سؤال كبير يضم العديد من الاستفسارات حول المستقبل وهل مازال غامضا أم بدت ملامحه تتشكل؟ هو موضوع الساعة وهاجس كل بيت ومثار قلق كل المصريين خاصة ان المشهد السياسي يتغير يوما بعد آخر ويتشكل وفقا لتطورات الاحداث التي تفاجئنا وتلاحقنا بين الحين والآخر. وكما يقول المهندس رسلان فان مصر تمر حاليا بحالة مخاض غير مسبوقة في تاريخها المعاصر تتنازعها الكثير من التقلبات المستمرة والتغييرات المتواصلة والرغبات العديدة للمشاركة في احداث التغيير مما دفع المصريين الي تأسيس نحو 03 حزبا تتلمس طريقها الآن.. وأحزاب اخري قد تنشأ في الطريق. وبمضي الوقت سوف تتواصل الأفكار المتشابهة لتتكتل فيما بينها لتكوين تحالفات جديدة اكثر تجانسا واشد قوة، خاصة ان بعض سيناريوهات المشهد السياسي بدأت تتكشف بعد جمعة الغضب الثانية والتي اثبتت ان تخوفات البعض من سيطرة فصيل ما علي الاوضاع بمصر غير حقيقية حيث تبين ان هناك قوي اخري فاعلة يمكنها المشاركة بقوة في التعبير عن الارادة الشعبية. وفي ظل هذا الحراك السياسي الذي يسيطر علي الشارع المصري وفي محاولة لفك لوغاريتمات المشهد السياسي الحالي والتعرف علي خلفياته.. وهل هو امر طبيعي ام يدعو للقلق استضاف مجلس الاعمال الكندي المصري كلا من د. عمرو حمزاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وكبير الباحثين السابق بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ود. عمرو الشوبكي مدير وحدة الدراسات العربية الاوروبية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وطلعت السادات رئيس الحزب المصري القومي الذي تأسس مؤخرا. مرة أخري هل مصر علي الطريق الصحيح؟ كل من حمزاوي والشوبكي والسادات طرح رؤيته مؤكدين انها فعلا علي الطريق الصحيح.. إلا قليلا! بمعني ان هناك امورا عديدة يحتم الامر توافرها حتي تؤتي الثورة ثمارها.. وفي هذا الصدد كان د. عمرو الشوبكي واضحا في تأكيده علي ان شعار الثورة كان يتمثل في »الشعب يريد اسقاط النظام« ولم يكن »الشعب يريد اسقاط الدولة« فقد ظلت الدولة كماهي تحميها وتحمي ثورتها قواتها المسلحة. وقال ان المرحلة الانتقالية شهدت كما حدث في ثورات عديدة حالة من التشتت والضبابية والانفلات الأمني مع مقاومة من النظام السابق مثلما حدث يوم موقعة الاربعاء المسماة بموقعة الجمل! وعلي الجانب الآخر فقد وضعت مصر يديها علي مشروع سياسي جديد يسمح للقوي السياسية بتشكيل احزاب واصلاح لمؤسسات الدولة واعادة بنائها علي اساس من الشفافية. والمهم كما قال الشوبكي هو مواجهة التحديات الراهنة التي تتمثل في اعادة بناء مؤسسات الدولة فليس المهم تغيير الاشخاص بل تغيير اسلوب ادارة تلك المؤسسات ومحاكمة كل من ارتكب جرائم في العهد السابق.. محاكمات عادلة وليست عشوائية لمجرد الانتقام الشخصي. وقال د. الشوبكي: كفانا 03 سنة ذهبت »هدرا« مشيرا إلي اننا في حاجة الي استعادة تقاليدنا العريقة وتجديد شكل الحياة السياسية والحزبية وخلق التمييز بين اختلاف الرؤي. وقال انه غير منزعج من تأسيس 03 حزبا بمصر فتونس وعدد سكانها 01 ملايين فقط بها 06 حزبا. واشار الي انه ليس هناك »غالب ومغلوب« في الدستور مؤكدا علي اهمية التوافق وعدم استبعاد اي فصيل عند اعداده اما خلافات الرؤي فانها تترك لصندوق الانتخاب. وتطرق د. الشوبكي الي التحديات الخارجية فقال ان العالم الديمقراطي سيكون سعيدا بوجود ديمقراطية بمصر. اما اسرائيل فانها لن تكون »مرتاحة« لذلك حتي مع التزام مصر بالاتفاقيات الدولية واستمرت في عداد الدول المعتدلة. ومع ذلك فانه ضد الغاء كامب ديفيد او اعلان الحرب علي اسرائيل. انه مع ماحدث من فتح معبر رفح ومع المصالحة الفلسطينية.. يجب ألا تظل مصر تسير بالريموت كونترول من جانب الامريكان كما كان! نفس السؤال هل مصر علي الطريق الصحيح؟ د. عمرو حمزاوي يربط الاجابة علي السؤال بمعايير الطريق الصحيح والتي ترتبط بمطالب الثورة وهي التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية بجانب التخلص من ميراث الاستبداد وسيطرة حزب واحد علي الدولة وتعامل قمعي وكابت للحريات مع المواطنين بالاضافة الي وجود 06٪ من المصريين علي حدود خط الفقر. فيما يتعلق بالديمقراطية اكد د. حمزاوي اعتقاده باننا نسير علي الطريق الصحيح حيث تم التخلص من ارث سيطرة الحزب الوطني.. وعن ملف العدالة الاجتماعية قال انه الغائب الاكبر عن الساحة الآن وربما ذلك يرجع الي غياب ادوات ادارة التفاوض بين الدولة والمواطنين حول هذه القضية في ظل عدم وجود برلمان او نقابات.. اللهم مايحدث الآن من اعداد حد أدني وأقصي للأجور.. وفي هذا الشأن اكد د. حمزاوي علي ضرورة اتخاذ حكومة تسيير الاعمال لقرارات تخدم مثل هذه القضايا الحيوية. كما اشار الي ضرورة اعداد خارطة طريق محددة للديمقراطية ليس لمدة 6 شهور فقط بل لمدة 4 سنوات قادمة علي الاقل.. فالديمقراطية ليست صندوق انتخاب فقط بل ضمانات لسيادة القانون. واشار د. حمزاوي الي انه رغم الفرح بالثورة الا ان سيطرة الملف السياسي لتكون له الاولوية علي الملف الاقتصادي يخيف المواطنين.. ماحدث لم نكن نحلم به ولم يكن في الخيال.. هكذا وصف طلعت السادات الثورة وقال أنه اكد لاعضاء المجلس العسكري الاعلي علي ضرورة السير لتنفيذ اجراءات تشمل التطهير والتغيير والاصلاح والتنمية والمصالحة.. كله في وقت واحد ولا احد يسبق الآخر. لابد ان يبدأ كل واحد بنفسه ويتقي الله ومثلما يفكر في نفسه يفكر في الآخرين. ويري اجراء المحاكمات للمتهمين في اطار القانون وبدون تطاول وعدم الادعاء علي احد دون وجه حق مشيرا الي ان التغيير ليس تغيير الوجوه واكد علي حتمية ايلاء الجانب الاقتصادي اهمية قصوي حتي لاتتوقف الاوضاع والمهم هو تحقيق الديمقراطية والرخاء والسلام. ولم يتوقف الامر عند كلمات الشوبكي وحمزاوي والسادات فقد كانت هناك آراء اخري طرحها المشاركون في لقاء مجلس الاعمال لعل ابرزها الذي يشير الي اهمية عدم اغفال الجانب الاقتصادي في المرحلة الانتقالية. وهنا يشير د. عمر الشوبكي الي ان الخطورة تكمن في عدم اتخاذ اجراءات ذات طابع »جراحي« أي حاسم. ومن جانبه اكد د. حمزاوي علي انه لايمكن اغفال الجانب الاقتصادي لكنه اشار الي ان تراجع الاوضاع الاقتصادية هو امر طبيعي في مثل هذه الثورات كما حدث في اوروبا الشرقية وقت انتقالها من النظام الشمولي الي الديمقراطي حيث تراجعت الاوضاع الاقتصادية طوال 4 سنوات كما ان عملية التحول الديمقراطي لن تتم بشكل كامل قبل 4 او 5 سنوات وليس عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة. مثل هذه الامور تستغرق وقتا طويلا. وكما قال حمزاوي فان الناخب يبحث عن الاستقرار ويكره المخاطرة.. ومصر تمر بمرحلة فارقة واضاف ان اي حزب سيتم الحكم عليه من خلال برنامجه وليس من خلال شعاره!