اخبار اليوم تسأل الخبراء: هل تكون المحاكمة نقطة انطلاق نحو الاستقرار؟ لأول مرة ومنذ أن عرفت مصر نظام »الدولة« في عصور الفراعنة، يمثل حاكم امام القضاء ليحاسبه علي ما اقترفت يداه في حق شعبه.. ولكن الرئيس السابق المحبوس حاليا محمد حسني مبارك لن يمثل وحده امام القضاء، ولكن ستكون اسرته معه، وذلك برغبة شعبية عارمة وبمطلب اساسي للثورة المصرية. ولكن هل ستكون هذه المحاكمة التاريخية نقطة انطلاق نحو ما نبغيه لمصر من استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي؟ ام ان هناك امورا اخري علينا الالتفات نحوها لنحقق الاستقرار، بعيدا عن المحاكمة؟ هذا السؤال طرحته »أخبار اليوم« للحوار مع كبار خبراء الاسترايتجية والعلوم السياسية والامنية والعسكرية.. وقالوا كلمتهم. يؤكد اللواء فاروق حمدان الخبير الاستراتيجي في الشئون العسكرية والامنية، ان محاكمة الرئيس السابق ونجليه ورءوس الفساد في النظام السابق تعتبر نقطة مهمة في عودة الاستقرار، وعودة الحياة الطبيعية لمصر، وخاصة ميدان التحرير، لانها تعطي براهين للثوار وتؤكد للجميع انه لا يوجد احد فوق القانون وحتي لو كان رئيسا سابقا، وان المجلس العسكري لا يحمي احدا سواء كان حاكما أو محكوما. اعادة الثقة واشار اللواء فاروق حمدان الي أن المحاكمات التي تجري حاليا للرئيس السابق مبارك ونجليه اعادت الثقة مرة اخري للعلاقة بين القوات المسلحة والمواطنين ، والاتجاه نحو انشاء مصر الحديثة وكيفية تنميتها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. وطالب الخبير في الشئون الامنية والعسكرية اللواء فاروق حمدان باستكمال الاصلاحات السياسية حتي يعود الاستقرار بصفة مستمرة.. فبعد حل الحزب الوطني لابد ان يتبع هذا القرار حل المجالس المحلية واصفا اعضاءها بانهم مافيا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان.. وتطهير الشارع السياسي منهم علي مستوي القري والمدن والنجوع سيكون نقطة انطلاقة اخري في تكوين مصر الحديثة خاصة ان المجالس الشعبية المحلية ليس لها دور في الشارع. الصندوق الاسود! ويختلف مع الرأي السابق اللواء فؤاد علام الخبير الاستراتيجي في الشئون الامنية.. مؤكدا ان محاكمة الرئيس السابق ليس لها دخل بقضية الاستقرار وعودة الهدوء الي الشارع مرة اخري واختفاء المظاهرات المليونية في ميدان التحرير او الاعتصامات الفئوية مضيفا ان كل ثورات العالم لابد ان يعقبها بعض السلبيات وليس لها دخل بمحاكمة مسئول من عدمه.. ومحاكمة مبارك ونجليه مثل أي محاكمة اخري. ويتفق مع الرأي السابق اللواء محمود خلف الخبير الاستراتيجي في الشئون الامنية و العسكرية مضيفا ان عودة الاستقرار للشارع ليس له علاقة بمحاكمة الرئيس مبارك ونجليه.. ويصف محاكمة الرئيس السابق ونجليه بأنها كالصندوق الاسود للطائرة.. فالصندوق اصبح عهدة القضاء الذي نثق فيه جميعا ونحترمه. وقال اللواءخلف: المطلوب حاليا ان نأخذ عبرة من النظام السابق ونضعه جانبا ولا يكون مصدر حديث كل وسائل الاعلام سواء كانت مرئية او مسموعة أو مقروءة.. تاركين المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهنا.. ومعربا عن خوفه ان نستمر في هذا التيار الجارف الذي سوف يبعدنا عن تنمية بلدنا وخاصة المشروع الذي يجب ان نلتف حوله جميعا وهو نهضة مصر مضيفا ان امامنا تحديات ضرورية يجب اخذها في الاعتبار وهي كيفية تنمية اقتصادنا وعودة السياحة مرة اخري والقضاء علي البطالة بايجاد فرص عمل، وزيادة الاجور، ومواجهة الارتفاع في الاسعار وكل هذه المشاكل وغيرها اولي من أن نتحدث عن محاكمة مبارك واسرته خاصة اننا فقدنا خلال الفترة الماضية اكثر من 3 ملايين سائح وسحبنا مبالغ كبيرة من الاحتياطي النقدي المصري. وأكد اللواء محمود خلف ان الاستقرار ووقف التظاهرات والاعتصامات لا يمكن ان يحدث الا بعد ايجاد الحلول المناسبة لكل هذه المشاكل، وخاصة الاقتصادية والتي اهملها النظام السابق الدولة الحديثة ويتفق اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي في الشئون العسكرية والامنية مع الرأيين السابقين مضيفا ان تعريف الدولة الحديثة في العلوم السياسية هو خضوع الحاكم والمحكوم للقانون بحيث يطبق القانون علي الجميع.. ومضيفا ان محاكمة مبارك تاريخية لانها اول مرة في التاريخ منذ عهد الفراعنة يخضع حاكم للقانون ويتم محاكمته..