المستشار هشام القرموطى المستشار هشام القرموطي.. في حوار مع »أخبار اليوم«: المجتمع سيدفع ثمناً باهظاً لو استمر الصراع بين أعضاء الهيئات القضائية المستشار هشام القرموطي.. رجل قضاء من طراز فريد، يحب العمل في صمت ويكره الاضواء، ويؤمن ان تحقيق العدالة لجميع المواطنين يجب أن يكون الهدف الأسمي لرجال القضاء.. كما يؤمن أن القضاء هو آخر القلاع الحصينة بالدولة وأن انهياره هو تدمير لمصر ولنهضتها. قرر المستشار هشام القرموطي ان يكون أول حوار له مع وسائل الإعلام بعد توليه منصب المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة العليا مع »أخبار اليوم«، والتي واجهته بكل القضايا المثارة علي الساحة، بدءاً بأزمة النائب العام والصراع بين الهيئات القضائية والاختلاف بين دور نيابة حماية الثورة ونيابة أمن الدولة العليا، وأيضا تفاصيل الخلية الارهابية التي تم ضبطها بمدينة نصر. فتح المستشار هشام القرموطي قلبه وعقله »لأخبار اليوم«، وكان هذا الحوار. نبدأ بنيابة حماية الثورة.. فهل تتبع نيابات أمن الدولة؟ نيابة حماية الثورة أنشئت منذ أسابيع قليلة جداً، بعد الموافقة علي الدستور وهي بعيدة في عملها عن عمل نيابات أمن الدولة تماماً، فنحن لنا دور معين في عملنا القضائي، وحماية الثورة لها دور محدد بفترة معينة ويدور حول ملف لجنتي تقصي الحقائق الأولي والثانية، ويرأسها المستشار عمرو فوزي المحامي العام الأول والغرض من تكوينها التحقيق في كل ما ورد من أدلة وأقوال وبراهين وقرائن وشواهد وشخصيات وشهود، في تقارير لجنتي تقصي الحقائق للوصول إلي كشف أدلة جديدة لمحاسبة كل المتورطين في قتل الثوار واصابتهم، خاصة ان الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية قد أكد أكثر من مرة أن دم الشهداء لن يضيع هدراً وسوف تحاسب الدولة كل مجرم قاتل ارتكب جرما خلال ثورة 52 يناير، ولهذا سعي المستشار طلعت عبدالله النائب العام إلي تشكيل هذه النيابة لإعطاء الحق لاصحابة والوصوله إلي الحقيقة بالعدل والنزاهة والشفافية والاستقلالية التامة. قتلة الثوار وهل كان في استطاعة نيابات أمن الدولة ان تقوم بدور نيابة حماية الثورة؟ أصبحت نيابات أمن الدولة مثقلة بأعباء كثيرة ومرهقة، وهو شرف لنا أن نقيم العدل والعمل علي بسطه بالقانون، فنيابة حماية الثورة تختص بملف مهم وحيوي للشعب كله وهو ملف قتل الثوار، واصابة الآلاف من المواطنين الذين يبحثون عن أخذ حقهم الشرعي من الذين ارتكبوا هذه الجرائم، لذا تم إطلاق مسمي حماية الثورة علي هذه النيابة وهي نيابة تحاول الكشف عن هوية الشخصيات التي مارست القتل والبلطجة أيام الثورة، ولذا تحتاج إلي حرفية وتركيز وتفرغ كامل يكشف عن قتله الثوار في اسرع وقت، بالادلة والقرائن الدامغة بينما نيابات أمن الدولة عليها هي الأخري أعباء كثيرة بسبب انتشار وتواجد الخلايا الارهابية التي كانت نائمة ثم استيقظت، وتحاول فرض سطوتها بقوة السلاح وهذا ما جعل نيابات أمن الدولة في عمل مستمر صباحا ومساء لدرجة اننا في أوقات كثيرة تظل في تحقيق واحد مثلا لاكثر من 42 ساعة أو 27 ساعة متواصلة لتشعب التحقيقات وتداخل الجهات المساندة والمعاونة لنا في القبض علي هذه الخلايا الارهابية والمتشابكة.. بسرعة وقبل هروبها والسيطرة عليها من خلال الأمن!! وبالمناسبة.. إلي إين وصلت التحقيقات في خلية مدينة نصر؟ خلية مدينة نصر تعتبر من أخطر الخلايا الإرهابية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، لاعتماد عناصرها علي استخدام العنف والبطش واستخدام الاسلحة والمفرقعات والذخائر الحديثة جدا بواسطة أحدث وسائل العصر من الاتصال الالكتروني، وهذا يجعلنا نحقق مع العناصر المقبوض عليها يوميا وبشكل متصل حتي نصل إلي باقي عناصر التمويل وقادة هذه الخلية الخطيرة، لكونهم مجموعات تنظيمية شديدة الارتباط والخطورة وعناصره متعددة في اماكن مختلفة، ويعملون بهدف تكفير المجتمع والنظام والدولة، لذا قمنا بالتحقيق مع هذه العناصر بصفة يومية وبشكل مستمر حتي نلاحق الهاربين وأحمد الله أن التقارير الأمنية وتقارير أخري وردت إلينا سوف تساعدنا خلال الفترة القادمة في الكشف عن العناصر التي مولت، خلية مدينة نصر مالياً وبالسلاح، وبعدها سنقدمهم للمحاكمة الجنائية حسب القانون وعددهم أكثر من 62 متهما. النائب ممثل الشعب يتردد أن المستشار طلعت عبدالله النائب العام الجديد يتدخل في سير التحقيقات داخل النيابات.. فهل يتدخل في عملك! يصمت المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة العليا فترة من الوقت ويقول في ثقة: النائب العام الجليل والنزية يتابع كل ما يجري داخل نيابات جمهورية مصر، وهو حقه الذي كفله الدستور والقانون وضمير القاضي فهو ممثل الشعب الذي يدافع عن كل مظلوم ويعيد الحق لأصحاب الحقوق فالنائب العام من حقه ان يتابع ويوجه ويرشد ويناقش، ويأمر، لكون سلطته هكذا حسب قانون السلطة القضائية، فالنائب العام صاحب الاختصاص الشرعي والأصيل في معرفة ما يجري داخل النيابات، فهو يمثل المجتمع كله، ودوره في تحريك الدعاوي الجنائية دور في الاشراف علي السجون وتنفيذ الاحكام الجنائية وتحصيل وحفظ وصرف الغرامات المقررة بالقوانين ورعاية عديمة الاهلية وغيرها فمنصب النائب العام منصب مرموق مهم وحساس للغاية، وحسب ظني ان المستشار طلعت عبدالله يتمتع بنزاهة وشفافية وحيادية واخلاق واستقلالية لا مثيل لها، فهو قاض جليل وله سمعة طيبة. صاحب سلطة النيابة ولكنك لم تجب هل يتدخل النائب العام في عمل نيابات أمن الدولة؟ كما قلت لك من حق، النائب العام متابعة ما يجري داخل النيابات، لأنه صاحب السلطة في معرفة ما يدور داخل النيابات لانه صاحب السلطة في معرفة ما يدور داخلها من بلاغات وتحقيقات، وهو بالفعل يتفاعل معنا بصفة مستمرة ويرشدنا دائما إلي الكثير من الحقائق وتستفيد من خبرته الطويلة.. وأنا في قمة اندهاشي وأتساءل: هل من الممكن ان يكون هناك ناظر مدرسة لا يعرف ما يدور داخل الفصول؟.. هل من الممكن ان يكون هناك صاحب مصنع غير ملم بالانتاج أو عماله أو توزيع بضاعته؟.. هل من الممكن أن يكون هناك قائد يدير معركة أمنية أو عسكرية، وهو لا يعرف نوعية السلاح الذي معه، أو طبيعة الأرض التي ستدار عليها المعركة. وأضاف القرموطي: أنا في قمة الاستغراب من الذين يطلقون الشائعات حول النائب العام الجديد، بغرض تعطيل عمله وايقاف مسيرته القضائية، فهو من حقه أن يوجه ويرشد الجميع إلي الطريق الأمثل، ولكن لا يفرض شيئا.. لأنه كما قلت قاض جليل ونزية ويتمتع باستقلالية وسمعة طبية للغاية وبالحكمة والحيادية. الثورة والنائب العام ولكن الرئاسة هي التي جاءت بالنائب العام الجديد.. فهل ذلك يصب في غير صالحه؟ وما العيب في ذلك؟.. الحياة كلها ظروف وأقدار، وفي يقيني أنه الرجل المناسب الذي جاء في المكان المناسب، هو لم يختر شيئا، ولم يحدد مكاناً أو موقعا في يوم من الأيام، ولكن القدر وضعه في ظل ظروف قاسية، لم يكن له دخل فيها، ومع ذلك فهو صامد وصلب يحاول أن يعمل في صمت.. ولن يترك مجرمام يفر بجريمته، ولن يترك مظلوما يئن من الظلم الذي تعرض له أو فاسداً يزداد فساداً، فهو قاض محارب. بمناسبة الثورة علي الفساد.. هل هناك تفرقة في التحقيقات بين رموز النظام السابق والتحقيق مع المواطنين العاديين؟ أي عضو بالهيئة القضائية سواء كان وكيلا للنائب العام أو قاضيا أو مفتشا قضائيا يتعاملون مع الجميع بالضمير.. فضمير القاضي واستقلاليته هما أساس عمله القضائي، وليس هناك أدني فرق بين وزير أو ابن وزير وأي مواطن عادي »غلبان«.. الكل عندي داخل سرايا النيابة سواسية لا فرق بينهما في أي شيء، ويحكمني ضميري، فأنا أدير عملي بما لدي من أوراق ومستندات وقرائن وأدلة وبراهين، ولا أسير في عملي وراء أسماء لشخصيات، فالقضاء بحمد الله مازال بخير. القضاء مستقل وهل القضاء مستقل بالفعل بعد ثورة 52 يناير؟ القضاء مستقل بنص دستور »1791« والذي ورد بالمادة »561« ونص علي أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم علي اختلاف أنواعها ودرجاتها، وعندما يكون القضاء مستقلا سوف تتحقق أهم مقومات الدولة الديمقراطية، يحقق الأمن لأنه يطبق القانون علي الجميع دون تمييز، كما أنه يحقق الامان اللازم لتحقيق أي تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو أي خطط تنموية. طموح للأمام وهل يمكن أن يتغير اسم نيابات أمن الدولة، بعد ان تغير اسم أمن الدولة بالداخلية وأصبح الأمن الوطني؟ نيابات أمن الدولة انشئت في عام 4591 بمسميات كثيرة والعبرة ليست بالاسم وإنما بمضمون ما يجري داخل هذه النيابات من تحقيقات مهمة، والمحافظة علي أمن وأمان وسلامة المجتمع.. والمهم من وجهة نظري هو الدور الوطني الذي يقوم به اعضاء نيابات أمن الدولة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، وكثرة الدعاوي والشكاوي والاتهامات والشائعات والبلاغات، ومعها زاد العبء علي نيابات أمن الدولة بسبب زيادة نسبة الجرائم، وتغيير النمط السلوكي والانفلات الأخلاقي من البعض، وكذلك ظهور شعارات رنانة فارغة أدت إلي خلق نوع من الانفلات الخلقي الذي أثر علي المجتمع بالسلب في بعض مناحي الحياة، وساعدهم في ذلك انتشار الوسائل الإعلامية بالقضاء الخارجي والتي تتكلم حسب أهوائها واتجاهاتها. سلطات الدولة وهل تري أن الإعلام المرئي بالذات ساهم في تشويه القضاء ايضا؟ للأسف الشديد الإعلام المرئي كان له الدور الأعظم في تشوية القضاء خلال الآونة الأخيرة مستغلا الانفلات الاخلاقي الذي ساد البلاد، وقد قام البعض بهذا الدور السييء عن قصد، والبعض الآخر قام به بعفوية وبحسن نية، دون ان يعلم خطورة ما يبديه من آراء.. ورأينا أعضاء سابقين بالهيئات القضائية يتفرغون للرد علي بعضهم ويناقشون أحكام القضاء وهذا ليس في صالح رجال القضاء وليس في صالح القضاء الشامخ، فالقضاء سلطة من سلطات الدولة الثلاث، يقف علي قدم المساواة مع السلطتين الأخريين، ومن يريد تشوية القضاء بعد ثورة 52 يناير هو في الحقيقة شخص مغرض يريد هدم الدولة، لأن القضاء هو آخر القلاع الحصينة في هذه الدولة، وإذا انهارت انهارت الدولة بأكملها، ولن تقوم لها قائمة إلا بعد مائة سنة أو يزيد. الشخصية المصرية يبقي أن أسالك عن الافعال والاحداث العنيفة التي حدثت خلال ثورة 52 يناير وماتبعها من عنف.. كيف تراها؟ أصارحك القول أن الافعال التي وقعت خلال »52 يناير 1102« مثل القتل العمد والشروع فيه وأعمال العنف من سلب المحلات التجارية والسرقة والبلطجة وتحطيم بعض المنشآت وأدت لإصابات علي درجة بالغة من الخطورة، يمكن أن نقول أنها جديدة علي الشخصية المصرية التي كانت طيبة، واظن أن الشخصية المصرية ستعود إلي عهدها بعد فترة فهي كانت عنيفة بفعل الاحداث وستقود إلي طيبتها وسماحتها والمعتادة. وما رأيك في اضراب بعض القضاة ورجال العدل عن العمل؟ ضراب القاضي ممنوع، القانون والمواثيق الدولة.. ولو استمر هذا الوضع ستضيع هيبة القضاء. وهل تري ضرورة لتغليظ العقوبات أكثر لوقف العنف والإرهاب السائد الآن؟ أقولها من خلال المنطق والعقل وبحكم موقعي ان تغليظ العقوبات ليس هو الأسلوب الأمثل لمواجهة عناصر الجرائم الإرهابية، لأن معظم مرتكبي هذه الجرائم انتحاريون وتنتهي بمصرع مرتكبيها، فهل تتوقع من أي أرهابي يدفع بحياته في سبيل تنفيذ مهمته ان يخشي من أي عقوبة تنتظره مهما كانت؟.. ومصر منذ القدم لها ينظيم قانوني راق ومتقدم، وعرف باسم القانون المصري الفرعوني، فالقانون منذ القدم موجود، ولكن المطلوب بحق شيء من التركيز علي المواطن نفسه والنهوض به، وهذا لن يأتي إلا في ظل الاستقرار والعمل ودفع عجلة التنمية في جميع المجالات.