الشاعر سيد حجاب فى لحظة حب مع الجمهور كان وجوده في القاعة الرئيسية بالمعرض كفيلا بأن يجذب كل قاطني المبني إلي حيث هو حتي موظفي الأمن قد تركوا عملهم غير عابئين لمجرد الإنصات لشاعر سيطر علي القلوب بحلاوة روحه قبل أن يسيطر علي الآذان بجمال شعره. قدمه د. أحمد مجاهد ئيس الهيئة العامة للكتاب بكلمات بسيطة، قال: "حقيقة لا أعرف كيف أقدم شاعرا كبيرا وانسانا عظيما وثائرا ومناضلا؟!،". تحية حجاب إلي الجمهور كان نصّها: "مساء الخير، والحق، والجمال، ونلتقي علي عشق وطن نحلم به حرا مستنيرا عادلا.. نلتقي علي الانتماء لهذه الانسانية العبقرية التي بلغت رشدها ودخلت الي عصر الحكمة في ثورة المعلوماتية نحن ننطلق الآن في اتجاه جنة الحكمة الارضية فالحمد لله الذي اورثنا الارض نتبوأ فيها من الجنة حيث نشاء".. وقال حجاب "أنا شاعر علي باب الله والوطن والانسانية، والله عندي هو الحق، والوطن هو الخير العام الذي يجب ان نتقاسمه معا بعدالة ورحمة، والإنسانية هي الجمال والسعي الي الكمال فالله خلقنا في احسن تقويم.. نحن أجمل مخلوقات الله.. وأضاف: "ولدت في نهاية الحرب العالمية الثانية، علي ضفاف بحيرة المنزلة، ولذلك فأنا أنتمي إلي اسر الصيادين المتعلمين، درس والدي لبعض سنوات في الأزهر وعمل موظفا صغيرا، واستطاع أن ينشأ مكتبة أتيح لي في طفولتي أن أنهل منها خاصة في أوقات حظر التجول أثناء انتشار مرض الكوليرا عام 1947 كانوا يقولون إن والدي شاعر في صباه، وحين كبرت ادركت ان همّ الحياة ابعده عن الشعر. عرف "أبويا" من شقيقاتي أنني أكتب الشعر وطلب أن يسمع مني فقرأت عليه بعض قصائدي، فقال لي "إنت شاعر بالسليقة، أعطاك الله هذه الموهبة لتحمده عليها ولحظتئذ فهمت أن لعبة الشعر وظيفتها الحمد، ونصحني بثقل الموهبة بالدرس، واعطاني دروسا في العروض وانا في سن 11 سنة وكان يستخدم في تعليمي طريقة الأزهريين القدامي. بدأت خطواتي الشعرية علي عادة تربوية اننا نقدس الفصحي ولا نري العامية ابداعا، بينما أعيش في وسط كله يغني بالعامية. وأكد حجاب أن الشعر ديوان العرب والغناء ديوان المصريين؛ نغني في كل لحظة فالغناء حولي في كل مكان ويتسرب لوجداني في الوقت الذي كان الشعر هو ما كتب باللغة الفصحي باعتبارها اللغة المقدسة ولغة القرن.. وأضاف حجاب: في المرحلة التقيت هناك بالأستاذ شحاته سليم نصر مدرس الرسم وهي المادة التي تحولت حينها إلي هوايات، وكان مسئولا عن الانشطة الرياضية، وكنت العب السلة، وكرة اليد والسباحة وأمثل المنطقة في هذه الالعاب وخاصة "الباسكت"رغم قصر قامتي. ونشرت شعري في مجلة الحائط المدرسية وعرضت كتاباتي علي الأستاذ شحاته (بعد أن طلبها مني) وهو من جيل حسن فؤاد المفكر، فتعلمت منه درسا مهما، حين رجع إلي بعد مرور عدة أيام يقول "حبيت شعرك، انا مبعرفش في الشعر، والأستاذ عبد الكافي مدرس اللغة العربية أكد أنه موزون ومقفي.. انت تكتب عن مشاعرك.. لكن لو اتحبست فيها هتعرف إن مشاعر الإنسان محدودة، ممكن يكتب في المرة الاولي حاجة حلوة الثانية احلي والثالثة هيبقي صنايعي!!.. حواليك 30 الف صياد جوه كل واحد فيهم 10 قصايد مش لاقيين يكتبوهم، "كأنه فتح أمامي كنزا ولا كنز علي بابا". وكنت من الفرع المتعلم لاسرة صيادين، أعيش في مربع المتعلمين والجزء الثاني فبدأت أدخل البيوت و"أسرح" معهم في البحيرة ووجدت ما شاور عليه الأستاذ شحاته. وقال: "وما لاحظته علي الواقع أن الناس تقدس الفصحي وتحتقر العامية، ولكني حين قرأت ليوسف إدريس، والشاروني، وحقي، أكتشفت أنهم يكتبون السرد بالفصحي والحوار بالعامية ففعلت مثلهم وابدعت قصائد السرد فيها بالفصحي والحوار بالعامية وضاقت بي الفصحي فكتبت قصائد كاملة بالعامية.. ويعترف حجاب بولعه ببيرم التونسي وكيف كان يذهب إلي قهوة باب اللوق خصيصا يقول: ظهر بيرم فجأة فوجدته مشاكسا اشيب وخصلة من شعره تتدلي علي جبينه و"يشاكل دبان وشه" فخفت وشربت الليمون وانصرفت.. وتحدث عن صلاح جاهين وفؤاد قاعود الذي قدمه إليه وقال: تعلمت درسا انسانيا خالصا من جاهين وأنا أشاهده يجلس إلي سليمان جميل الذي يلحن "مصرع لومومبا" لحجازي.. أحسست أن الرجل يضع نفسه في موقع المسئولية ويعلو بالجمال أينما كان، وفي الاستراحة قدمني فؤاد، فقرأت أول قصيدة عليه، وبعد أن سمعها تجهم، وصمت، فطلب فؤاد أن القي واحدة أخري ففعلت، وبعد الثالثة راقبت صلاح جاهين وهو ياخد فؤاد بالحضن ويدور به في الحجرة ويقول له: "بقينا كتير يا فؤاد".. وبالشعر يختتم حجاب ندوته، استمع الجمهور إلي ثالث قصائد منه أهدي فيها "صحبة ورد لاحلي صحبة" إلي روح عمار الشريعي.. وعن سر ابتعاد حجاب عن اتحاد الكتاب قال: اتحاد الكتاب أول ما تأسس كان يرأسه ثروت أباظة، وظللت اقدم طلب الانتماء له ويطلب مني التزكية من عضوي الاتحاد، وكان من العبث الالحاح علي هذه العضوية إلي أن وجد في مجلس الادارة بهاء طاهر وزكاني، وكان لي من الانجازات ما يزكيني اكثر من مجلس إدارة الاتحاد الذي اشعر أنه اتحاد شكلي لا يلعب شيئا في حياتنا ولا يضيف شيئا للأدب.