د.أىمن نور ما بين المواقف المخلصة الباحثة عن حل للأزمة السياسية وسعي البعض لجر البلاد علي حافة الهاوية.. يبدو المشهد الراهن غامضاً وغير واضح المعالم وفي محاولة لتوضيح ما يجري علي الساحة السياسيةالان وإزاحة الضباب الذي يعشي المجتمع ويحول دون وضوح الرؤية.. أجرت »أخبار اليوم« هذين الحوارين مع الدكتور أيمن نور رئيس حزب »غد الثورة« والدكتور محمد الجوادي الباحث والمؤرخ. بين رائحة الموت والغاز والازمة السياسية المحتدمة الآن كيف تري المشهد في مصر؟ المشهد مرتبك بدرجة كبير، وأعتقد أن جزءا كبيرا من المحنة يأتي نتيجة عدم وضوح الرؤية لدي كل الاطراف، المعارضة والسلطة والرئيس والآخرين، وكل الاطراف ليس لديها رؤية واضحة لمستقبل هذا الوطن، فخلال السنتين الماضيتين منذ اندلاع الثورة حتي الآن لم ننجح كمجتمع في الانتقال من حالة إلي حالة أخري بصورة صحيحة ولم ننجح في اقامة شراكة مجتمعية ولا شراكة وطنية بين فصائل نشأت بعد الثورة وفصائل كانت موجودة قبل الثورة. قبلت دعوة الرئاسة للحوار الأول ثم انسحبت منها، لماذا؟.. وهل هناك مؤشرات ايجابية جعلتك تقبل الحوار الآن؟ الأسباب التي حملتني للانسحاب من الحوار الأول هي ذاتها الاسباب التي حملتني لقبول المشاركة في الحوار الثاني، وقد انسحبنا من الحوار الأول علي خلفية مغايرة تمت في نصين من نصوص قانون الانتخابات، ووافقت علي الحوار الثاني علي خلفية تراجع حزب الاغلبية عن هذه المغايرة والعودة إلي النصين الاصليين، اللذين كانا قد سبق الاتفاق عليهما مع كل القوي الوطنية في الحوار، وعندما انتفي سبب الانسحاب عدت ببساطة شديدة. من يراهنون علي الحكم العسكري يخونون الثورة إيجابية الحوار وهل تعتقد أن الحوار الذي لم تحضره جبهة الانقاذ ستكون له نتائج إيجابية ستساعد في حل الأزمة الراهنة؟ أعتقد أن الحوار في حد ذاته دائما إيجابي، وقيمة فكرية وقيمة وطنية يجب ان نعطيها من القدسية والاحترام يجعل منها أرفع من المشاركين وشكلهم.. والمشاركة في أي حوار يمكن أن تتغير بالتقدم أو التقهقر، ولكن يبقي دائما للحوار قيمته، ولن يختزل هذه القيمة مشاركة شخص أو إحجام شخص، ولكن يبقي ان الجميع يتمني أن أي حوار وطني تشارك فيه كل الفصائل الوطنية الراغبة في الوصول إلي حلول أو رؤية مشتركة لتجاوز الأزمة. ولكن هل تعتقد أن غياب جبهة الانقاذ عن الحوار يضعف من اهميته كحوار وطني ويضع نتائجه في مهب الريح؟ دعني أقول لك وبوضوح أن جبهة الانقاذ هي طرف مهم من بين اطرف متعددة لها وجود في الحياة السياسية ولها تأثير علي الرأي العام في مصر، وأهميتها تأتي من انها تجمع مكونات مختلفة وليست موحدة هذه المكونات السياسية المختلفة هي في لحظة اتحاد الآن وهذا يعطي للجبهة زخما وقيمة لكن بعد فترة لابد أن نفكر في طريقة أخري لتقييم الكيانات السياسية المختلفة. وأنا أعتقد أن الجبهة لم تختبر بعد وهي حالة من النوايا الطيبة التي أبدتها مجموعة من الاحزاب ان تجلس معا في مكان واحد، المنتج الذي خرج حتي الآن لا نستطيع الحكم عليه فنحن لم نر برنامجا انتخابيا واضحاً أو واحداً لم نر بدائل حقيقية سواء كأشخاص أو كبرامج للوضع الحالي الذي لا نرضي عنه، ولا نقبل باستمراره لمدة طويلة، وأعتقد أن الجبهة في حاجة لان تبرز منتجها السياسي والبرامجي لنستطيع ان نقول ان الجبهة هي المعارضة الاولي أو الوحيدة في مصر أو أنها جزء من هذه المعارضة. كيف تري رفض جبهة الانقاذ لدعوات الحوار المتكررة من الرئاسة خاصة الدعوة الاخيرة؟ في الحقيقة لانريد أن نظلم الجبهة ونقول أنها رفضت الحوار من الاساس، فالجبهة شاركت في حوار منفرد، فرموزها جلسوا مع الرئيس منفردين وبعد اسبوع رفضوا الجلوس مع الرئيس ربما مجتمعين أو مع آخرين، بعد ذلك رفضوا مرة أخري الاسبوع الماضي، أن يجلسوا مع الرئيس واليوم نقرأ مبادرات تشير أنهم يقبلون بالجلوس مع الرئيس، وهنا اصبح الموقف ملتبسا جدا بالنسبة لي ولا أستطيع أن أحدد أسباب هذا التباين. دعوة لثورة جديدة وكيف تري تهديد جبهة الانقاذ بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة؟.. وهل لها الحق في ذلك؟ فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة فكرة شديدة البساطة شديدة السذاجة احيانا، لانها خارج دائرة الدستور، والذي يدعو لمثل هذه الانتخابات لابد أن يعطينا تصورا دستوريا لمثل هذه الأمور، فالدعوة لاسقاط الدستور وانتخابات جديدة هي دعوة لثورة جديدة .. وعلي من يدعو لذلك ان يختصر الطريق ولايجهدنا ويجهد نفسه في مسارات متعددة، ومن يريد أن يسقط كل شئ عليه أن يعلن أنه يدعو للثورة، وربما يكون صاحب حق في هذه الدعوة، ونسانده أو لا هذه مسألة أخري، لكن ان تتم الدعوة بهذه السبل المتعرجة أعتقد أنها تزيد من غموض الموقف وليس من وضوحه. يري البعض ان جبهة الانقاذ كل همها الآن النيل من الرئيس والاسلاميين فقط دون النظر لمصلحة الوطن.. ما رأيك في ذلك؟ إذا كان هذا موقف الجبهة وإن كنت غير متأكد من ذلك فأنا أعتقد أن هذا حقها أن تمارسه بالطرق الشرعية، وليس بالضرورة أن نتفق معها في هذا أو نختلف. الرهان الخاسر كنت من مؤسسي جبهة الانقاذ في البداية، ولكن لم نعد نراك معهم منذ فترة.. لماذا؟ بالفعل كنا من مؤسسي الجبهة، ولكننا لم نعد مشاركين فيها الآن، وأنا شخصيا أقول انني ليس لدي مانع أبدا من معاودة التواصل مع الجبهة والاتصال بها والتنسيق معها، شريطة أن تحدد موقفها من خمسة أمور.. ونريد موقفا واضحا من فكرة الحوار كمبدأ هل نحن أهل حوار أم أننا غير ذلك؟.. وكذلك الموقف من الحكم العسكري هل نحن مؤمنون بمدنية الدولة أم بعسكرة الدولة، لانني أشتم رائحة لا أستريح لها اطلاقا من بعض التصرفات والتصريحات التي تزج الجيش في غير موضعه، وهذا يناهض قيمة أرستها الثورة وهي مدنية الدولة، وأنا أعتقد أن بعض الاحداث التي و قعت وشهدت قدراً من التزيد والمبالغة والشطط تخفي وراءها نوايا ورغبات في عودة الحكم العسكري لمصر، وان البعض بقدر من التبجح بات يصارح بهذا ويراهن عليه بشكل معلن وبغير خجل، وأنا أري ان انسحاب بعض القوي من التفاوض الذي كان يتم لتشكيل الجمعية التأسيسية الثانية، جاء علي خلفية معلومات و رغبات وتوقعات ان الجيش سيستولي علي السلطة بعد صدور حكم بحل مجلس الشعب، ورفض البعض الدخول في الجمعية التأسيسية بدعوي ان هذه التأسيسية ستدعم الجانب المدني أيا كان في مواجهة الجانب العسكري، الذي يرون أن هناك حتمية لعودته لصدارة المشهد.. والرهان علي الحكم العسكري خيانة