كما اكد اللواء سويلم ان محاكمة مبارك ونجليه ليست المطلب الاخير للشعب المصري مؤكدا ان هذه الحقبة التاريخية انتهت ويجب النظر الي المستقبل لاعادة الاستقرار. ورفض الخبير الاستراتيجي مقولة الثورة المضادة حيث اكد ان الرئيس مبارك ونظامه السابق اصبحوا لا حول لهم ولا قوة وان مقولة الثورة المضادة كلام فارغ نصطنعه كي نشكك في اي شيء.. واكد خبير الشئون العسكرية والامنية ان اهم المشاكل التي ستواجه استقرار مصر في الفترة القادمة هو قفز العناصر المتأسلمة علي الحكم مما سيؤصل الاحتقان الطائفي بين عنصري الامة وسندخل في صراعات لابد ان تكون مصر بعيدة عنها كل البعد.. كما ان عملية ابتزاز الحكومة بتهديدها بالعودة الي ميدان التحرير خطيرة جدا من اهم المخاطر التي تهدد استقرار مصر. استقرار مصر كما اكد اللواء مسعد الششتاوي الخبير في الشئون الامنية والعسكرية ان محاكمة مبارك بالفعل هي نقطة البداية لاستقرار مصر وان لم تكن النقطة الوحيدة لان هناك تحديات يجب ان نعبرها كي نحقق الاستقرار لمصر ومنها القضاء نهائيا علي المشاكل الاقتصادية وعودة مصر الي مكانتها السياسية المرموقة في المنطقة والتي اهدرها النظام السابق.. وطالب اللواء الششتاوي باعطاء النظام الحالي فرصة وعدم الخروج في اعتصامات وتظاهرات حتي يستطيعوا حل المشاكل المستعصية التي تواجهنا منذ عشرات السنين. حضارة راسخة ومن جانبه يؤكد اللواء عبدالمنعم كاطو الخبير الاستراتيجي في الشئون الامنية والعسكرية ان مصر دولة راسخة الحضارة ومن اقدم دول العالم وان الاستقرار لن يتحقق بمحاكمة مبارك واسرته فقط.. بل هناك العديد من الشروط والاسس اولها ان نشعر جميعا بالانتماء لمصر وان القانون هو السائد كما ان السائر لابد ان يتوقف.. ولابد ان يشعر المواطن بأن النظام يعمل من اجل مصلحته ومستقبله وان يكون هناك عدالة اجتماعية. وتمني اللواء عبدالمنعم كاطو ان تتوافر لمحاكمة الرئيس السابق العدالة واحترام القانون.. ولكن النظام السابق تفشي فيه الفساد الذي اضر بمصلحة مصر ليس في محيطها الداخلي ولا العربي فقط بل علي المستوي الاقليمي والدولي بفقدان مصر مكانتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.وطالب اللواء كاطو الا تقتصر محاكمة النظام السابق علي الفساد المالي فقط بل الاهم من ذلك الفساد السياسي والاجتماعي..واكد ان محاكمة النظام السابق لا تمثل اي اجراء حقيقي لعودة الاستقرار بل هي مسكنات اما الاجراء الحقيقي لعودة الاستقرار فهو وضع خطة استراتيجية قومية لنهضة مصر. المشكلة الاقتصادية وفي النهاية يؤكد د. نبيل فؤاد استاذ العلوم الاستراتيجية والسياسية ان محاكمة مبارك ونجليه هي نقطة من النقاط الاساسية لعودة الاستقرار ولكن هناك نقاط عديدة اخري لاعادة الاستقرار للشارع. اهمها اعطاء العناية الكافية لجهاز الشرطة واعادة هيكلته من جديد ماديا ونفسيا عن طريق محاضرات لهم لاساتذة علم النفس والاجتماع.. اما النقطة الاخري والاهم فهي الناحية المعيشية للمواطنين وكيفية القضاء علي الفقر والمشاكل الاقتصادية منذ عشرات السنين. واشار د. نبيل فؤاد الي ان حل المشكلة الاقتصادية يتمثل في التخطيط العلمي للمشكلة عن طريق ثلاث خطط اولاها خطة قصيرة المدي واخري متوسط المدي والاخيرة طويلة المدي واضاف ان هذه الخطط تستغرق فترات زمنية مختلفة 5 و01 و02 سنة والخطة قصيرة المدي لها الاولوية لانها تسمي الاجراءات العاجلة او العادلة وتتم فيها فتح المصانع المغلقة وتوفير فرص عمل والقضاء علي البطالة وتوفير مستلزمات الحياة، اما الخطة متوسطة المدي وطويلة المدي فيتم فيهما التخطيط للمشروعات المستقبلية من انشاء مصانع جديدة وكيفية تحقيقها.