الحمد لله ان محكمة جنح مستأنف منشأة ناصر برأت اللواء محمود ياسين نائب محافظ القاهرة من تهمة القتل الخطأ ل 55 شخصا.. والإصابة الخطأ ل 911 اخرين في حادث انهيار صخرة الدويقة.. وألغت الحكم الصادر ضده بالحبس خمس سنوات. حكم البراءة أنصف اللواء محمود ياسين من الإساءة لتاريخه وتشويه سمعته.. ومن اتهامات يمكن ان تطارده بعد العمر الذي أمضاه الرجل في خدمة العمل الأمني بكل جهد وشرف ونزاهة.. استكملها عندما جاء نائبا لمحافظ القاهرة..وعلي مدي سنوات بدأت من عام 9991 حتي الآن.. أدي فيها أعباء وظيفته بكل كفاءة واحترام.. لهذا كان من الظلم ان تتوج مسيرة عمله بالإدانة بالقتل والإصابة الخطأ.. وأن يكون بمثابة كبش الفداء في قضية إنسانية أغضبت الرأي العام.. والمفروض ان الحكومة ووزارة الإسكان بالذات هم المتهمون والمسئولون عن وقوع تلك الجريمة وكل ما ترتب عليها من اهمال جسيم.. وتقاعس في أداء الواجب.. أدي إلي سقوط ضحايا وقتلي من المواطنين البسطاء! المعروف ان المحافظ ونوابه هم الأجهزة المسئولة والمكلفة بتنفيذ خطط وبرامج الحكومة في محافظاتها طبقا لنظام المركزية المعمول به في بلدنا.. وبالتالي فهم غير مسئولين عن تقاعس غيرهم أو اهمالهم في إعداد خطط إزالة العشوائيات ونقل سكانها وتوفير الميزانيات المطلوبه لتنفيذها! وهو ما ترافع به نائب المحافظ اللواء محمود ياسين مدافعا عن نفسه أمام المحكمة موضحاً لها بالمستندات أن كل الاتهامات المنسوبة إليه هي مسئولية آخرين.. ولا تدخل ضمن اختصاصه لأنه ليس مسئولا عن عملية اتخاذ القرار فيما يتعلق بخطط منع البناء في مناطق محددة وإزالة العقارات العشوائية والمخالفة مثل منطقة الدويقة ونقل السكان لأماكن بديلة وتعويضهم. الحقيقة ان الحكم أنصف نائب المحافظ.. لكن الغريب ان تقارير النيابة وحكم المحكمة لم يقتربا من إدانة الحكومة نفسها.. رغم ان انهيار إحدي صخور جبل المقطم فوق مساكن الدويقة في سبتمبر 8002 لم يكن الحادث الأول.. في تلك المنطقة بل سبقه حادث مثيل وقع في عام 3991 عندما سقطت بعض الصخور وقتلت 06 مواطنا ممن بنوا بيوتهم أسفل الجبل! بعدها شكلت الحكومة لجنة من عشر وزارات ومعها مركز بحوث البناء وهيئة المساحة الجيولوجية وفريق من الخبراء.. درسوا المشكلة ووضعوا تقارير بتوصيات واجبة التنفيذ.. وفي مقدمتها ضرورة مراعاة الطبيعة الجيولوجية للمنطقة كأرض رسوبية ضعيفة.. لا تحتمل الكثافة البنائية والعشوائية علي حواف الصخور.. وطالبوا بوضع آسوار وحواجز حول بعض المناطق الخطرة..ومد شبكة صرف صحي تمنع التسرب والضغط علي الصخور. لكن للأسف بعد الحادث الأخير.. اكتشف جهازاً الرقابة الإدارية والمحاسبات ان تلك التوصيات المهمة لم تنفذ.. وأن انهيار صخور المقطم فوق مساكن الدويقة.. حدث نتيجة الاستمرار في سياسة تجاهل الطبيعة الجيولوجية للمنطقة كأرض رسوبية ضعيفة لا تحتمل الكثافة السكانية والعشوائية التي تم بنائها أعلي الهضبة.. وعلي حوافها مباشرة خاصة بعدما بنت الحكومة 0012 وحدة سكنية بالإضافة إلي عدم إنشاء شبكة للصرف الصحي.. وهو ما أدي إلي تسرب مياه الصرف وانهيار الصخرة في منطقة الحادث الذي يقع بالقرب من الأوتوستراد الذي تمر عليه شاحنات النقل الثقيل بكثافة.. ويمكن ان يمثل ذلك عنصرا آخر أكثر خطورة مستقبلا! لذا أتساءل: هل نائب المحافظ كان مسئولا عن تجاهل تقارير الخبراء وعن أخطاء وخطايا الحكومة؟!