خروج الآثار من مصر بطرق غير مشروعة مغامرة صعبة ومحفوفة بالمخاطر ولكن اعادتها مرة اخري مغامرة اكثر صعوبة.. وتمتد محاولات اعادة القطع المهربة لسنوات وتتكلف مئات الآلاف من العملة الصعبة ورغم انها تبدأ بطرق دبلوماسية وودية ؤلا انها غالبا ما تنتهي امام ساحات القضاء وهو ما يحتاج لمبالغ باهظة خاصة في ظل صعوبة الحصول علي الوثائق التي تثبت ملكية هذه القطع. ورغم ان مصر نجحت في استرداد 7775 قطعة اثرية منذ عام 2002 إلا انه مازالت هناك آراء تري ان فاتورة الجهد والوقت والمال التي تدفعها مصر لا تساوي قيمة ما تسترده من قطع اثرية!.فهل تنجح المحاولات المصرية لاسترداد آثارها المنهوبة من الخارج ؟ يقول د. احمد مصطفي مدير ادارة الآثار المستردة: كل قطعة اثرية لها اهميتها، ولا يمكن التفريط في اثارنا مهما بلغت صعوبة استردادها وخلال عملنا في الادارة نتابع اكثر من 03 صالة مزاد و05 موقعا لبيع الآثار المصرية علي شبكة الانترنت حيث ان قيمة الآثار التي يتم تداولها بشكل غير قانوني لا تأتي فقط من كونها قطعاً فريدة أو حالتها جيدة ولكن يمكن ان تكون القطعة الاثرية »كسر« بلغة الاثريين أي غير مكتملة ولكنها تغطي فترة تاريخية معينة قد لا تتوافر أي قطع من هذه الفترة لدي احد المتاحف فيقوم بشرائها. وعند محاولة استعادة اي قطعة تلجأ الادارة الي الطرق الدبلوماسية اولا أو من خلال سفاراتنا في هذه الدول وعندما تفشل هذه المحاولات تلجأ الوزارة للقضاء عن طريق ما يسمي بالانابة القضائية ويعتبر آخر الحلول التي نلجأ إليها وأصعبها لانه مكلف جدا ويستمر لسنوات طويلة وقد تصل تكلفة القضية الواحدة الي 001 ألف يورو حيث يتقاضي المحامون اتعابهم بالعملة الصعبة ففي قضية استعادة رأس امنحتب الثالث من استراليا منذ 5 سنوات تقاضي المحامي في الساعة الواحدة 052 جنيها استرلينيا. ويؤكد د. احمد مصطفي ان 3٪ من حصيلة الآثار المستردة تعود في شكل اهداءات من الدول او الاشخاص الحائزين عليها وهو ما يحل ازمة الآثار غير المسجلة او التي خرجت بشكل قانوني قبل عام 3791 حيث لا يمكن اعادتها الا في حالة تنازل اصحابها عنها واحيانا تقوم بعض الجهات التي يكون لديها وعي بأهمية الحفاظ علي التراث وعودته لاصحابه بشراء القطع وإعادتها الي مصر مثل متحف الميتروبوليتان الذي قام بشراء احدي القطع واعادها الي مصر.. قاعة »65« ويقول اشرف العشماوي المستشار القانوني لوزارة الآثار انهم يستندون في قضايا استرداد الآثار المهربة الي اتفاقية اليونسكو التي وقعت عام 0791 والتي تسترد بها آثار مصر بناء علي توافر عدة بنود.. اذا لم تخرج هذه القطع عن طريق الاهداء او البيع وهو ما كان يحدث قبل عام 3891 وايضا اذا لم تكن نتاج نظام القسمة الذي كان يتم العمل به مع بعثات الحفائر الاجنبية في مصر والذي كان يسمح للبعثة بأخذ 05٪ من كل ما يكتشف او اذا لم يكن مصدرا كما كان يتيح القانون عام 3891. ويضيف العشماوي ان هذه الحالات كانت السبب في خروج آلاف القطع من مصر بصورة شرعية مما يصعب عملية استرجاعها ففي الخمسينيات مثلا كانت قاعة رقم »65« في الدور الثاني بالمتحف المصري متخصصة في بيع القطع الاثرية مثل التماثيل المكررة ويمكن لأي شخص ان يذهب الي هناك ويشتري أحد التماثيل ويلفه كهدية ويدفع