار الوطني" مجرد توصيات علي الورق فقط، ولم ينفذ منها شيئ علي أرض الواقع.. كيف تري مصير هذه الوثيقة؟
بعد الإنتهاء من إنجاز الوثيقة بعد مارثون جلسات الحوار، طلبت مقابلة رئيس الوزراء د. عصام شرف، ولكن للأسف مضي أكثر من عشرة أيام، ولم يأتيني الرد، و لم يتصل بي إطلاقا منذ بداية تكليفي بهذه المهمة، ولم يتحدث معي لا سلبا ولا ايجابا، بعدها اتصلت بالمجلس العسكري، وتحدثت مع الفريق سامي عنان، وأرسلت له الورق كله حتي تحتضن القوات المسلحة بعض الافكار الموجودة، وهو الأمر الذي جعلني أعلن عن الوثيقة بالتوصيات والتفاصيل كما جاءت من اللجان، وقبل إعلانها كنت قد عرضتها علي مجموعة من الاعضاء الفاعلين في هذا الحوار لكي أخذ رأيهم فيها، ومعرفة ما إذا كانت هناك اعتراضات علي أي أمر جاء فيها أم لا، ولحسن الحظ لم تكن هناك إعتراضات أو تعليقات علي الوثيقة، وتم قبولها كما هي، وبالتالي كان لابد أن أعلن الوثيقة.
عتاب لعصام شرف
وماذا كنت تنتظر من رئيس الوزراء د. عصام شرف حتي يتم الإعلان عن الوثيقة؟
أنا كنت متوقعا أن أعرض عليه النقاط الاساسية التي تتعلق بالمرحلة الراهنة أو النقاط التي تتعلق بالمستقبل، لاسيما أن د. عصام شرف أعلن في إفتتاح جلسات الحوار الوطني أنه ملتزم بأن ينفذ التوصيات في حدود الإطار العام للدولة، كما أنني كنت أنتظر منه علي الأقل رد فعل، ولكنه لم يرد علي طلبي بمقابلته، ولم يتصل بي حتي بالتليفون، حتي أوراق ومناقشات الحوار أرسل لي مندوبا لكي يستلمها.
وماذا يعني هذا الأمر بالنسبة لكم؟
يعني أن الاولويات ليست واضحة، فلا يعقل بأي حال من الأحوال أن يتم تجاهل مثل هذه الوثيقة، وهي تحتوي علي أراء قيمة، وأفكار جادة، واقتراحات لمشروعات قوانين مطلوبة، فضلا عما تتضمنه من أراء وأفكار عملية وعلمية فيما يتعلق بزيادة موارد الدولة، والحقيقة أنا عاتب بشدة علي رئيس الوزراء.
ولي هنا أن أتساءل أي أولوية تفوق أولوية بناء مصر الحديثة والعبور بها من هذا الوضع الشائك الذي تعيشه الآن؟.. وأتساءل أيضا هل كان الحوار الوطني جادا أم لم يكن جادا؟ والحقيقة أننا أنجزنا هذا الحوار بمنتهي الجدية، وبذلنا فيه مجهودا غير عادي أستمر علي مدار ثلاثة أشهر، وقد شارك في هذا الحوار كل الفئات ومختلف الاوساط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية والفكرية، ومن ثم كان حوارا جاد، وهو بحق خارطة طريق لعبور الأزمة الراهنة، ورؤية شاملة للمستقبل، ونظرا لاهمية ما جاء فيه ولاسيما فيما يتعلق بمحور علاقة مصر بالعالم الخارجي بعد ثورة 25 يناير قرر السفير محمد شاكر أن يصدر ما جاء في هذا المحور في كتاب.
وعن نفسي شخصيا، أخذت الموضوع بجدية كبيرة منذ البداية، وقد قبلت المهمة لكي أدعم رئيس الوزراء لمعرفتي بوالده ومعرفتي به هو شخصيا، ولكن بكل أسف عندما أردت أن أكرم الهيئة التي عملت معي في الحوار لم استطع تنفيذ ذلك، وقد عمل معي فريق من التنمية الادارية علي مستوي عال جدا من الكفاءة والفكر.