للثورة، وأنا أتهم المراهنين علي حكم العسكر أنهم يخونون مبادئ الثورة، ولو تخلص الجميع من هذا الهاجس، وهذه الأمنية التي تعبث بعقولهم سنصل الي حلول عاجلة لهذه الازمة الآنية التي نعاني منها. والجيش المصري جيش وطني محترم، يدرك أن دوره الحقيقي الآن هو حماية هذا الوطن وليس لديه مشروع سياسي، وأقول أن الحكم العسكري في المرحلة الانتقالية لم يكن لديه رغبة حقيقية في الاستيلاء علي الحكم، ولكن كانت هناك بعض القوي التي أصابها هذا المرض فكانت ترغب بالنيابة عن الجيش بأن يستمر في الحكم، لكنه كان في غاية الاحترام والالتزام بما وعد به، وبالتالي الجيش بمكونه الجديد ليس لديه هذه الشهوة ولكن هذه الشهوة تراود نفوساً مريضة من القوي المدنية وكان ينبغي أن تحرص أولا وقبل أي شئ علي استمرار الحكم المدني وتداول السلطة بين اطرافه بآليات ديمقراطية وليس الترحم علي عودة الكاب للاستغناء عن العمة. وهل تري تضاربا أحيانا بين قيادات الجبهة في تصريحاتهم تدل علي اختلاف مدارسهم الفكرية؟ في الحقيقة أنا ألاحظ هذا كثيراً، خاصة بين القيادات في الجبهة وبين تصريحات المتحدث الرسمي الزميل حسين عبدالغني الذي أمطرنا كمتحدث باسم الجبهة بتصريحات عجيبة، ورأينا عكسها الآن في مبادرات أعجب، فقد سمعناه يتهم الذين جلسوا مع الرئيس مرسي في الحوار بأنهم جلسوا في صالونات علي جثث الشهداء، وقال نصا أن الذين ذهبوا إلي حوار مع مرسي عبروا بأقدامهم في بحور الدماء، وقال: كيف لأيمن نور أن يصافح مرسي ويده ملوثة بالدماء؟.. والحقيقة نحن نري مبادرات من زعماء الجبهة بعد أقل من 24 ساعة تتحدث عن رغبة هؤلاء الزعماء أن يعبروا بحور الدم ويذهبوا إلي الحوار، وأن يستريحوا علي جثث الشهداء الذين اتهمنا بالجلوس عليها من قبل ولم يفدنا زعماء الجبهة هل سيرتدون قفازات وهم يصافحون الرئيس حتي لا تتلوث أيديهم بدماء الشهداء، أم أنهم قرروا أن يلوثوا أيديهم بها أيضا؟! وكيف تري مبادرة الأزهر الأخيرة التي وقعتم عليها وجميع القوي السياسية وهل يمكن اعتبارها بداية لحل الأزمة؟ لقد شاركنا في الاجتماع الذي دعا اليه شيخ الأزهر الشريف ودعت اليه مجموعة من الشباب الوطني، وأنا أعتبر هذا الاجتماع مؤشرا جيدا جدا ووطنيا نحو إعادة اللحمة الوطنية.. والأزهر الشريف دائما له دور عظيم وكبير في جمع الأمة المصرية في تلك اللحظات الصعبة وخاصة التي نمر بها الان والتي أصفها بأنها أسوأ لحظات الوطن بعد قيام الثورة.. وقد استشعر الأزهر الشريف بدوره الوطني والتاريخي هذه المهمة لأنه كان دائما وسيظل بيت الأمة واجتمعت فيه كل الأطياف السياسية علي اختلاف وجهاتها السياسية للتوقيع علي هذه المبادرة والتي اتفقنا فيها علي تشكيل لجنة تضم اثني عشر فردا خمسة من الذين شاركوا في الحوار الوطني وخمسة من جبهة الانقاذ واثنان من شباب الثورة لتضع الأسس لحوار وطني جاد وبناء وتضع له اجندة واضحة وضوابط تضمن له جديته وأسسه.. وأنا شخصيا أعتبر هذه المبادرة بداية حقيقية لحلحلة تلك الأزمة والأزهر الشريف بما يملك من مقومات تاريخية مؤهل تماما للقيام بتلك المهمة علي أكمل وجه ووجود الأزهر والكنيسة والقوي السياسية وجميع الأحزاب السياسية يعتبر مؤشرا جيدا من أجل ان نعبر هذه الأزمة الصعبة.