محاكمة القرن شدت انتباه العالم الي قاعة المحاكمة التي يحاكم فيها مبارك ونجلاه علاء وجمال ووزير داخليته السابق حبيب العادلي وقادة الجهاز الأمني المنحل.. لقد كان الحديث عن مكان القاعة وكيف احتضنت اكاديمية الشرطة والتي هي احدي انجازات مبارك والعادلي مكان محاكمتهما لتكون نهايتها في اخر مكان شهد عرسهما في الاحتفال الاخير بعيد الشرطة قبل ثورة 52 يناير بيومين.. انه القدر.. القدر عندما يرفع انسانا ويجعله يشرب من كأس التعالي والغرور والامتلاء بوحدانية الزعامة ثم يكسر رقبته في نفس المكان ويجعله ذليلا. هل منكم أحد يتصور أن يري الزعيم والرئيس حسني مبارك وهو يدخل احد انجازاته الشرطية محبوسا.. وبعد ان كان حرس السلاح يصطف له علي الجانبين يؤدي التحية العسكرية تسبقه طوابير من سيارات الحراسة.. وعسكري فوق وعسكري تحت لتأمين المكان.. وفي ايام يتغير المشهد ويدخل مبارك في سيارة اسعاف وهو ملقي علي ظهره دون ان يراه أحد.. هل منكم يصدق ان حبيب العادلي الذي كان امبراطورا في اكاديمية الشرطة، يهز اركانها كلها حط عليها زائرا أو ضيفا.. يدخل لها مسجونا ويقف في احدي قاعاتها التي شهدت عظمته وابهته مذلولا محبوسا.. لذلك اقول لماذا لا نحتفظ بقاعة المحاكمة بعد ان اصبحت جزءا من تاريخ هذا الوطن لتبقي مزارا للاجيال.. يعرفون ان زعيم البلاد الذي ظل رئيسا لها ما يقرب من ثلاثين عاما، كان يحاكم مع ولديه في هذا المكان.. ان استثمار هذا المزار للسياحة هو جزء من تسويق حضارتنا ووعي الشعب الذي نفض عن نفسه غبار الزمن في 52 يناير مرتديا ثوب العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية. صدقوني المشهد جعلني مهزوزا، لقد ظللت اردد في داخلي لعنة الله علي المال وعلي السلطة.. أين الحاشية التي كانت تفرد اذرعتها يمينا وشمالا وهي تخلي المكان لتأمين حياة الرئيس.. ثم أين هو الرئيس بعد كل هذه الابهة.. صحيح ان كل شيء زائل.. الكرسي والجاه.. ولا يبقي للانسان إلا عمله وهذا هو مبارك بعمله علي سرير عرضه 06 سنتيمترا لا يستطيع ان يتقلب عليه يمينا أو يسارا وكأن الله سبحانه وتعالي يعطيه درسا في القناعة.. فقد كان في وسعه ان يقضي فترة أو فترتين ويسلم زمام الامور لمن هو أفضل في العطاء من الشعب.. دون ان يخطط لتسليمها الي ولده.. ماذا نقول للطمع فقد جلس علي كرسي الابهة 6 ولايات وكان يتطلع الي السابعة في حالة رفض الشارع المصري لابنه.. وكأن مصر ولاية مملوكة له يبيع في اهلها ويوزع العطايا علي كبارها.. لا.. مصر لن تصبح ملكا إلا لشعبها.. ان ثورة 52 يناير التي كسرت حاجز الخوف عند المصريين هي التي تغرس فيهم الان الشجاعة حتي اصبحوا علي يقين ان البلد بلدهم ولن يأتي فرعون اخر ليحكم مصر.