وثيقة الحوار
من حديثك عن وثيقة "الحوار الوطني" نستشف أنها خطة قومية للنهوض بمصر في مختلف المجالات.. فما أهم ما جاء في هذه الوثيقة؟
وثيقة الحوار الوطني بها جزء يتعلق بالاوضاع الحالية، وجزء آخر يعطي نظرة للمستقبل، خاصة في الناحية الاقتصادية والتركيز علي تحديد هوية النظام الاقتصادي في مصر، حيث تؤكد الوثيقة أننا جربنا كل التجارب والنظم الاقتصادية، قبل ثورة 23 يوليو كانت الملكية والحرية الاقتصادية هي الاساس، وبعد الثورة كانت الاشتراكية عندما أممنا الشركات، وفي عام 1962 عملنا الميثاق القومي ورجعنا إلي الاشتراكية أي أننا نقلنا من الليبرالية إلي الاشتراكية، ويجب هنا أن يعي الناس أن الاشتراكية لم تدم في مصر أكثر من 7 سنوات لانه بعد حرب اليمن أممنا التجارة الخارجية والبنوك وفي عام 1962 أكملنا التأميم، وهي الفترة التي استمرت حتي 1967 ولحسن الحظ أن هذه الفترة كانت أكبر فترة يحصل فيها نمو اقتصادي في مصر، حيث شهدت أكبر معدل نمو بلغت نسبته 7 ٪.
ومن ناحية أخري تشمل وثيقة الحوار الوطني خمسة محاور أهمها يتعلق بالناحية السياسية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي هذه النقطة قلنا رأينا بصراحة، حيث أكدنا أننا نريد نظاما برلمانيا رئاسيا، لا يجعل رئيس الدولة محتكرا للسلطة، وفي نفس الوقت يكون لرئيس الجمهورية الحق في إتخاذ بعض القرارات التنفيذية، وهذا الأمر بمثابة نوع من الملكية المقننة، حيث إن نظام "الملك الذي لا يملك" لا ينفع في مصر لأن الرئيس لابد أن يكون له دور، ولكن بشرط ألا يتحول إلي ديكتاتور، كما اقترحنا إلغاء مجلس الشوري، وإذا تعذر إلغاؤه وظل قائما يتم إلغاء المجالس القومية المتخصصة.
وأذكر أنني في هذا الأطار قد تقدمت في وقت سابق لحكومة نظيف، وبناء علي طلب الاتحاد الاوروبي باعتباره أكبر شريك إقتصادي لمصر بمقترح لإنشاء مجلس وطني للشئون الاجتماعية والاقتصادية، وهذا المجلس تم تأسيسه في كل الدول العربية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط فيما عدا مصر، وقد عرضت هذا المقترح علي كل الجهات بما في ذلك رئيس الجمهورية، وقد وافق الرئيس عليه، ووافقت أيضا كل الجهات، ولكن عند التنفيذ قالوا إن الوقت غير مناسب. وهذا المجلس عبارة عن جهاز استشاري ينظر في التشريعات والقوانين الاجتماعية والاقتصادية قبل أن تعرض علي مجلس الشعب.
بديلا للشوري
وهل سيكون هذا المجلس بديلا لمجلس الشوري؟
إلي حد ما، وقد أنشي بالفعل في كل دول حوض البحر الابيض المتوسط، ومنها إسرائيل ولبنان والمغرب، وفي أكتوبر عام 2010 كان هناك مؤتمر بالاتحاد الأوروبي، وتم تجديد الدعوة لإنشاء المجلس الوطني للشئون الاجتماعية والاقتصادية، وقد تدخلت شخصيا وأتصلت بالرئاسة إلا أنه قيل لي يتم تأجيل النظر في هذا المقترح.
ولعل هذا الظرف الذي نعيشه الآن هو فرصة مناسبة لإنشاء وتأسيس هذا المجلس علي أرض الواقع، لذا نطالب الجهات المعنية بالاسراع في إنشاء هذا المجلس، لاسيما أنه سيضم ممثلين لكل منظمات المجتمع المدني وكل النقابات والاتحادات، ومن خلاله سيتم أخذ رأي المجتمع المدني علي نطاق واسع، وأعتقد أن هذا المقترح هو أحد أهم المقترحات الرئيسة لاعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وسوف يكون لهذا المجلس علاقة بالمجالس الاخري القائمة في الدول العربية، كما سيكون له علاقة بالاتحاد الاوروبي، ومن خلاله سيكون هناك مشروعات وخبرات متبادلة بين مصر والاتحاد الاوروبي تفيد مصر في المقام الأول.
وماذا عن الشباب؟.. وكيف تري سبل الاهتمام بهم؟
الشباب لابد أن يكون لهم أولوية لأنهم يمثلون نسبة كبيرة من السكان، وكان لهم دور كبير ورئيسي في الثورة، ومن ثم يجب علينا أن نعطي أهمية كبيرة للشباب الذين فجروا الثورة، وحققوا المستحيل، وإن كانت الثورة قد سُرقت، والذين سرقوها هم الاحزاب السياسية التي ركبت الموجة، وهم الآن علي سطح الحياة السياسية، ولم يعد للشباب الفاعلية والتأثير كما كان يجب أن يكون.