من 03 قرشاً الي 02 جنيها ثم يذهب الي مصلحة الآثار في الدور الاول ويطلب منهم تصديره فيتم الموافقة علي طلبه بالاوراق اللازمة التي يتم ختمها من مصلحة الآثار نفسها! ويقول العشماوي انه منذ عام 2002 حتي الآن استرددنا 7775 اثراً وتكمن الصعوبة في اعداد ملف عن القطع المهربة والعثور علي المستندات التي تثبت ملكية اثر تم تسجيله من اكثر من 002 سنة مثلا ويؤكد ان اكثر المناطق التي يتم تداول الآثار فيها وبيعها بطريقة غير شرعية هي امريكا وغرب اوروبا واضيف اليها مؤخرا دبي التي تعتبر ترانزيت لتجارة الاثار حيث يستغل المهربون المنطقة الحرة لتداول بضاعتهم وتهريبها لانه يصعب متابعة هذه الاماكن وتعتبر سويسرا ايضا من اشهر الدول التي يتم فيها تداول الآثار المهربة. وبالنسبة لملف عودة رأس نفرتيتي من متحف برلين فيري العشماوي ان هناك املا في عودتها ولن نيأس من المحاولة رغم المماطلة من الجانب الالماني حيث ان التقرير الفني المعد من قبل علماء مصريين واجانب وخبراء القانون الدولي من بينهم د. نبيل العربي وزير الخارجية الحالي يتضمن الاسانيد التي تؤكد انها خرجت بطريقة مخادعة وغير قانونية عن طريق المكتشف الالماني. قضية »خسرانة« بينما يري د. عبدالحليم نور الدين الامين السابق للمجلس الاعلي للآثار انه رغم ان وجود آثارنا في الخارج يعتبر دعاية الا اننا لا يمكن ان نفرط في المطالبة بما نمتلكه ما عدا ما خرج قبل اتفاقية اليونسكو لاسترداد التراث الثقافي. كما ان هناك حالات اخري لا يمكن فيها ان نطالب بآثارنا مثل الاهداءات أو نظام القسمة الذي اتبع في الحفائر كما في حالة الآثار التي تم منحها من المعابد والمقابر للدول التي ساهمت في انقاذ آثار النوبة مثل امريكا وهولندا وايطاليا واسبانيا لانهم قاموا باعظم عمل في التاريخ. ويعتبر د. نور الدين ان الحديث عن عودة رأس نفرتيتي من ألمانيا مجادلة في »قضية خسرانة« لانه لا يمكن استرجاع اي اثر خرج قبل اتفاقية 3791 وما يفعله الآن الجانب الالماني يعتبر مماطلة ولا ينم عن اي نيه في ارجاعه. عودة الآثار ومن جانبه يؤكد د. زاهي حواس وزير الدولة لشئون الآثار ان الوزارة لن تتوقف عن المطالبة بآثار مصر المنهوبه وهم بصدد استرداد عدة قطع اثرية من دول مختلفة من بينها تمثالان مسروقين من حفائر خلسة في كوم الخماسين بجوار سقارة وتم ايقاف بيعها في صالات عرض »ايباي« و»ارت جاليري« في لندن وكذلك 01 توابيت و9 لوحات من متحف الميتروبوليتان بامريكا وذلك من خلال تعاوننا مع ادارة الامن الداخلي هناك بالاضافة الي قناع »كانفر« المغطي بالذهب والذي سرق من سقارة عام 6691 وتم عرضه في متحف سانت لويس في امريكا. ويضيف د. زاهي انه يدرس حاليا امكانية اقامة المؤتمر الثاني للآثار المستردة في بيرو بعد تلقي الوزارة طلباً من رئيس جمهورية بيرو لاستضافة المؤتمر هناك وذلك بسبب الجهود المصرية التي ساعدت علي استرداد 21 قناعا أثرياً من جامعة ييل الامريكية والتي ظلت في عهدة الجامعة اكثر من 05 عاما. ويقول د. زاهي ان الوزارة تدرس بالتعاون مع الامن القومي امكانية عمل ستالايت لكل المناطق الآثرية في مصر حتي يمكن بالتصوير الجوي ضبط اية حفائر تتم خلسة كما يتم تأمين المواقع الاثرية لوقف المزيد من السرقات بتسليح 71 ألف حارس.