داخل صالة حجاج بمطار الملك عبدالعزيز بجدة قضى مئات المعتمرين المصريين أول أيام العيد بينما ظل الالاف عالقا خارج الصالة فى جو شديد الحرارة وإذا كانت هناك مشكلات إدارية في الخطوط السعودية أدت إلي حدوث تأخر سفر آلاف المصريين من مطار جدة.. فلماذا اختفت الطائرات المصرية فجأة من مطار الحجاج بجدة في طوال نهار أول أيام العيد؟ مما أدي إلي تكدس ركاب أكثر من خمس رحلات كان من المقرر أن تغادر مطار جدة حتي قبل ظهر الثلاثاء الماضي.. وهو مالم يحدث مما أدي إلي تأخر قيام هذه الرحلات أكثر من 10ساعات وسط غموض تام في الموقف، مسئولو السلطات السعودية يؤكدون عدم وصول الطائرات المصرية إلي المطار.. بينما المسئولون عن مصر للطيران يؤكدون أن الطائرات كانت موجودة بالفعل حسب جدول الرحلات المقررة من قبل وأن سلطات المطار هي السبب في التأخير!شائعات كثيرة انتشرت وسط هذا الغموض في الموقف.. وبين هذه الروايات التي ترددت بين المعتمرين عن أسباب هذه المشكلة، حظيت اثنتان منهما بالاهتمام.. الأولي تتحدث عن اعتداء بعض المعتمرين بالضرب علي أحد الموظفين السعوديين بالشركة السعودية بعد أن تطاول عليهم أمام صالة الخطوط السعودية بسبب سوء معاملته لهم ومنعهم من دخول الصالة لإتمام إجراءات السفر وهو ماخلق الشعور برغبة السلطات السعودية في الانتقام للموظف السعودي.. والرواية الثانية تؤكد أن هذا التعسف الواضح كان ضد المصريين فقط بدليل إن تأخر السفر امتد أيضا إلي ركاب شركة مصر للطيران.. وأرجع المعتمرون السبب إلي الثورة المصرية وإصرار المصريين علي محاكمة الرئيس المخلوع وأسرته وهو ما أغضب المسئولون السعوديين من المصريين.. وهو الأمر الذي أدي إلي إندلاع الهتافات المدوية في صالة الحجاج بالمطار وسط دهشة كل ركاب الشركات الأخري.. حيث ردد المسافرون المحتجزون الذين اعتبروا أنفسهم »أسري« داخل المطار هتافات طالبوا من خلالها حكومة شرف بسرعة التدخل لفك أسرهم! وظلوا يرددون: »ارفع راسك فوق أنت مصري«.. »واحد اثنين.. كرامة المصري فين؟« »مقصودة.. مقصودة« إشارة إلي إصرار السلطات السعودية علي إهانة المعتمرين باحتجازهم بهذه الطريقة المهينة لفترات طويلة.. كما رددوا: »حسبنا الله ونعم الوكيل«.. وبالرغم من المجهودات الرائعة التي تبذلها حكومة السعودية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوفير أقصي قدر من الخدمات المتميزة لتوفير الراحة للحجاج والمعتمرين.. والتوسعات المستمرة التي تنفذها الحكومة منذ عشرات السنوات التي بدأت في عهد الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز خير شاهد علي ذلك، إلا أن بعض صغار الموظفين السعوديين الذين يحاولون دائما إفساد هذه الصورة المشرقة الرائعة بتصرفاتهم العدائية الغريبة للمصريين.. وأستطيع أن أؤكد إنني كأحد المواطنين المصريين المسلمين الذين يعشقون السعودية وأهلها، حريص أكثر من بعض هؤلاء الموظفين السعوديين علي سمعة بلد الحرمين الشريفين أكثر منهم.. المشكلة ليست مجرد تأخر طائرة أو تعطل سيور نقل الحقائب في المطار.. ولكن ماحدث يجعلنا نطرح تساؤلات أتمني أن نجد الإجابة عنها من أي مسئول في مصر أو في السعودية: لماذا تحدث دائما هذه المشكلة مع الحجاج أو المعتمرين المصريين وبهذه الصورة المستفزة التي تتكرر علي فترات ليست ببعيدة؟ وهل يمكن أن تحدث هذه الأزمات مع مواطنين من أوروبا أو من أمريكا أو من دول مجلس التعاون الخليجي مثلا؟.. وهل من المصادفة أن تتعطل سيور نقل الحقائب في مطار الحجاج المخصصة لمصر للطيران مع بدء المشكلة في صالة الخطوط السعودية؟ المعروف أن كل معتمر يقوم بشراء تذكرة سفر »ذهابا وإيابا« سواء من شركة مصر للطيران أو من الخطوط السعودية.. وكما يعرف موعد السفر يعرف أيضا موعد العودة.. إذن إزدياد عدد المعتمرين هذا العام هي حجة واهية ومن العيب أن تصدر عن مسئولين كبار في البلدين.. فهناك جدول كامل ومحدد المواعيد معروف مسبقا للجميع في مصر والسعودية منذ فترة غير قصيرة.. وكل راكب يعلم مواعيد مغادرته قبل أن يسافر.. ثم تأتي التصريحات الرسمية بخصوص هذه المهزلة، مخيبة للآمال.. بعد أن ركزت علي توجيه الشكر - في معظمها- للمسئولين في السعودية علي سرعة استجابتهم لحل المشكلة بعد ثلاثة أيام من حدوثها!! فكم من الوقت، كان مسئولونا الكرام الغيوريون علي كرامة مواطنيهم يتصورون أن تحل فيها الأزمة؟ وانفرد القنصل المصري ممثل المصريين في السعودية بأغرب التصريحات الذي لو ذهب إلي المطار واضطر للوقوف في طابور يضم أكثر من ألف مصري لايعلمون مصير عودتهم إلي وطنهم في ظروف جوية بالغة القسوة.. لما خرج علينا بتصريح في الفضائيات ليشكر فيها السلطات السعودية التي تعامل المصريين كما تعامل المواطن السعودي.. أي مساواة تلك التي تتحدث عنها عزيزي القنصل؟ والواضح أن سيادة القنصل نسي أنه يعمل في الخارجية المصرية وأن أحداً لم يبلغه أن ملايين المصريين سبق لهم السفر للسعودية ورأوا بأعينهم كيف تحترم السلطات السعودية مواطنيها، وتميزهم في كل شئ وتخصص لهم شبابيك للجوازات خاصة بهم فقط مع مواطني دول مجلس التعاون، بعيدا عن كل الجنسيات الأخري التي من بينها المصريون طبعا.. وهذا بالطبع شيء حميد يحسب لهم.. وعقبال عندنا، عندما نري حكومة ثورتنا تحترم المصريين كما تتعامل السلطات السعودية مع مواطنيها.. سيادة القنصل المصري: هل تتصور أن السلطات السعودية يمكنها أن تري مواطنا سعوديا واحدا يتعرض لمشكلة ما في أي مطار في العالم بدون تدخل فوري؟ فما بالكم بآلاف المواطنين الذين تعرضوا للإهانة طوال أيام العيد خارج مطار جدة وداخله.. لقد حان الوقت لأن نقر مبدأ »التعامل بالمثل« مع كل الدول.. وهي قضية خطيرة تمس صميم كرامة المواطن المصري التي أهدرها النظام السابق من أجل مهادنة ومجاملة البعض علي حساب كرامة أبناء هذا الوطن.. إن فتح ملف »المعاملة بالمثل« للمناقشة هو أول خطوة لإعادة كرامة المصريين التي أهدرها النظام السابق خاصة في دول الخليج..