»خيبة بالويبة«.. كما يقول المثل الشعبي! المثل ينطبق علي حال شركات القطاع الخاص والعام في مصر والتي اقتصر نصيبها في كيكة مشتريات الأممالمتحدة علي 047 ألف دولار فقط من بين 51 مليار دولار في عام واحد! الغريب أن الأممالمتحدة هي التي تطالب الشركات المصرية بالدخول في نظام التوريدات التابع لها وفرص مشترياتها التي تتيح مجالات لا حصر لها أمام رجال الأعمال والمستثمرين وهيئات القطاع العام لتصدير منتجاتها من كل شكل ولون! الأممالمتحدة تشتري كل شيء بداية من الطعام بكل أنواعه لسد احتياجات قوات حفظ السلام وكذا برامج الغذاء العالمية، ومروراً بمواد البناء بجميع أنواعها مثل الأسمنت والحديد وانتهاء بالبنزين والسولار ومختلف الخدمات كوسائل النقل. ولا تقتصر مشتريات الأممالمتحدة علي هذا أو ذاك بل تمتد إلي السيارات واللوريات والعربات المصفحة.. وحتي حبوب منع الحمل! يعني سوق لا أول ولا آخر له.. سوق وصل حجمه العام الماضي إلي 51 مليار دولار لم يكن نصيب الشركات المصرية منه سوي الفتافيت رغم موقع مصر الجغرافي القريب من مواقع قوات حفظ السلام سواء بالسودان أو لبنان.. ورغم أن أصوات مسئولي الأممالمتحدة بحت أكثر من مرة لحث هذه الشركات علي المشاركة بفاعلية في برامج مشتريات هذه المنظمة الدولية. مسئولو الأممالمتحدة التقوا مع مسئولي وزارة الخارجية وهيئة الاستثمار ومعهم 221 يمثلون شركات القطاعين العام والخاص بمصر.. لعل وعسي. أربعة مسئولين هم: نيفين الشافعي نائبة رئيس هيئة الاستثمار والسفير هشام الزميتي مساعد وزير الخارجية لشئون المنظمات الدولية وجيمس راولي المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر وديمتري دو فجوبلي رئيس قسم المشتريات بسكرتارية الأممالمتحدة جلسوا مع ممثلي الشركات المصرية في محاولة جديدة لتعريفهم بالفرص المتاحة.. وكما قالت نيفين الشافعي فان الهدف هو محاولة فتح آفاق للتصدير أمام القطاعين العام والخاص في ضوء تزايد نشاطات الأممالمتحدة في العديد من مناطق العالم خلال السنوات العشر الماضية خاصة في مجال حفظ السلام وما تبع ذلك من زيادة حجم الإنفاق علي المشتريات من مختلف دول العالم لتمكين المنظمة الدولية من الوفاء بتعهداتها في تقديم المساعدات الإنسانية وحفظ السلام والأمن، حيث ارتفعت قيمة تلك المشتريات من 318 مليون دولار عام 2002 إلي 4.3 مليار دولار عام 9002 منها 5.2 مليار لمشتريات حفظ السلام. هذه الأرقام ترتفع إلي 51 مليار دولار كما قال ديمتري دو فجوبلي نظراً لتعدد برامج الأممالمتحدة الأخري في مجالات الغذاء العالمي في أنحاء العالم. وتشير نيفين الشافعي إلي أنه رغم كون مصر تحتل المركز الخامس علي قائمة الدول المساهمة في عمليات حفظ السلام 6 آلاف فرد إلا أن المشاركة المصرية في مجال التوريدات للأمم المتحدة تمثل نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بعدد من الدول الأخري المجاورة أو في القارة الافريقية. هذه المشاركة الضئيلة يحددها السفير هشام الزميتي ب2 من ألف بالمائة من حجم مشتريات الأممالمتحدة وهو ما يحتم السعي لرفع تلك النسبة بالشكل الذي يتناسب مع حجم إمكانيات مصر من جانب ومع حجم مساهمة مصر بقوات حفظ السلام من جانب آخر.. وهو ما يحتم أيضاً استثمار عنصر القرب الجغرافي من موقع العمليات التي تقودها الأممالمتحدة في افريقيا والشرق الأوسط. وأشار السفير الزميتي إلي أن مصر بجميع مؤسساتها تشهد منذ سنوات مرحلة تحول مهم وإصلاح شامل تسعي من خلاله إلي تحقيق التنمية والنهوض بمستوي معيشة أفضل لأبناء الوطن. وقال إن اللقاء الذي نظمته وزارة الخارجية وهيئة الاستثمار بالتعاون مع الأممالمتحدة يأتي دليلاً علي هذه المساعي ويعتبر تجسيداً لما تقوم به تلك المؤسسات ومن بينها وزارة الخارجية من دور نشط يتخطي دورها التقليدي حيث أصبحت الدبلوماسية المصرية تتعامل بشكل جاد مع جميع المتغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية إلي جانب السياسية لدعم جهود التنمية في مصر. وأضاف أن وزارة الخارجية وإن كانت صاحبة المبادرة إلا أن دورها يظل بمثابة الوسيط أي حلقة الوصل بين الداخل والخارج بينما تظل العلاقة بالأساس بين الجهات المصرية وبين الأممالمتحدة والتي يتعين عليها عرض وتوضيح الفرص المتاحة وطرح جميع المعلومات المتعلقة بكيفية المنافسة وطبيعة المناقصات فضلاً عن متابعة الصعوبات والتحديات التي تواجه الموردين. ولكن ماذا تشتري الأممالمتحدة؟ سؤال رد عليه ديمتري دو فجوبلي رئيس قسم المشتريات بالمنظمة الدولية مشيرا إلي أنها تقريباً تشتري كل شيء بنحو 51 مليار دولار في العام الماضي منها قرابة 3 مليارات لقوات حفظ السلام. وقال إن المنظمة تشتري من كل دول العالم ولا يوجد لها سوق محدد في دولة ما وعلي الجميع أن يقدم ما يملكه في إطار المنافسة والشفافية.. فهي أكبر مشتر للطعام علي مستوي العالم من خلال برنامج الغذاء العالمي. وهي توفر 3 وجبات يومياً لقوات حفظ السلام.. وجبات غربية وشرقية وهندية ووجبات حلال للجنود المسلمين. تشتري أيضاً الحبوب والدواء وكميات كبيرة من الدم والسيارات المدرعة والمصفحة واللوريات.. وتشتري سيارات الركوب ولكن من النوع المتوسط الرفاهية مثل الفولكس فاجن وليس الكاديلاك.. وتشتري أيضاً الخيام لإسكان الجنود.. وحتي حبوب منع الحمل في إطار المساعدات للدول الفقيرة! وهي تشتري كذلك الوقود بنحو مليار دولار سنوياً.. وكذا فإنها تشتري الأسمنت من وسطاء ونحن نعرف أن مصر تنتجه بكميات كبيرة.. لماذا لا نشتريه منكم بعيداً عن الوسطاء؟! إننا كما قال ديمتري نريد أسعاراً منافسة.. نريد الشراء بأسعار الجملة! وبعد .. ربما الشفافية التي تطلبها الأممالمتحدة في صفقاتها وراء الخيبة الكبيرة التي لحقت برجال الأعمال !