مصر المحروسة ستظل مهتمة ومهمومة بليبيا والأوضاع فيها، ليس إنطلاقا من البعد القومي الأمني والجغرافي فقط، بل إيمانا بأواصر الدم والنسب الممتدة من أعماق التاريخ والجغرافيا، ويبدو الحرص والخوف علي ليبيا عندما كلفت القيادة السياسية الفريق محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة برعاية الحوارات بين الليبيين من أجل الوصول إلي حل مناسب يعيد ليبيا إلي خريطة الأستقرار مرة أخري. ولأول مرة تجتمع بالقاهرة قيادات الأطراف المؤثرة في صياغة القرار الليبي، عقيلة صالح رئيس البرلمان (ورئيس ليبيا المؤقت وفق الدستور حتي يتم إنتخاب الرئيس) وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي المؤقت والمعين بواسطة الاممالمتحدةوامريكا والغرب وفق إتفاق الصخيرات، والمشير خليفه حفتر القائد العام للجيش الليبيي، وتمت المباحثات عبر الوسيط المصري دون لقاء مباشر بناء علي طلب المشير حفتر، ويبدو تأثير هذا الموقف كبيرا علي السراج الذي بادر إلي أعلان موقف حفتر منه، والواضح أن قائد الجيش الليبيي لديه من الحنكة السياسية والموقف تجاه السراج، حيث انه كرجل عسكري يرفض أن يتباحث مع من يستظل بحماية فرقاطة عسكرية في طرابلس، بجانب انه لم يختلف كثيرا عن قادة ميليشات الارهاب في ليبيا وكون هو الاخر فصيلا مشابها ليكون بديلاً للجيش الليبي، وحفتر له مطلب اساسي ان تضع هذه الميليشيات أسلحتها وتسلمها للجيش الليبيي بما فيها القوات التي تأتمر بأمر السراج، واللافت أن قوة حفتر تتنامي وتشتد علي الأرض بعدما حصل علي دعم عربي تقوده مصر والامارات ودخلت الجامعة العربية علي الخط، ناهيك عن الدعم الروسي الذي صنعه حفتر بدعم مصري لا يشك فيه احد، والتحول السياسي الامريكي التدريجي بعد وصول ترامب لحكم امريكا، وهنا يظهر أن حفتر يصنع مستقبلاً جديداً لليبيا بقيادته، وأنه أصبح الرقم الأصعب في المعادلة الليبية، وإن اتفاق القاهرة الاخير وتحديد مدة عام كفرصة لاجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية يعد انذاراً ورسالة لكل الاطراف .