وكيف سُرقت الثورة؟
الشباب عندما فجروا الثورة وضعوا أهدافا محدودة جدا، ولكنها مهمة جدا، وهي الاهداف التي تتمثل في الديمقراطية، والحرية، والعدالة الاجتماعية، ولكن القصور الذي حدث تمثل في أنهم لم يكن لهم قائد، وأي مسألة ليس لها قائد ستكون موزعة، وبالتالي سيكون هناك فئات كثيرة جدا، ومن هنا سُرقت الثورة.
وأذكر هنا أن وائل غنيم وهو أحد المؤثرين في ثورة 25 يناير أعد إستفتاء علي موقعه الالكتروني الخاص أثبت أن المصريين الآن يهتمون بالسياسة بنسبة غير عادية، وخلال 4 أيام جاء ما يقرب من 50 ألف رد، وهو ما يؤكد أن مصر الآن باتت تتكلم سياسة، ولكن في الوقت نفسه الناس بحاجة إلي الأكل والشرب والسكن أيضا، وهو الأمر الذي يستغله البعض في سرقة الثورة وركوب موجتها، كما أن الذين يتحدثون عن العدالة الاجتماعية أتوجه لهم بالسؤال ماذا فعلتم حتي الآن من آليات تحقيق هذا المطلب؟..
هل قدمتم أمورا تفصيلية لترجمة ما يتعلق بالأهداف الخاصة بالثورة؟.. صحيح أن الشباب عن طريق تمكنهم من أدوات التكنولوجيا الحديثة ووسائلها المختلفة فيسبوك وتويتر وغيرهما إستطاعوا أن يصلوا إلي القاعدة عن طريق تشكيل مجموعات في كل محافظة، ومن خلال هذه المجموعات يستطيعون تحريك الجماهير، ولكن في الحقيقة أن الجماهير لا تكتفي فقط بميدان التحرير، وإنما تريد أن تأكل وتشرب وتسكن أيضا.
بناء مصر
د. حجازي.. توليتم وزارة المالية في العام التالي مباشرة لنكسة يونيو 1968 وكان لكم دور مهم في العبور من فترة ما بعد النكسة والتجهيز لحرب أكتوبر.. كيف كان هذا العبور؟.. وهل يمكن أن نستفيد من هذه التجربة في العبور من الوضع الراهن؟
عندما تم تعييني وزيرا للخزانة عام 1968 كانت الوزارة تضم "12" إستاذا جامعيا، وكان هذا أول تغيير حقيقي في إدارة الدولة، حيث بدأ جمال عبدالناصر يعتمد علي أهل الخبرة بدلا من إعتماده علي أهل الثقة، ثم بعد ذلك عمل استفتاء، وهو ما أطلق عليه اسم "بيان 30 مارس"، وهذا الاستفتاء كان له معان كبيرة جدا، حيث إنه وضع السياسة العامة والمبادئ العامة لإدارة الدولة بعد النكسة، ووضع في البيان الأولويات سواء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية أو من الناحية الاقتصادية أو المشروعات.
وعلي غير المتوقع لم يكن إقتصاد مصر في هذه المرحلة إقتصاد حرب، حيث كان عبدالناصر يشدد علي أنه ليس معني أننا نبني إقتصادا ونحن في حالة حرب أن تقف البلد، وتتوقف عمليات التنمية، وإنما عملنا علي الاستمرار في التنمية، وأذكر أن عبدالناصر قالي لي إن هناك 3 معارك للتغيير، الاولي معركة الحرب، والثانية معركة استمرار التنمية، والثالثة معركة العدالة الاجتماعية، فكان عبدالناصر يردد "أنا عايز أشوف أولادي عايشين كويسين"، وكان يشير وقتها إلي تعيين الخريجين، وهذا الأمر هو العدل الاجتماعي، وبالتالي فإن تعيين الخريجين هو في اعتقادي وتحليلي تكلفة إجتماعية للأمن القومي، بدلا من أن أتركهم للشارع ليتحولوا لقنابل موقوتة.
وعندما كان عبدالناصر يسأل عن تقييم المختصين لحالة البلد تأتي الاجابات مختلفة، هناك من قال إن البلد في طريقها للغرق، وهناك من أخبره بأن البلد في حالة جيدة، لهذا كان يقول لي: أريد أن أعرف أين نقف نحن الآن، وقد رخص لي كوزير خزانة الحق في أن أحصل علي البيانات من كل دليل، ولم يكتف عبدالناصر ببيان 30 مارس، ولكن شكل لجنة من عضوين أنا وحلمي مراد أطلق عليها اسم لجنة تنفيذ برنامج 30 مارس"، وقد أعددنا كتيبا عن الاصلاح المالي والاقتصادي وعن ترجمة المبادئ التي قالها عبدالناصر في بيان 30 مارس، وأصبحت أنا وحلمي مراد مسئولين عن متابعة تنفيذ برنامج بيان 30 مارس، وقد كنا نعبر عن التنمية بالقرارات الاشتراكية الخاصة بالعدل الاجتماعي مثل تعيين الخريجين، وتركيز عبدالناصر علي خدمة المعدمين.
