إذا أحسست برغبة في الكلام والبوح.. أو شعرت بحاجة إلي صديق مخلص تودعه أدق أسرارك. إذا كنت تبحث عن حل لمشكلة تؤرقك..فاكتب إلينا.. وستجدنا دائما في انتظار رسائلك الخاصة جدا سيدتي.. لا أعرف من أين أبدأ فأنا أب أشعر أنني فقدت السيطرة علي أسرتي كنت أمسك بزمام كل الأمور وفجأة لم أعد أمتلك شيئاً بدأ الجميع التمرد علي وأصبحت كلمتي غير مسموعة من الجميع. أعترف أنني كنت قاسياً أحيانا ظالماً أحيانا أخري، لكنني كنت أعتقد وقتها أنني أقوم بتربية أبنائي بشكل ينتج منهم رجالا لم أقصد يوماً القسوة من أجل القسوة أو الظلم من أجل الظلم، لكن تفكيري لم يكن صحيحاً. حتي زوجتي وأم أولادي فقد طالها جانب من قسوتي لأنها كانت تدافع عنهم ضدي، وتقف دائما بجانبهم وتتهمني بأنني لا أحبهم، وتقول ان معاملتي لهم فوق الاحتمال، لكنني كنت أنهرها دائماً، وكثيراً ما تخاصمنا لهذا السبب، حتي أعلنت تمردها علي وانضمامها الي أبنائها »الثوار« علي طريقة الشعوب العربية مطالبين بإسقاطي! أشعر أن بساط القوة والسيطرة ينسحب من تحت قدمي، وأندم وقت لم يعد الندم ذا جدوي، وأحس أن هناك حالة منظمة من التمرد ضدي، لا أحد يسمع كلامي، ولا أحد يوليني اهتماماً قبل ان يقبل علي خطوة ما وكأنني لم أعد موجوداً من الأساس أتذوق مرارة التجاهل، حتي إذا حاولت إعادة استخدام سلاحي الماضي، العنف والقسوة، لم يعد ينفع مع أحد منهم. نعم أخطأت، وأريد أن أصلح خطيئتي، أخطأت في حق أسرتي بالكامل، وأمضيت وقتا طويلاً من حياتي في معاداة لهم بدلاً من احتضانهم والسهر علي راحتهم، أحبهم؟ طبعاً وبشدة، لكن مظاهر الحب تختلف، أحيانا يكون الحنان وأحيانا أخري يكون الخوف عليهم مسيطراً علي ويدفعني الي إغلاق المنافذ في وجوههم. وسؤالي لك سيدتي: هل مازلت أمتلك الفرصة لتحسين موقفي؟ أم أنني فقدت كل شئ معهم؟ بالله عليك دليني.. ماذا أفعل؟ المعذب »ك« الكاتبة: عزيزي الأستاذ »ك« دعني أقول لك أنك في محنة حقيقية، فالأبناء هم ثمرة الحياة ورغم أنك أحببتهم بطريقتك الخاصة لكنك بكل أسف تعاملت معهم بلا انسانية. انت بالطبع لم تقصد ذلك لكنها الأفكار والتقاليد الرجعية التي لا تستند الي أي خلفية ثقافية أو دينية وهو عيب واضح في مجتمعاتنا العربية التي لا تعترف بثقافة الزواج وتربية الأبناء. اكاد أري علامات التعجب علي وجهك لكنها الحقيقة فإدارة الحياة الزوجية بفهم ونضج أمر بالغ الأهمية وهو يتطلب معرفة بعناصر النجاح والتوافق بين الزوجين أولاً باعتبارهما الأساس الأول لبناء أسرة سعيدة وناجحة ومستقرة. لذلك نجد في الغرب مدارس لتعليم المقبلين علي الزواج أسس تلك العلاقة المصيرية وأهمها الاحترام المتبادل والتقدير والحب والتعامل الانساني من كلا الطرفين للطرف الآخر والغريب ان الدين الإسلامي والمسيحي يتضمنان جوهر تلك الأسس التي يضعها الغرب في صياغات اجتماعية وسيكولوجية فالدين الاسلامي يدعو الي »المودة والرحمة« والدين المسيحي ينص في تعاليمه علي الاخلاص والمشاركة في السراء والضراء. لذلك سيدي أتحدث عن الثقافة باعتبارها الموجه الصحيح لحياتنا والمرشد لاتخاذ قراراتنا أعود الي مشكلتك التي تجني الآن تبعاتها لقد عاملت زوجتك بامتهان وقسوت علي أولادك ببشاعة وكنت تعتقد أن هذا سوف يجعلهم ناجحين وبارين بك. لكنك سيدي نسيت أنهم بشر يشعرون ويحزنون ويتأثرون، ومحوت شخصياتهم بفعل سيطرتك الجبارة، التربية الحديثة تحرص علي بناء الشخصية كأساس للتربية وهذا يتنافي مع القسوة والسيطرة المبالغ فيها التي كنت تمارسهما مع أولادك. وإذا تذكرنا سيرة الرسول فسوف نري كيف كان يعامل حفيديه الحسن والحسين ويدللهما ويحملهما علي كتفيه الشريفين ولنا في رسولنا الكريم قدوة حسنة. أخيرا تسأل: هل هناك أمل في ان تصلح علاقتك بأولادك وأن تكسب حبهم وتعاطفهم مرة أخري؟.. وأقول لك أنه دائماً هناك أمل ولكن إذا توافرت النية الصادقة والإصرار علي تحقيق هذا الأمل إذا أحس أولادك أنك تقترب منهم بقلبك وفكرك وأنك تنظر إليهم الآن باعتبارهم كائنات لها شخصياتها المستقلة وإذا شعروا أنك نادم من قلبك علي معاملتك السابقة لهم وأنك تفتح صفحة جديدة معهم فسوف يتقدمون هم خطوة تليها خطوات كلما أحسوا بصدق نيتك في التغيير. ولا تنسي أنهم في النهاية أولادك وبالتأكيد يحبونك لكنهم كانوا غاضبين من طريقة معاملتك لهم ولذلك فأنا أعتقد انهم سوف يفتحون لك قلوبهم بأسرع مما تتصور. حاول بصدق وسوف تنجح بإذن الله.