د.آية ماهر الفساد الإداري يمثل قضية اخلاقية من الدرجة الاولي ، ويعتبر أحد التهديدات الرئيسة ضد التنمية والعدالة والاستقرار الاجتماعي الذي قامت من اجله ثورة يناير، لأنه ببساطة يلوث الحياة العامة ويقلل الاستثمارات، ويصنع فوارق طبقية بين الأغنياء والفقراء، ويضعف ثقة المجتمع بالحكومة، وغيرها من المشاكل الاجتماعية التي تأخذ المجتمعات الي منحدر شديد من الضياع وعدم الاستقرار.. ومع الاعتراف بأن الفساد مسألة أخلاقية فإنه ايضا مشكلة سياسات واتخاذ قرارات إدارية. وفي كل الاحوال هو ظاهرة خطيرة تهدد أي دولة من الدول مهما كانت مكانتها. من منطلق أهمية التصدي لظاهرة الفساد التي كانت سببا من أسباب قيام ثورة يناير1102 تنظم لجنة علوم الإدارة بالمجلس الأعلي للثقافة بالتعاون مع مؤسسة زينب كامل للتنمية البشرية المتكاملة بقاعة الندوات بالمجلس ندوة تحت عنوان "فك التوأمة بين البيروقراطية والفساد الإداري" يوم الثلاثاء القادم بمشاركة نخبة من المثقفين ورجال الادارة والتنمية البشرية، حيث يأتي ترتيب مصر في المرتبة 511 علي 431 دولة طبقا لمنظمة الشفافية الدولية. الدكتورة آية ماهر استاذة التنمية البشرية أحد المشاركين في الندوة تقدمت بعدة ابحاث اكدت علي أهمية موضوع الندوة في الوقت الحالي بالذات لأننا في أشد الحاجة الي ضرورة إصلاح جميع مؤسسات الدولة في هذه المرحلة من خلال القضاء علي الفساد الإداري. في لقاء مع الدكتورة آيه ماهر حول دور المثقف في التصدي لظاهرة الفساد الاداري و كيفية مواجهته في كل مؤسسات الدولة؟ تقول: الندوة سوف تبحث عن أسباب تفشي ظاهرة الفساد الإداري علي مدار السنوات السابقة بمؤسساتنا وأنواع الفساد وكيفية التصدي له من خلال الاستفادة من الدراسات السابقة وتجارب الدول الأخري في هذا المجال ودور المثقف في التصدي لهذه الظاهرة.. وقد قمت بعمل دراسة مقارنة بين الفساد والبيروقراطية المصرية علي مدار الستين عاما السابقة في تاريخ مصر وتوصلت الي انهما مثل التوأمين الملتصقين اللذين يصعب فصلهما. وتستطرد قائلة: عندما أتي عالم الإدارة الألماني ماكس فيبر بفكر البيروقراطية بهدف أن يأتي بنظام إداري محكم يساهم في تنظيم العمل داخل المؤسسات، نظام يتسم بالعدالة والمساواة بين الأفراد في التعيينات والترقيات دون محاباة. ويعد فكر البيروقراطية من أقدم التنظيمات الإدارية منذ زمن الفراعنة واتسمت بالمركزية الشديدة والصرامة في تطبيق القوانين، ولقد عرفت البيروقراطية بالبطء الشديد في اتخاذ القرار وتعطيل مصالح المواطنين من قبل مقدمي الخدمة بها بل التفنن أحيانا في اختلاق العراقيل أثناء إنهاء مصالح المواطنين من أجل الحصول علي الرشوة نظرا لضعف الأجور وضيق المعيشة والمحاباة في التعيينات والترقيات وغيرها من السلبيات المعروفة لدينا، فتسببت هذه البيروقراطية المصرية المقرونة بالفساد الإداري في تأخر التعليم والبحث العلمي والصحة والاقتصاد والصناعة والتجارة والسياحة، وتسببت أيضا في إهدار أموال الدولة في بعض المشروعات القومية مثل توشكي وطرطور وأبو فوسفات وغيرها وسببا في انتشار بطالة الشباب وتدني الأجور وتضخم الأسعار وارتفاع معدلات الفقر وسببا آخر في تراجع معدلات التنمية لدينا مقارنة بالدول التي كانت مماثلة لنا في الظروف مثل تركيا حيث كانت تعَانِي من التضخم الاقتصادي والبطالة والفقر، فأصبحت أكثر الدول نمواً بمعدل (11٪) سنويا بل أصبحت تَحْتَلّ المرتبة السابعة عالمياً في الصادرات الزراعية بل ارتفع متوسط دخل المواطن التركي إلي أكثر من (00011 دولار) خلال الثلاث سنوات السابقة. الفساد .. أنواع ! أشارت د. ماهر الي بعض الدراسات الأخري التي تبحث في الفساد مؤكدة علي انها ظاهرة يحكمها عوامل متداخلة ومتفاعلة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية وعوامل تنظيمية (إدارية) وعوامل خارجية. وقسمت الدراسة الفساد الاداري إلي أربع مجموعات: الانحرافات التنظيمية : -وهي المخالفات التي تصدر عن الموظف العام في أثناء تأدية مهامه الوظيفية . الانحرافات السلوكية : -وهي المخالفات الإدارية التي يرتكبها الموظف وتتعلق بمسلكه الشخصي . الانحرافات المالية : ويقصد بها المخالفات المالية والإدارية للموظف ومخالفته التعليمات الخاصة لأجهزة الدولة الرقابية الإدارية والمحاسبية وفي الرشاوي والتهرب الضريبي والاختلاس والمحسوبية في التعيينات والترقيات . الانحرافات القانونية مثل الرشوة واختلاس المال العام وأوضحت بعض الدراسات أيضا أن هناك أيضا أنواعا للفساد من حيث الحجم: الفساد الصغير : وهو الفساد الذي يمارس من فرد من الوظائف الدنيا دون ترتيب مع الآخرين . الفساد الكبير : وهو الفساد الذي يقوم به كبار المسئولين والموظفين لتحقيق مصالح مالية وسألت الدكتورة آيه ماهر هل هناك علاج للفساد الذي انتشر بشكل مخيف في حياتنا؟ قالت: هناك عوامل كثيرة يمكن ان نتصدي بها للفساد مثل العمل علي إصلاح المنظومة بأكملها من إصلاح سياسي واقتصادي وتعليمي وثقافي واجتماعي، ووضع وتفعيل سياسات ونظم حاكمة في كل من المحاسبة - المساءلة - النزاهة - الشفافية من خلال أجهزة الدولة القضائية والتشريعية والقضائية ومنظمات المجتمع المدني بأشملها. والعمل علي تغيير التشريعات التي تعزز مبدأ الثواب والعقاب. وضرورة وضع إستراتيجية وسياسات واضحة ومعلنة لمكافحة الفساد بأنواعه المختلفة .