وأقدم هنا مثالا وتجربة أنجزناها في عام 1968 وأطالب بتكرارها في الوضع الحالي، حيث عندما تم تعيننا في وزارة 1968 وجدنا الدرجات الوظيفية غير متوازنة، فعملنا نظاما أطلقنا عليه اسم نظام الاصلاح الوظيفي، درسنا فيه موقف كل الدرجات الوظيفية الموجودة في البلد، وحاولنا نغطي الفجوة بين الاعلي والأدني، وبالطبع لم تكن تصل للارقام التي نسمع عنها هذه الأيام، وفي سبيل تقليل الفجوة بين الأعلي والأدني بدأنا في ترقية الموظفين الذين فاتت عليهم فرص الترقية الناس اللي فاتت عليهم، وقد كان هذا جزءاً من تطبيق بيان 30 مارس الذي اهتم بهيكل الحكومة وإنشاء الهيئات والمؤسسات.
وأعتقد أن كل هذه الأمور بحاجة إلي إعادة قراءة من أجل الاستفادة منها في الوقت الحاضر لاسيما أنها خطط تم تجربتها وأثبتت نجاحا كبيرا، ولاسيما فيما يتعلق بمسألة العدل الاجتماعي، فالمطلوب الآن العمل علي إعادة التوازن بين الدرجات الوظيفية، والنظر في مسألة الأجور، وتقليل الفجوة بين الأعلي والأدني، بدلا من أن تطالب كل طائفة أو فئة بمطالب فئوية في شكل اعتصامات وإضطرابات تعطل حركة الانتاج.
لجنة متابعة
ومن منطلق هذا كله.. ما الذي تريده من رئيس الوزراء د. عصام شرف؟
أولا: إنشاء لجنة لمتابعة تنفيذ ما جاء في وثيقة الحوار الوطني من أفكار وأراء ومقترحات، لانني أعتقد أن هذه الوثيقة شأنها شأن بيان 30 مارس، لذا أطالب رئيس الوزراء بتشكيل لجنة تنفيذية مشكلة من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني ومن المجلس العسكري مهمتها أن تترجم ما جاء في الوثيقة إلي برامج.
ثانيا: لابد من العمل علي إستقرار هيكل الحكومة، حيث إنه للأسف الشديد ليس هناك هيكل متفق عليه إطلاقا، حيث يتغير الهيكل بتغير الوزارات، وقد تبنت وثيقة الحوار الوطني هذا الأمر أيضا حيث أبرزت أهمية استقرارالاجهزة وهيكل الحكومة بشكل عام، الأمر الذي يؤكد أن الوثيقة ليست للوضع الحالي فحسب، وإنما للمستقبل أيضا.
وفي هذا الإطار أبدي دهشتي لنسبة قطاع الصناعة في الحكومة الحالية، فهل يعقل أن مثل هذا القطاع المهم والحيوي، يكون نصيبه فقط "نصف وزارة" في 32 وزارة، ومن ثم إذا كنا نريد أن نحقق التنمية لابد أن يكون هناك هيكل مستقر للحكومة، وذلك ليتم تشكيل مجلس الوزراء القادم مع البرلمان المقبل طبقا لهيكل متفق عليه ومستقر، ومن الممكن أن يتغير هذا الهيكل، ولكن لا يتغير مع تغير كل وزارة.
ثالثا: الحد من المركزية، والاتجاه نحو اللا مركزية، وذلك بأن يتم نقل سلطات واختصاصات وزرات الخدمات مثل التعليم والصحة والتموين إلي المحليات مع تقديم الدعم اللازم للاجهزة المحلية، ولاسيما وأن دواوين هذه الوزارات مكتظة بالعاملين والسلطات.
من واقع تشخيصك للأزمة الخانقة التي تعيشها مصر حاليا، وبصفتك طبيبا ماهرا في علاج أوجاع الاقتصاد.. ما ملامح روشتة العلاج الرئيسية؟
أنا مقسم الجانب الاقتصادي إلي خمس مجموعات، ومن خلال هذه المجموعات نستطيع أن نخرج من أزمتنا الراهنة ونعبر إلي بر الأمان، وهذه المجموعات هي:
الأولي: مجموعة الانتاج، وهي الزراعة والصناعة والانتاج الحربي، وهنا لابد من إعادة تشغيل الطاقات المتعطلة في قطاع الانتاج، وتكون الاولوية هنا لاستغلال الطاقات المتعطلة في مجالات الانتاج المختلفة.
