منذ سنوات طويلة تشغلني قضية »ندرة« الاعمال الكوميدية التي تلبي احتياجات القنوات التليفزيونية الارضية والفضائية حيث وجدت انخفاضا ملحوظا في حجم الانتاج لدرجة اننا في احدي السنوات لم نعثر علي مسلسل كوميدي محترم يمثلنا في مهرجان الاذاعة والتليفزيون وكانت تلك مصيبة كبري في بلد يتميز شعبه بخفة الظل ويضم كتابا وفنانين ومخرجين لهم صولات وجولات في هذا المجال منذ ظهور البث التليفزيوني في الستينيات. وأمام هذه القضية الخطيرة كان لابد ان تراجع القطاعات المسئولة عن الانتاج الدرامي الكوميدي خططها وتدعو كبار الكتاب للعودة مرة اخري بابداعاتهم لشاشة التليفزيون مع فتح الباب علي مصراعيه امام أصحاب المواهب الشابة التي تستطيع ان تقدم اعمالا يتوافر فيها كل عناصر الابداع في نسيج البناء الدرامي المحكم والذي يخرج من احداثه الضحك الذي يعتمد علي دقة صناعة المواقف الحياتية التي ينطق بها حوار شخصيات العمل وهم يغوصون داخل قضايانا وهموم الناس دون ان يستخدموا عبارات تخدش الحياء العام أو يأتوا بحركات بهلوانية رخيصة. وظهرت كوميديا »الست كوم« علي ايدي مؤلفين شباب مثل عمرو سمير عاطف وغيره وحققت بعض هذه الاعمال نجاحا ملحوظا وكبيرا مثل »راجل و6 ستات« التي قدمت لنا ايضا نجما كوميديا بارعا مثل سامح حسين ولكن ظللنا نعاني من انيميا المسلسلات الطويلة باستثناء عمل أو عملين من انتاج مدينة الانتاج الاعلامي وقطاع الانتاج وهو الجهة التي نجحت في حصد الميدالية الذهبية لمصر في مهرجان القاهرة للاعلام العربي في العام الماضي عن حلقات »الدنيا لونها بمبني« وفيما عدا ذلك كانت معظم الاعمال الاخري دون المستوي! وظللت انبه واحذر بضرورة البحث عن حل لمواجهة »ندرة« الدراما الكوميديا حتي نجح أنس الفقي وزير الاعلام في اعادة نجم الكوميديا الكبير محمد صبحي ليقدم جزءا سابعا من حلقات المسلسل العائلي الممتع »ونيس واحفاده« ونجح المهندس اسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون والمهندسة الكبيرة الكفء راوية بياض رئيس قطاع الانتاج في اعادة شيخ مخرجي الكوميديا الفنان القدير محمد نبيه ليقدم عملا من تأليفه ايضا بعنوان »سي عمر وليلي افندي« بينما بقية القطاعات الاخري في المدينة و»صوت القاهرة« تبذلان مجهودات خارقة لتقدم اعمالا علي مستوي متميز يسد احتياجات شاشات العرض المحلي والخارجي. ورغم كل هذه المحاولات الا ان مشكلة »ندرة« سيناريوهات الكوميديا التي يتوافر فيها عناصر المتعة والفن والفكر غير متوفرة وهو الامر الذي يتطلب البحث عن حلول عاجلة بعقد اجتماعات موسعة مع كبار صناع الكوميديا من اصحاب القامات العالية مثل محمد صبحي فلديه افكار ومشاريع كثيرة غير »ونيس واحفاده« وهناك أيضا المبدعون فيصل ندا واحمد عوض ولينين الرملي ويوسف معاطي ومحمد نبيه ومدحت السباعي وبلال فضل وعمرو سمير عاطف وأحمد ومجدي ويسري الابياري وغيرهم من أصحاب الاسماء الاخري اللامعة والتي اعلم ان بعضها مثل الممثل والسيناريست محمود البزاوي يمتلك من الافكار بل والسيناريوهات الجيدة والتي لو خرجت الي النور لتحقق لها نجاح كبير مثلما حدث مع حلقات »الادهم« الشهيرة التي حملت توقيعه وقدمها في رمضان الماضي نجم النجوم الشاب احمد عز في اطار اجتماعي هادف لم تخلو منه الكوميديا الساخرة التي تدعونا للبكاء والضحك معا. انني لن اتوقف عن الكتابة في قضية »ندرة« الدراما الكوميدية حتي تنقشع »الغمة« وتسترد الكوميديا عافيتها ونعود مثل ايام زمان لدينا انتاج علي مستوي فني عال يغذي قنواتنا الارضية والفضائية ويسد احتياجات قناة الكوميديا المتخصصة التي لا تزال تعيش علي كنوز مكتبة ماسبيرو وما تيسر لها من فتات الانتاج الحديث وغيره من البرامج الاخري التي تحاول جاهدة وضع الابتسامة علي وجوهنا وتظل صامدة في اداء رسالتها بغسل هموم الناس دون ان يتسرب الي المسئولين عنها الاحباط! والكرة الان في ملعب المهندس اسامة الشيخ ومعه المهندسة راوية بياض والاعلامي ابراهيم العقباوي والمسئولين عن الدراما في مدينة الانتاج الاعلامي فنحن ننتظر منهم جميعا اعادة الروح للدراما الكوميدية قبل ان نجلس جميعا نبكي علي زمن فات!