لا اتصور للحظة واحدة ان الصديق العزيز اسامة هيكل وزير الاعلام يقف وراء صدور القرار الخاطئ والظالم باستبعاد مجموعة كبيرة من رموز العمل الاذاعي من الاستمرار في تقديم برامجهم الشهيرة علي موجات الراديو المختلفة بحجة انهم قد اصبحوا مثل خيل الحكومة وبات كل منهم خارج الخدمة منذ عدة سنوات وبالتالي لم يعد لوجودهم فائدة خلف او امام الميكروفون! اقول ذلك وانا اثق ان الوزير اسامة هيكل لا يمكن ان يوافق علي مثل هذا القرار الذي يمثل اهانة لتاريخ كبار الاذاعيين ويعصف بهم بعيدا عن مبني ماسبيرو الذي ساهموا في تشييده طوبة طوبة منذ عشرات السنين ثم يأتي اليوم الذي يشعرون فيه بأنهم غرباء عن أهل البيت! يا سادة هؤلاد الاذاعيون الذين تم الاستغناء عن خدماتهم بحجة انهم يعملون بعد سن المعاش لسنوات طويلة داخل مختلف الشبكات الاذاعية يتقاضون ملاليم تساعدهم علي مواجهة ظروف الحياة الصعبة ولم يكونوا يوميا سببا في خراب ميزانية الراديو ولم يأخذوا فرص تلاميذهم أو ابنائهم في العمل او في الشهرة والنجومية فهؤلاء يقدمون برامجهم الناجحة ليستفيد بخبرتهم الجيل الجديد ويستمتع بهم ملايين المستمعين ففي اعمالهم متعة وفن وفكر وهو حصاد احلي ما تعلموه عبر سنوات العمل الشاق خلف او امام الميكروفون علي مدي سنوات طويلة. والطريف ان قرار الاستغناء عن كبار الاساتذة الاذاعيين جاء متلازما وملتصقا بقرار آخر يخص المستشارين حيث تم انهاء عمل معظمهم وبالطبع هذا قرار سليم وحكيم ولكن هناك فارقا كبيرا بين من يعمل في مجال البرامج ككاتب او محاور او مخرج وبين من يزاول عملا اداريا فالاذاعي مبدع وعمله يحتاج الي كفاءة وموهبة في استخدام ادواته التي يعد ويقدم من خلالها برامجه وسهراته وحواراته عبر الاثير فشتان بين الجالس من خلف مكتب واداري وبين من يجلس في مواجهة الميكروفون ولكن بكل اسف اختلط الحابل بالنابل وتبعثرت كل الاوراق وتقاذفتها الرياح وكالعادة بدأت عمليات تصفية الحسابات تنطلق من هنا وهناك لتقتلع جذور الاشجار وهي واقفة دون ان نحكم عقولنا او ضمائرنا او حتي نتحلي باخلاق الفرسان في اسلوب تعاملنا مع جيل الرواد الذين وجدوا انفسهم بين يوم وليلة في مهب الريح يعانون من غدر الزمن علي ايدي جهات ادارية في ماسبيرو كان الاجدر بها ان تبحث عن مصادر تزيد من خلالها دخل الاذاعة لا ان تلجأ لاقصاء الاساتذة الكبار النجوم بحجة توفير ما يتقاضونه من مبالغ زهيدة لتحسين احوال زملائهم من الجيل الجديدة او ان صح التعبير لزيادة دخل اولادهم في كل الشبكات الاذاعية التي تعاني من ازمة مالية طاحنة قضت علي طموحات شباب الاذاعيين وجعلتهم يصرخون غضبا للبحث عن حياة كريمة في زمن الغلاء الفاحش. ويا ليت من قام بابلاغ كبار الاذاعيين بالاستغناء عن خدماتهم في الراديو قد التزم باصول اللياقة في انهاء عملهم بل راح يتحدث اليهم باسلوب الغمز واللمز بانه قد حان موعد الرحيل وان نهاية هذا العام هو الحد الاقصي لوجودهم داخل مبني ماسبيرو وكفاية عليهم كده وان الاستثناء الوحيد سوف يكون لمجموعة من الرواد الاعلاميين فقط وكأنهم دخلاء وغرباء لا علاقة لهم بالاعلام المسموع . واخذ بعض الذين تم الاستغناء عن خدماتهم يتساءل عن الاسماء التي تم الاحتفاظ بها للعمل خلف او امام الميكروفون فعلم انها لزملاء اعزاءوهم بحق اصحاب قامات عالية وان بعضهم قد تولي رئاسة الاذاعة مثل فهمي عمر وفاروق شوشة وحمدي الكنيسي وعمر بطيشة وايناس جوهر وهؤلاء لا خلاف عليهم ولهم كل تحية واحترام واعتزاز وتقدير ولكن هناك اسماء اخري لها نفس المكانة العالية في عالم الراديو مثل انتصار شلبي رئيس الاذاعةالسابقة ومحمد مرعي وامينة صبري ونجوي ابوالنجا ود. عبدالصمد الدسوقي وكامل البيطار ومحمد فهيم وامام عمر واسامة سيد وسهير الباشا ونبيلة مكاوي ومأمون النجار وهدي العجيمي وابراهيم صبري وامال العناني ونجوي الطوبي وغيرهم من الاسماء الأخري المحترمة الذين لهم بصمات قوية في شتي البرامج. وعلي الجانب الآخر اكد لي بعض كبار الاذاعيين الذين تم استبعادهم انهم لم يغضبوا لوجود اسماء اخري تم الموافقة عليها للاستمرار في العمل الي جانب رؤساء الاذاعة السابقين مثل الاساتذة امال فهمي وهالة الحديدي ونادية صالح وفضيلة توفيق وهاجر سعدالدين ووجدي الحكيم فهؤلاء قمم شامخة مثل الجبال لا ينكر احد عطاءها ولكن لماذا هذه التفرقة بدون وجه حق او سند فالموهبة واحدة والابداع لا يتجزأ ولكل جيل رموزه المحترمة وينبغي الاستفادة بكل من لا يزال قادرا علي العطاء ويمتلك القدرة علي التميز والتجديد والتطوير وفقا لآليات العصر الحديث والتقدم التكنولوجي الذي يشهده الاعلام المسموع والمرئي الآن. انني اكتب هذه السطور الي عقل وقلب الصديق العزيز اسامة هيكل وزير الاعلام الذي اعلم تماما انه لن يرضي بان يظلم احد في عهده خاصة اذا كان من اهل الخبرة والابداع سواء في الراديو او في التليفزيون وان هناك من الخطط والوسائل البديلة التي من الممكن ان تأتي بموارد مالية تسد كل الاحتياجات الضرورية للاذاعة فهذا افضل من ان تأتي هذه الموارد باغتيال جيل كامل من الرواد في الاذاعة يتقاضون ما يسمي بالتكلفات وهي ملاليم ولكنها تساعدهم علي مواجهة ظروف الحياة الصعبة وهم في خريف العمر.