الثانية: مجموعة المشروعات العملاقة، وهنا نطالب بمراجعة المشروعات العملاقة من ناحية الجدوي الاقتصادية، وفي المقابل التوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن الضروري هنا إنشاء مرصد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال الصندوق الاجتماعي وبنك ناصر الاجتماعي و وزارة التضامن الاجتماعي، ولابد من الجمع بين المشروعات العملاقة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة علي أن تكون الأولوية للأخيرة، ومن الممكن أن ننشئ في كل محافظة مؤسسة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يشارك فيها رجال أعمال من أهل المحافظة نفسها بأن يساهموا بتقديم القروض للجمعيات الموجودة داخل المحافظة، وتقوم هذه الجمعيات بدورها بإقراض الأفراد، مع العلم ان هذا القطاع يلعب دورا مهما جدا في كل دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها.
الثالثة: مجموعة الموارد، ممثلة في السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين وخبراء المصريين العاملين في الخارج، وهذه أموال نقدية لابد من العمل علي الاستفادة منها بالشكل الأنسب، إضافة إلي هذا تفعيل مساهمة المصريين في الخارج في تقوية إقتصاد وطنهم، فهناك 10 ملايين مصري في الخارج، والكثير منهم ينوي المساهمة في تقوية الاقتصاد الوطني، فمن الممكن أن نعمل صك ب 100 دولار، وهو مبلغ زهيد بالنسبة للعاملين في الخارج، ومن الممكن أن تقدم هذه الاموال في صورة منحة أو في صورة دعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، هذا بالاضافة إلي تفعيل قطاع صادرات مصر من برامج الكمبيوتر حيث تصدر مصر برامج كمبيوتر بقيمة 2 أو 3 مليارات، وقد قرأت أن مصر أصبحت الرابع في العالم في هذا المجال، ومن ثم مطلوب تفعيل هذا القطاع من أجل توفير إيراد نقدي وهذا القطاع بحاجة لسياسة مستقلة.
الرابعة: تتمثل المجموعة الرابعة في قطاع البنية الاساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، وقد أنفق علي البنية الاساسية في مصر خلال الثلاثين عاما الماضية مليارات الجنيهات، في الخارج مثلا عندما يُنشأ طريق، فليس المهم الطريق، ولكن المهم التنمية التي تتحقق حول هذا الطريق، وهذا هو المطلوب في مصر، لابد أن تكون مشاريع البنية الاساسية ذات عوائد تنموية.
الخامسة: تتمثل المجموعة الخامسة في قطاع العدل الاجتماعي، وهو المطلب الذي نادي به الثوار، وأنا شخصيا أري أن هناك فوضي في جمع الاموال لتمكين الفقراء في مصر، لذا أقترحت في وثيقة الحوار الوطني بأن يصدر قانون لتنظيم جمع الزكاة والصدقات والمنح والمساعدات، ونحن هنا نقصد التنظيم وليس الجمع في جهة واحدة، والاهم هنا الافصاح عن استخدام هذه الاموال، هذا بالاضافة إلي إعادة دراسة نظام الوقف.
وإلي جانب هذه المجموعات الخمس لابد أن تواكب الثقافة وأجهزة الإعلام مطالب الناس، لاسيما أن هناك نقصا شديدا في هذا الجانب، فعلي سبيل المثال قد تجد صحيفة من الصحف مليئة بأخبار الحوادث والسرقات، ولا يوجد فيها ثقافة تتماشي مع مطالب الناس، وقد كنا في السابق زعماء ورواد المنطقة في هذا المجال حيث كنا نصدر أفلاما وكتبا وفكرا وثقافة إلي كل دول الجوار، ومن ثم فإننا نريد ان يكون الجزء الخاص بالثقافة والإعلام تنويريا، ولابد ان نصل إلي الفلاح والعامل، وقد ركزت علي الثقافة بإعتبارها ركيزة اساسية في التنمية في الوثيقة التي قدمتها للمجلس العسكري.
التمويل الاجنبي
ننتقل إلي ملف الجمعيات الأهلية، وقد أثير مؤخرا جدل واسع النطاق حول تلقي 50 جمعية ما يقرب من مليار دولار.. كيف تري هذا الأمر؟
بالفعل هناك جمعيات تلقت أموالا بمبالغ كبيرة إقتربت من المليار، وهناك تحقيق يجري مع بعض الجمعيات، والحقيقة أن هناك جمعيات غير مرخص لها وتدعمها مراكز بحثية علي مستوي عال، وهذه الجمعيات تقوم بتوزيع أموال، ولاشك أن أمريكا تلعب دورا رئيسيا في هذا الأمر، وبصفتي رئيسا للاتحاد العام للجمعيات لي مداولات عديدة مع السفيرة الامريكية منذ عام ونصف حول المعونات الامريكية التي تأتي لمنظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية، ولا أخفيكم سرا أن هناك أزمة بين القاهرة وواشنطن بسبب هذا الأمر.
