سيدي الرئيس.. لقد شاءت الظروف أن أتوجه في الواحدة صباحا ليلة 28 يناير 2011 أي بعد بدء ثورة 25 يناير بثلاثة أيام والتي تعرف " بجمعة الغضب " في مداخلة علي الهواء لمدة نصف ساعة علي قناة الأون تي في وهذه المداخلة مازالت موجود علي اليوتويوب لمن يريد أن يشاهدها قلت في خطاب مفتوح للرئيس المخلوع حسني مبارك عندما سألتني المذيعة عن تقييمي لما يحدث في مصر الآن وماذا أتوقع غدا في هذه الجمعة؟ قلت أن النظام الحاكم في مصر الآن أصبحت قراراته تأتي كرد فعل فقط في مواجهة مطالب الجماهير بعد أن تتفاقم الأمور وتأتي قرارات الحكومة في هذا النظام متأخرة بعد أن تكون الأمور قد تفاقمت بسبب تجاهلها لمثل هذه المطالب، وأضفت قائلا: لذا أطلب من الرئيس حسني مبارك أن يظهر علي شاشات التليفزيون غدا الجمعة في الحادية عشرة صباحا ويعلن للجميع أنه لن يرشح نفسه مرة أخري للرئاسة، وأن يعلن أيضا أن نجله جمال مبارك لن يترشح للرئاسة، وأن يؤكد للجماهير أنه سيبدأ في إتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل الدستور الحالي وإلغاء المادة 76 / 77 والتي تكرس مبدأ التوريث لنجله، وأن يعلن أنه قد يقضي بحل مجلس الشعب والشوري إذا ثبت أن هناك شبهة تزوير قد شابت إنتخاباته الأخيرة وأضفت قائلا: أقول هذا للرئيس مبارك قبل أن تتفاقم الأمور ويعلو سقف مطالبات المظاهرات التي تفجرت أول أمس يوم 25 يناير وقلت: إذا فعل ذلك غدا قبل بداية تظاهرات جمعة الغضب هذه فقد تتقبل هذه الجماهير منه مثل هذه الإجراءات الإصلاحية، أما إذا تأخر عن ذلك فقد تتطور الأمور إلي الأسوأ وللأسف لم تكن هناك إستجابة من مبارك وقتها لمثل هذه الدعوات وجاءت جمعة الغضب وعندما خرج في وقت متأخر من الليل ليعلن بعض القرارات القريبة مما ناديت به لم يتقبلها الناس لأنها جاءت متأخرة ونحمد الله أنه قد تأخر في رد فعله وقتها لتكمل الثورة مشوارها 0 لكنك يادكتور مرسي أنت لست مثل حسني مبارك، لأنك أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر من خلال إنتخابات حرة مباشرة وتحت إشراف قضائي كامل، ونحن نسعد بذلك، وهناك عقد بيننا وبينك تلتزم فيه بإحترام الدستور والقانون الذي أقسمت عليه أمام المحكمة الدستورية العليا وأمامنا، وأن تكون رئيسا لكل المصريين وليس لفصيل واحد كما ظهر مؤخرا لدي الكثيرين، وأنا لن أعيد مرة أخري التحفظات والإعتراضات علي الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدرته وإن كنت أنا من مؤيدي هذه الإعتراضات بعد أن قسم هذا الإعلان المجتمع المصري إلي فريقين متناحرين، لكنني أناشدك أن تستمع لصوت العقل وأن تقوم بسحب هذا الإعلان الذي يري الكثيرون أنه غير دستوري خاصة عندما تجد قضاة مصر قد رفضوه وقرروا تعليق أعمال التقاضي علي مستوي كل محاكم مصر لحين إلغاء هذا الإعلان الذي يرون فيه أن أهدر إستقلال السلطة القضائية كما خرجت مئات الآلاف من مختلف التيارات لرفضه ومساندة موقف القضاء أيضا، لو فعلت ذلك سيدي الرئيس سيحسب ذلك لك وليس عليك، وأرجو ألا تأخذك العزة بالإثم خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمستقبل البلاد، وألا تسمح سيدي الرئيس بمن يقوم بسكب الزيت علي النار من جماعة الإخوان المسلمين الذين يريدون أن يخرجوا في تظاهرات لتأييدك بإعتبارك أنك منهم دون أن يراعوا تداعيات ماسيحدث جراء ذلك من صدامات قد يسقط فيها الكثيرون وأنت أقسمت بألا تسمح بألا يراق دم مصري في مثل هذه الأمور 0 كما أن التظاهرات تكون للمعارضة التي لاحول لها ولاقوة لتعبر عن رأيها وليس لممثلي الحزب الحاكم الذي بيده كل شئ، سيدي الرئيس لاتتوقع أن يتم في ظل هذه الأجواء المحتقنة إصدار دستور دائم لمصر حتي لو كان الذي سيعرض علي الناس من أفضل دساتير العالم بعد أن تشكك الكثيرون أنه قد تم " سلق " هذا الدستور في الجمعية التأسيسية خلال الساعات القليلة الماضية، ولاتتوقع سيدي الرئيس أن يكون هناك إشراف قضائي علي أي إستفتاء قادم، وقد تتفاقم الأمور ويزداد سقف المطالبات للقوي التي تري أنك لاتعير طلباتها أي إهتمام 0 سيدي الرئيس أقترح عليك للخروج من هذه الأزمة أن تجمع الفرقاء وتطرح عليهم إمكانية أن نعيد دستور 1971 بشكل مؤقت بعد إزالة المواد التي كان هناك خلاف شديد عليها والتي كانت خاصة بتكريس مبدأ التوريث وسلطات رئيس الدولة لأن بقية مواد هذا الدستور لاخلاف عليها بعد ذلك وأن نقوم بإستفتاء الشعب عليه، ونبدأ العمل به فورا ولمدة ثلاث أو أربع سنوات حتي ننتهي علي مهل وفي جو صحي من إعداد دستور دائم لمصر بتوافق حقيقي، ونبدأ في إجراء إنتخابات مجلس الشعب لنستكمل بناء مؤسسات الدولة، أما في هذا الجو المنذر بالخطر فلا أمل أن تستقر الأمور أو تجري إنتخابات تشريعية أو إستفتاءات بل ستزداد الأمور سوءا إذا إستمرت ظاهرة الإستقواء وإستعراض القوة والتشكيك والوصم بالخيانة والتآمر لكل من يعارضك أو يعارض جماعة الإخوان المسلمين كما يحدث الآن.