بقلم : عبدالفتاح الديب الحكاية غريبة.. ولكنها حدثت أيام برلمان وادي النيل.. الذي تشكل أيام حكم الرئيس الراحل أنور السادات من أعضاء في مجلس الشعب المصري وأعضاء في مجلس الأمة السوداني. وأثناء اجتماع برلمان وادي النيل في الخرطوم.. وكان المرحوم الدكتور صوفي أبوطالب رئيسا لمجلس الشعب المصري.. وعقد اجتماعا للصحفيين المصريين المرافقين له لتغطية اجتماعات برلمان وادي النيل.. وفي هذا الاجتماع وفي جملة عابرة ذكر د. صوفي أبوطالب انه أمر بإعداد سجل خاص يتضمن جميع الوعود التي أبداها وزراء الحكومة تحت القبة في ردهم علي الاستجوابات أو طلبات الإحاطة أو الاسئلة التي أثارها النواب.. وقال رئيس مجلس الشعب الأسبق ان هذا السجل الذي أعده بتلك الوعود سيكون تحت نظر النواب لمتابعة ما تم تنفيذه من تلك الوعود وما لم يتم تنفيذه وأسباب عدم التنفيذ والمعوقات إن وجدت في طريق تحقيق تلك الوعود. وبعد عودتنا للقاهرة.. انتظرت ان أقرأ هذا الخبر المهم في أية صحيفة يومية.. ولكنني لم أجده حتي جاء يوم الجمعة موعد إعداد الصفحة الأولي »لأخبار اليوم« الاسبوعية التي أمثلها.. وكأنني عثرت علي كنز.. فاتصلت بالدكتور صوفي أبوطالب لأذكره بما صرح به في الخرطوم.. فإذا به يضيف إلي الخبر تفاصيل جديدة جعلته خبرا صحفيا من الطراز الأول.. فكتبته وسلمته لرئيس التحرير وكان وقتها المرحوم الأستاذ عبدالحميد عبدالغني الذي بدأ صحفيا ثم عمل في الخارج دبلوماسيا ناجحا وشهيرا ثم بعد تركه الخدمة بالخارجية اختير رئيسا لتحرير أخبار اليوم.. فأرسل الخبر إلي المرحوم الاستاذ مصطفي أمين فتحمس له وكتب المانشيت: »محاسبة الوزراء علي وعودهم«. يوم السبت يوم صدور »أخبار اليوم« توجهت للجريدة فإذا برئيس التحرير غير موجود وعلمت انه تم استدعاؤه لرئاسة الجمهورية.. وانتظرت حضوره مع زملائي ساعات طويلة مشحونة بالقلق والتوتر.. وعندما عاد عرفنا ان المانشيت هو سبب الاستدعاء.. وأن الدكتور مصطفي خليل وكان وقتها رئيسا للوزراء احتج عند الرئيس السادات علي نشر الخبر بهذه الصورة.. وأن الرئيس السادات أكد ان تفاصيل الخبر صحيحة ولكن طريقة نشره تحت صيغة المانشيت لم تكن موفقة.. المهم.. لم يحدث شئ بعد ذلك.. واستمر الراحل عبدالحميد عبدالغني رئيسا للتحرير.. وظللت محررا برلمانيا.. وظل السجل الذي يضم وعود الوزراء تحت القبة في الأدراج.. وظل الوزراء بعد ذلك يسرفون في الوعود كلما أتيح لهم ذلك.