ولكن.. بعض الجمعيات تلقت تمويلا اجنبيا، وأنجزت من خلاله مشاريع عدة، وأفصحت عن مشاريعها؟
أفصحت لمن؟.. أنا كشعب أريد أن أعرف أين ذهب المليار دولار، وقد كان لنا موقف من المعونة الامريكية من كلمتين نصهما كالتالي "نحن لا نعارض إطلاقا المنح، ولكن المنح لاي غرض.. هل وفقا لأولويات مصر أم أولويات أمريكا، فإن كانت وفقا لأولويات مصر فلا مانع لدينا، أما إن كانت غير ذلك فنحن نعترض عليها"، فإذا كانت أمريكا - مثلا - تريد أن تقدم منحة للتعليم في مصر، فنحن من الممكن أن نقدم لها اسماء 20 جمعية وتختار من بينها، لا أن تأتي لجمعية معينة وتقدم لها المنحة، كما أنها من الممكن أن تقدم 10 ملايين دولار لجمعيتين في حين أنا أستطيع أن أوزع هذا المبلغ علي 100 جمعية.
والخلاصة نحن لسنا لدينا مانع من أن نتقبل منحاً من الخارج بشرط أن توجه حسب الاولويات المصرية، ويكون للدولة كلمتها في إستخدامات هذه الأموال، عكس الحال في الدول الغربية التي تعتبر من يتلقي أموالا خارجية عملاء، أما نحن فنقول لا مانع لدينا من ذلك، ولكن لابد من احترام سياسة الدولة ثم الافصاح عن وجهة هذه الاموال وإستخداماتها.
ولهذا كله كان من بين مطالبنا إعادة النظر في قانون الجمعيات، واعطاء الاتحاد العام للجمعيات السلطة الكافية بحيث يقوم بدور المتابعة والتقييم والتنسيق بين المؤسسات.
هيكلة الحكومة
شددت سلفا علي ضرورة إعادة هيكلة الحكومة.. ألا تري أن الأمر يتطلب أيضا إعادة هيكلة فكرية للوزراء والإنسان المصري بصفة عامة؟
بالتأكيد الأمر يتطلب هذا، فالإنسان هو صانع الحضارة، لهذا كانت أول نقطة في بناء مصر الحديث تتمثل في بناء الإنسان المصري، وقد وضعنا 16 مجالا لبناء الإنسان المصري، وأكدنا أن أي بناء للمستقبل غير قائم علي بناء الإنسان لا قيمة له، وفي هذا الإطار طرحت الوثيقة عدة تساؤلات منها كيف نبني مصر الحديثة ومازالت نسبة الامية مرتفعة؟.. وكيف نبني مصر الحديثة ونسبة الفقراء تتجاوز 20٪ وكيف نبني مصر الحديثة ومازالت نسبة البطالة تزيد عن 10٪ وكيف نبني مصر الحديثة والإنسان المصري محروم من الحرية والمشاركة في الحياة السياسية؟.. وعلي ضوء هذه الاستفسارات أكدت الوثيقة أن بناء الاصلاح المستقبلي متوقف علي بناء إنسان متحضر.
وهل من سبيل لعلاج الفوضي الموجودة حاليا في مصر؟
السبيل الوحيد يتمثل في أنه علي الدولة أن تحترم نفسها، وتسترد هيبتها من جديد، وأعتقد أن رئيس الوزراء والحكومة الحالية المسئول الأول عن الموقف الحالي.
وكيف تسترد الدولة هيبتها؟
بتطوير وزارة الداخلية، والتي تضم قطاعين، أولهما قطاع مدني يتمثل في الجوازات واستخراج الرخص وغيرها، وثانيهما قطاع شرطي وأمني، وهذا القطاع له مقومات مثل طرق المكافحة والمنع، وأستطيع أن ألخص وظيفة هذا القطاع الأن في كلمة "إلحق".
وماذا عن نظرية المؤامرة؟
هذه شماعة، وأنا شخصيا أرفض أن أحمل الاخطاء كلها علي الاخرين، رغم أنني من أنصار إعتبار نكسة يونيو مؤامرة إسرائيلية أمريكية، ولم تكن خطأ عبدالناصر، ولكنه وقع في المؤامرة، ولدي تفاصيل سوف أنشرها في كتاب، حيث كان هناك مخطط للقضاء علي "الديك الرومي" وهو جمال عبدالناصر.
ولكن الكثيرين يعتقدون أن ما يحدث في مصر من فوضي تقف خلفه أياد داخلية وخارجية؟
أنا لا أنفي وجود أياد تعبث في مصر سواء من الداخل أو الخارج، ولكن السؤال أين أنت؟ فلابد أن يكون لك دور قوي في مواجهة هذا الأمر.
وإذا كانت الأيادي الخارجية معروفة.. فماذا عن الأيادي الداخلية؟
هم أصحاب المصالح، وهم موجودون بكثرة الآن، وأعتقد أن الدولة تشارك في الخطأ لانها أصبحت تعادي كل الناس، ولهذا أنا ضد الاقصاء الكامل لاي فصيل سياسي، ولابد أن يكون الاقصاء علي أساس ثبوت الفساد علي هذا الشخص أو ذاك، أما أنه يُتخذ قرار عام بالاقصاء فهذا خطأ، كما أن هذا يتعارض مع الديمقراطية.
المساعدات العربية
وكيف تري المساعدات التي وعدت بها بعض الدول الخليجية لمصر؟
نحن لا نطلب منحة ولا منة من الدول الخليجية، حيث لنا حق في موارد البترول لاننا كنا السبب فيه، فبعد حرب أكتوبر إرتفعت أسعار البترول، وقد إستفادت الدول الخليجية من هذا الأمر كثيرا، ومن ثم نحن لنا حق في الثروات الخليجية.
وأذكر أن الملك فيصل بعد حرب أكتوبر وعد بإنشاء صندوق لدعم مصر، ولكنه مات قبل أن ينفذ المشروع، واحتضن فكرة الصندوق أمير الكويت، وبالفعل أنشأ الصندوق وتم جمع 2 مليار دولار دفعة واحدة، كما أذكر أنني بعد حرب أكتوبر جمعت مليار دولار من الدول العربية في أسبوع ومليار من إيران في اسبوع، وكان هذا الأمر بعلاقاتي الشخصية حيث كان خمسة مسئولين في وزارة المالية السعودية من تلاميذي.
وكيف تري صفات رئيس الوزراء؟
رئيس الوزراء لابد أن يكون شخصا قويا، ولديه خبرة عملية وعلمية، ولابد أن يكون قادرا علي أن يتخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، وقد كنت أيام حرب أكتوبر أجلس في مكتبي حتي الثالثة صباحا من أجل أخذ القرارات المناسبة.
مؤخرا صدرت بعض الأحكام القضائية التي أعادت بعض الشركات التي تم خصخصتها خلال حكم الرئيس السابق مبارك للدولة.. كيف تري هذا الأمر؟
- التعميم في مثل هذا الموضوع غير جائز، فعلي سبيل المثال أحد الاشخاص أخذ قطعة أرض وبني فوقها مصنعا ومزرعة فلا يجوز أن نسترد هذه الأرض منه، وأنا شخصيا أعرف شخصا أخذ 500 فدان في التجمع، ويعمل لديه خمسة آلاف عامل، كما أنه بني فوق هذه الأرض مدينة كاملة، ورغم ذلك يذهبون إليه كل فترة ليطالبوه بفارق السعر،وقد أخذوا منه 500 مليون عنوة، وطالبوه بالمزيد، ولكنهم تراجعوا في النهاية، وهذا بالتأكيد خطأ كبير.
وأخيرا.. هل تتوقع ان تأخذ الحكومة بتوصيات وثيقة الحوار الوطني؟
أنا واثق من أن الحكومة لن تعمل شيئا، حيث لم يكن لها بالاساس رد فعل علي الوثيقة، ولكني أنتظر رد فعل المثقفين، ولهذا أخذت إجراء نشر الوثيقة، وكنت أتوقع ان تتابع الحكومة معي تنفيذ ما جاء في الوثيقة، ولكن للأسف لم يحدث هذا الأمر، وقد طلبت موعدا لمقابلة د. شرف، وقد قالوا لي سوف يكلمك هو، في حين أنني طلبت الفريق سامي عنان، ولم تمض 24 ساعة حتي وجدته يكلمني.
إنهيار الرأسمالية المتوحشة
هل الرأسمالية أثبتت فشلها الآن؟.. سؤال وجهناه للدكتور عبدالعزيز حجازي فأكد أنه لايستطيع أن يقول إن الرأسمالية فشلت، ولكن هناك إناس أخلاقيا "فسدوا"، وأعطوا قروضا دون دراسات فانهارت ما يسمي بالرأسمالية المتوحشة، والتي عملت علي الاحتكار، وعينت قيادات في المؤسسات العملاقة بمرتبات تفوق أي تصور.
وشدد علي ضرورة أن نتفق علي هوية النظام الاقتصادي المصري بحيث تكون الملكية الخاصة هي الاساس، و الملكية العامة للأمن القومي والمواطنين ثم يتم منع الاحتكار ثانيا ثم حماية المستهلك ثالثا، وبالتالي نأخذ من الرأسمالية أحسن ما فيها وتسير مع المنهج الاسلامي.
الصديق الأول
وكشف عن أن صديقه الاول هو الكتاب، وأن لديه مكتبة هائلة تضم عددا ضخما من الكتب والمؤلفات في شتي فروع المعرفة، مؤكدا أن الوزارة أعطته عمقا أكثر فيما يتعلق بقضايا الوطن وتحسين صورته.
كرسي رئيس الوزراء
بسؤال الدكتور عبدالعزيز حجازي إذا ما جلس الآن علي كرسي رئيس الوزراة مرة أخري.. ماذا يفعل لمصر الآن؟
أجاب د. حجازي بأمرين مختلفين، أولهما تثبيت العمالة المؤقتة حتي يصبح عدد العاملين في الحكومة 6 ملايين بدلا من 5 ملايين ونصف المليون، وثانيها إعادة الأموال للفقراء والعشوائيات وبناء 150 ألف وحدة سكنية في عام واحد للقضاء علي العشوائيات الخطيرة. وقال د. حجازي: أنا رجل علمي أعتمد علي العلم والدراسة، ومن ثم لابد أن يكون لدي تقييم علمي وحقيقي وصادق للموقف، ولابد أن تكون الصورة العامة واضحة. وأشار إلي أن أول قرار سوف يتخذه بمجرد جلوسه علي كرسي الوزارة هو إعادة هيكلة الخطة، ومنح الاموال للفقراء والعشوائيات، والتي تمثل مصدر قلق، موضحا أن ثاني أمر سوف يقوم به بعد الجلوس علي كرسي الوزارة أن يطلب موقف الفقر في مصر ونسبة الفقراء في المحافظات، وتوجيه الاستثمارات الاساسية إلي هذا المجال.
الجامعة مع الوزارة
أعرب د. عبدالعزيز حجازي عن سعادته بالعمل الجامعي، وهو العمل الذي لم يتركه يوما واحدا حتي أثناء وجوده في الوزارة، معبرا عن ذلك بأن الجامعة بالنسبة له رسالة. وقال د. حجازي: تخرجت في عام 1944 ومنذ هذا التاريخ وحتي الآن لم أترك الجامعة علي الإطلاق، وكان شرطي لقبول الوزارة ألا احرم من العمل في الجامعة، وأنا حاليا استاذ متفرغ في جامعة عين شمس وعضو مجلس كلية التجارة. وعن أسلوب عمله أضاف: أسلوبي في العمل تغير من محاسبة إلي اقتصاد وسياسة، ولكن المحاسبة والمراقبة المالية كانت مهمة بالنسبة لي جدا وأنا أدخلت في مصر فكرة الرقابة المالية علي أسس علمية مثل الرقابة الادارية، وكان شغلي كيف أحسب الاوقات الخاصة بالعمالة الموجودة في كل موقع بالدقيقة والثانية.
16 جهة تابعة لشرف
رفض د. عبدالعزيز حجازي فكرة الرجل متعدد المواقع والمناصب في نفس الوقت، مؤكدا أن هذا الامر يظهر في الوضع الراهن في حكومة د. عصام شرف حيث يتبع رئيس الوزراء 16 جهة تابعة بخلاف الوزراء.
خطأ يوسف غالي
انتقد د. عبدالعزيز حجازي تحويل أموال التأمينات والمعاشات لوزارة المالية وميزانية الدولة أيام د. يوسف بطرس غالي وزير المالية الهارب، مؤكدا أن هذا الأمر خطأ فادح.
وعن تجربته قال: عندما كنت في الوزارة أنشأت صندوقا باسم "صندوق الودائع والتأمينات"، وفصلت كل أموال التأمينات والمعاشات عن ميزانية الدولة بالكامل، وهذا النظام لم ابتدعه أنا، وإنما استوردته من فرنسا، وكانت أرباح هذا الصندوق يعاد استخدامها لصالح أرباب المعاشات، وقد صدر وقتها قانون بفصل هذه الاموال عن ميزانية الدولة.
وتابع: أموال المعاشات والتأمينات لابد أن تخرج من ميزانية الدولة، وقد طالبت بهذا الامر في وثيقة الحوار الوطني، كما طالبت بأن يعاد إنشاء صندوق "الودائع والتأمينات" وبالتالي كل مشروعات التنمية المحلية تكون من خلال هذا الصندوق.
بعض المحافظات لم تشارك في الحوار خوفاً من الفلول
والشباب فشلوا في اختيار من يمثلهم
لا نطلب منحة.. ولكنه حق مشروع لمصر في عوائد البترول العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.